بعد انتكاسة 14 مايو.. المعارضة التركية تبدأ جردة حساب
الشريط الإخباري :
إسطنبول ـ "القدس العربي”:
أحدثت نتائج الانتخابات الرئاسية والبرلمانية في تركيا الأحد الماضي هزّة كبيرة في جبهة المعارضة التي كانت تعتقد حتى ليلة 14 مايو أنها قريبة من السلطة والإطاحة بعقدين من حكم حزب العدالة والتنمية بزعامة الرئيس رجب طيب أردوغان.
سعى زعماء التحالف "السداسي” بمن فيهم زعيم المعارضة كمال قليجدار أوغلو إلى محاولة إظهار أن المعارضة قدّمت عرضاً قوياً في الانتخابات لأنها حرمت أردوغان من حسم الانتخابات الرئاسية لصالحه في الجولة الأولى. قال قليجدار أوغلو في خطاب أمام أنصاره فور ظهور النتائج: "رغم كل الافتراءات والشتائم، لم يحصل أردوغان على النتيجة التي كان يتوقعها.. الفوز في الانتخابات لا يكون من الشرفة”. يبدو جانبا من ذلك واقعاً بالفعل لجهة أن البلاد ستُضطر بالفعل إلى خوض جولة إعادة رئاسية في الثامن والعشرين من مايو أيار الجاري بين أردوغان وقليجدار أوغلو بسبب أن الأول لم يتمكّن من تجاوز نسبة الخمسين زائد واحد اللازمة للفوز في الجولة الأولى.
لكنّ الرهانات المرتفعة التي وضعتها المعارضة قبل 14 مايو على الانتخابات، تُسلط الضوء على الإخفاقات بشكل أكبر من النجاح في فرض جولة إعادة على أردوغان. كان قليجدار أوغلو قبل أيام قليلة من الانتخابات يُظهر ثقة بأنه سيحصل على نسبة 60% من الأصوات في الجولة الأولى. كما كانت المعارضة تتوقع أن يُسيطر التحالف السداسي على أكثرية مقاعد البرلمان الجديد. لكنّ أياً من ذلك لم يحصل.
لم يُخفق قليجدار أوغلو فحسب في الفوز من الجولة الأولى، بل وجد نفسه متأخراً عن أردوغان بما يزيد بقليل عن أربع نقاط مئوية، وهو ما يجعل فرصه في الفوز في جولة الإعادة محدودة. يقول الصحافي التركي مراد يتكين، المعروف بقربه من المعارضة التركية: "من الممكن بالطبع للمتحدثين باسم المعارضة أن يقولوا إن أردوغان لم يُنتخب من الجولة الأولى.. من الواضح أن هذا البحث عن العزاء لن يكون ذا فائدة تُذكر على تحالف الأمة أو جماعات المعارضة الأخرى في الثامن والعشرين من مايو”.
مع بداية الأسبوع، بدأت ارتدادات الانتخابات تظهر بالفعل على تحالف المعارضة وأحزابها. أعلن أورهان أوديغسال استقالته من منصبه كنائب لزعيم حزب "الشعب الجمهوري” لتقنيات المعلومات والاتصالات وأرجع استقالته إلى عدم الإضرار بفرص فوز قليجدار أوغلو في جولة الإعادة الرئاسية.
كما ذكر صحافيون مقربون من حزب الشعب الجمهوري أن اجتماعاً سيُعقد في مقر الحزب خلال الساعات القادمة لوضع استراتيجية لكيفية إدارة الحملة الانتخابية في الأسبوعين المتبقيين لجولة الإعادة. وتحدث موقع "تي 24” الإخباري عن وجود اتجاه داخل الحزب لتولي أكرم إمام أوغلو رئيس بلدية إسطنبول إدارة الحملة الانتخابية قبل جولة الإعادة. يُنظر على نطاق واسع بين جمهور المعارضة إلى أكرم إمام أوغلو على أنه كان سيُشكل تهديداً أكبر لأردوغان لو تم ترشيحه للرئاسة بدلاً من قليجدار أوغلو. حتى مع نجاح قليجدار أوغلو في وقت سابق في فرض تبني ترشيحه للرئاسة على أحزاب التحالف السداسي الأخرى، فإنه حرص على وجود إمام أوغلو ورئيس بلدية أنقرة منصور يافاش في مهرجاناته الانتخابية في مسعى للاستفادة من الحيثية الشعبية التي اكتسباها بعد فوزهما في الانتخابات المحلية قبل 4 سنوات.
عندما ظهرت نتائج الانتخابات مساء الأحد، وقف قادة أحزاب التحالف السداسي جنباً إلى جنب على منصّة لاستعراض الوحدة وإعادة إحياء الأمل في نفوس الناخبين المعارضين وإظهار القدرة على الفوز في جولة الإعادة الرئاسية. قال رئيس حزب الديمقراطية والتقدم علي بابا جان أحد أحزاب التحالف السداسي الثلاثاء: "نتائج 14 مايو مليئة بالأمل ويجب علينا أن لا ننسى أن هناك قرابة 8.5 ملايين شخص لم يدلوا بأصواتهم في الجولة الأولى للانتخابات.. وسنستمع للمواطنين الذين لم يصوتوا لمرشحنا كمال كليجدار أوغلو في الجولة الأولى، ولن نتركه وحيدا، وسيصبح كليجدار أوغلو مساء يوم 28 مايو رئيسنا الثالث عشر”.
مع ذلك، يعتقد الكاتب التركي برهان الدين دوران في مقال نشره بصحيفة "ديلي صباح” الثلاثاء أن أزمة كبيرة تنتظر ائتلاف المعارضة الرئيسي بعد انتهاء جولة الإعادة الرئاسية. ويقول برهان إن المعارضة "تشهداً انهياراً لأن التوقعات التي أثارتها قبل الانتخابات تسببت بإحباط كبير بين الناخبين المؤيدين لها”.
على عكس قليجدار أوغلو الذي يخوض جولة الإعادة الرئاسية في ظل شعور واسع لدى مناصري المعارضة بالانكسار بعد نتائج انتخابات الرابع عشر من مايو، يُظهر أردوغان ثقته الكاملة في تحقيق الفوز. كتب أردوغان الثلاثاء في تغريدة على حسابه في تويتر: "تحالف الجمهور خرج من الامتحان الأول للانتخابات ناصع البياض. وسنقيّم الأيام القادمة بشكل أفضل ومثمر أكثر. وبإذن الله سنجعل يوم 28 مايو بشرى لرؤية قرن تركيا.. وحان الوقت لتتويج النجاح الذي تحقق في انتخابات 14 مايو، بفوز أكبر في الجولة الثانية”.
يُجمع كثير من المحللين على أن النتائج التي حققها التحالف الحاكم في الانتخابات الرئاسية والبرلمانية في 14 مايو ستُساعد أردوغان في خوض جولة الإعادة من منطلق قوة. كون التحالف حصل على أكثرية مقاعد البرلمان، فإن أردوغان سيكون أكثر قدرة من قليجدار أوغلو في جولة الإعادة في إقناع الناخبين بالتصويت له لأنّ فوزه سيعني استقراراً وتجنب صدام بين السلطتين التنفيذية والتشريعية. علاوة على ذلك، فإن قليجدار أوغلو يحتاج ما يقرب من خمس نقاط للفوز في جولة الإعادة، وهي نفس النسبة التي حصل عليها مرشح تحالف "الأجداد” القومي اليميني في الجولة الأولى. مع أن قليجدار أوغلو سيسعى لاستقطاب هذه الكتلة القومية في جولة الإعادة، إلا أن تحالفه مع حزب "الشعوب الديمقراطي” الكردي قد لا يُساعده في ذلك.