لوزير الداخلية .. ابنوا سجونا جديدة..

{clean_title}
الشريط الإخباري :  
فارس الحباشنة 
في عهد اردني ما السجن كان يرمز الى القمع و الاستبداد الامني ، و يرمز السجن الى الاحكام العرفية و الزج بالمناضلين السياسيين في اقبيته . 

و في ذاكرة الاردنيين كلاما اسود و مرعب عن سجن الجفر و المحطة .

و تحدث سياسيون مخضرمون عن سنوات الاعتقال و التوقيف في سجون ما قبل الربيع الديمقراطي الاردني 89 ، والذي هب على الاردن من الجنوب بعد احداث الكرك و معان ، وانطلاق شرارة التحول الديمقراطي الاردني . 

كان السجن في علاقة الدولة و المجتمع مكروها و رمزيته سوداء و سئية .. و رافضو السجون كانوا ينادون بالديمقراطية والعدالة الاجتماعية و التنمية ، و الحكم الرشيد ، وينادون باردن تعددي و تقدمي ، وديمقراطي . 

و اليوم سمعت جدلا حول بناء سجن جديد، و تداول الناس حديثا ظالما و مجحفا في ضرورة واولية بناء سجن جديد و سجون اخرى .. اليوم الاعين على السجون تكبر و تحدق لما توفر السجون من امن و تحمي السلم الاجتماعي .

و لربما لا يخال لمعارضي و منتقدي بناء سجون جديدة ان اصلاح و تأهيل و دمج المساجين في المجتمع يبدأ من تنفيذ العقوبة و عدالة القانون و سيادته .

الجريمة في الاردني يرتفع معدلها ، و قضايا ضبوطات المخدرات يومية.. تجار و مروجين و متعاطين و عصابات تزوير تصنيع للمخدرات و التهريب .. و في تقييم خاطف للجريمة تكتشف ان هناك انحراف جماعي نحو الفعل الجرمي . 

طبعا ، العامل الاقتصادي و المعيشي ضاغط ، و البطالة المتفشية و الظرفية الاقتصادية الصعبة ،و ضيق الامل و فرصة العمل و العيش الكريم .. و السجون تختنق و تضيق بمن فيها ، و اصبح من الضروري حتما بناء سجون جديدة داعمة ومساندة . 

من يظن ان خبر بناء سجن جديد يسيء للاردن ، وقد يظهر الاردن بلدا غير ديمقراطي فهو مخطيء و يجانب الصواب و المنطق العام .. فالحقيقة تقول ان السجن بات ضرورة اجتماعية و اصلاحية جنائية و قانونية ، و اهمية السجن لا تقل عن مدرسة و محكمة ودور رعاية الايتام و كبار السن ، و هو جزء من بنية العدالة المؤسسية التي تشرف على تطبيق القانون و اقامة العدل و حماية الناس و المجتمع من الفوضى و الفتنة و القتل و اي اعتداء . 


في التسعينات كان هناك 8 سجون في الاردن .. و زاد عددها في الالفية الجديدة ، و تم بناء سجون جديدة : ام اللولو و ارمميين ، و سجون اخرى لا اذكرها .. و طبعا تزامن ذلك مع زيادة عداد سكان الاردن ، و من الطبيعي ان تتطور السجون عددا و نوعا . 


امريكا و بريطانيا ام الديمقراطيات كل عام يدشنوا ويوسعوا سجون جديدة .. و بالمناسبة ، لا يوجد دول في العالم سجونها مثالية .. الاكتظاظ عنوان عالمي في عالم السجون ..
 في سجون امريكا يصل الى 150 % واكثر ، وهل يعني ان امريكا دولة قمعية ؟!

لربما ان منظومة العدالة في الاردن خضعت الى مراجعة ، و المشرع الاردني بحث عن بدائل تتلائم مع الواقع للتخفيف من اكتظاظ السجون الاردنية ، و مثل العقوبات البديلة والمجتعمية ، استبدال احكام السجن بالغرامة و استعمال الاسوارة الالكترونية ، و تخفيف الاحكام ، و عقوبات بديلة لا تهز امن و استقرار المجتمع وحقوق الافراد . 


لا ضير ان تخطط الدولة لبناء مزيد من السجون ، و لما في ذلك من حماية للامن و السلم الاجتماعي و عدالة تطبيق القانون و سيادته واحترامه .. و ما دامت سجونا في الاردن ليست مفتوحة للاعتقال السياسي .

و لربما غاب عن سردية المعترضين والمحتجين على بناء سجون جديدة ، الالتفات الى تطوير خدمة مراكز الاصلاح و التأهيل في نومه واكله و شرابه بشروط انسانية ، و ضمان كرامة السجين ، و تأهيله نفسيا لاعادة دمجه بالمجتمع انسانا عاديا وطبيعيا و ليس مجرما . 

في فقه التشريع السجن ليس عقابا و انما هو تربية و اعادة ادماج للسجناء لمصالحتهم مع المجتمع ، و روح العدالة و عقوبة السجن ضمان لعدم تكرار الجريمة .
© جميع الحقوق محفوظة لوكالة الشريط الإخبارية 2024
تصميم و تطوير
Update cookies preferences