لماذا تفجرت المظاهرات في بغداد؟
الشريط الإخباري :
بينما تستمر الضغوط على حكومة رئيس الوزراء العراقي عادل عبد المهدي وتشتد التحديات أمامها، خرجت مظاهرة شعبية في العاصمة بغداد يوم الثلاثاء الأول من أكتوبر/تشرين الأول الجاري تندد بسوء الخدمات وتهتف بمطالب حياتية متعددة خلاصتها أن "الشعب يريد إسقاط النظام".
سبقت هذه المظاهرات أحداث أخرى مثلت الشرارة التي أشعلت الرأي العام كقمع اعتصام لحملة الشهادات العليا، وحدث آخر هو نقل القائد العسكري البارز في جهاز مكافحة الإرهاب عبد الوهاب الساعدي إلى دائرة الإمرة في وزارة الدفاع.
أثار الحدثان حفيظة الجماهير وسخطهم، وهذا ما عبروا عنه في مواقع التواصل الاجتماعي، داعين للاحتشاد في أول أيام الشهر الجاري.
العنف المفرط
لا تختلف هذه المظاهرة عن سابقاتها كثيرا، غير أن الفارق أنها ووجهت بالقوة من قبل القوات الأمنية في اللحظة الأولى لانطلاقها في ساحة التحرير وسط بغداد، مما تسبب في مقتل أربعة متظاهرين الثلاثاء -حسب مفوضية حقوق الإنسان- وإصابة العشرات، الأمر الذي دفع الناس بمناطق أخرى من العاصمة كمدينة الصدر والزعفرانية ومحافظات أخرى إلى الاحتشاد في مظاهرات غاضبة تشارك الأولى بالمطالب وتندد بالقمع الذي تعرضت له.
"اللقمة بلا شرف سكين في الحنجرة"
هكذا أجاب المتظاهر صفاء السراي حين سألناه عن الدافع الذي أتى به إلى ساحة الطيران في الباب الشرقي بمركز بغداد.
أما عن اختلاف هذه المظاهرة عن سابقاتها التي شارك فيها أيضا، فيجيب صفاء بانفعال يحرّكُ يده التي تحمل العلم العراقي "إنها مظاهرة شبابية بامتياز، وخالية من التوجه الحزبي أو الوجوه التي تباعُ وتُشترى".
كغيرها من الظواهر الحياتية في العراق، أثارت هذه المظاهرات جدلا بشأن شرعيتها ونواياها، وسجل عدد من المدونين تحفظهم بشأن أسباب كخلوها من القيادات واعتمادها على الفورة الشعبية، في حين اعتبر آخرون هذا الأمر ميزة للمظاهرات.
يعتقد شيخ عشيرة جشعم والناشط على مواقع التواصل جعفر الجشعمي أن "من شروط المظاهرات المقبولة وجود قيادة تمثلها وتعبر عن آرائها وتنسق حركتها".
ويضيف أن "وجود مطالب مشروعة وواضحة من الشروط الضرورية أيضا"، ويعتبر المظاهرات الحالية "مجهولة القيادة والمطالب".
في حين يرى علي فائز أحد المشاركين في الاحتجاجات، أن مطالب المتظاهرين واضحة وتتمثل في توفير "حياة كريمة وعادلة"، مضيفا -وهو يتحدث للجزيرة نت لاهثا إثر هربه من هراوات رجال الأمن ورصاصهم في منطقة الباب الشرقي- "المطلب الآن، وبعد الاعتداء العنيف على المتظاهرين السلميين، يتمثل في استقالة رئيس الوزراء عبد المهدي ومحاكمة جميع المسؤولين عن هذا العنف".
احتمالات التأثير
لا شك في أن هذه المظاهرة وما تشهده من أحداث وتطورات ستترك أثراً وإن كان طفيفا في المشهد السياسي العراقي، هذا ما يعتقده أستاذ العلوم السياسية في الجامعة المستنصرية الدكتور أثير الجاسور.
ويعتقد البعض أنه قد يكون كبيرا للدرجة التي تعيد حساب الاصطفافات السياسية في المشهد ويترك عبد المهدي يواجه الأزمة عاريا من حلفائه ومسانديه.
ويشير الدكتور الجاسور للجزيرة نت إلى ثلاث صور جديدة تشكّلها هذه المظاهرات، "الأولى هي دلالات عجز النظام عن تلبية الاحتياجات الأساسية للمواطن، والثانية ضعف سيطرة الأحزاب الحاكمة على الشارع، والثالثة ارتفاع الوعي الجماهيري".