المشكلة الأكبر من إضراب المعلمين

{clean_title}
الشريط الإخباري :  
فهد الخيطان
يرى 69 % من المواطنين أن المتضرر الأكبر من إضراب المعلمين الأخير هم طلبة المدارس، حسب استطلاع رأي لمركز الدراسات الاستراتيجية في الجامعة الأردنية.
 
ما إن انتهى الإضراب حتى بدأت أقلام المحللين والساسة تحصي أرباح وخسائر الأطراف المعنية في الأزمة؛ حكومة ونقابة ومعلمين وطلابا وقطاعات أخرى. لكن في غمرة الأزمة وتداعياتها وما خلصت إليه من اتفاق تاريخي لتحسين أجور المعلمين، لم نشهد اهتماما يذكر من مختلف الجهات بمصير برامج إصلاح التعليم التي تشكل صلب المشكلة الأردنية الأكبر، لا بل إن مؤسسات منخرطة في عملية الإصلاح كانت هدفا لهجمات شعبوية مؤذية، يخشى أن تكون مقدمة للإجهاز عليها وعلى برامج تمكين المعلمين وتأهيلهم وخطط تطوير المناهج وأساليب التدريس.
 
الحكومة في بداية الإضراب تمسكت بلاءات كثيرة منها ما يخص ربط العلاوة بتقييم الأداء والمسار المهني وغيرها، لكن الحديث في هذا الأمر تراجع كليا. وعند توقيع الاتفاق مع النقابة لم يرد فيه ما يشير إلى اهتمام رسمي بتثبيت التزامات متبادلة بين الطرفين تضمن السير في عملية الاصلاح، باستثناء النص على حق النقابة بتأسيس أكاديمية لتدريب المعلمين، تلتزم بالشروط والمعايير الموضوعة في هذا الخصوص. وليس هناك ما يمنع في اعتقاد خبراء تربويين من عقد شراكة استراتيجية بين أكاديمية الملكة رانيا لتدريب المعلمين وأكاديمية النقابة الموعودة، فهناك حاجة ماسة
اليوم لتسريع برامج التأهيل والتدريب وتوسيع نطاقها لتشمل أكبر عدد ممكن من المعلمين وفق نسق برامجي واحد.
 
ولدينا اليوم المئات من المعلمين والمعلمات ممن تخرجوا من الأكاديمية واكتسبوا الخبرات الميدانية التي تؤهلهم للعمل كمدربين يمكن الاستعانة بهم من طرف النقابة.
 
دائما ما اعتبرت نقابة المعلمين تحسين الأوضاع المادية لمنتسبيها شرطا لابد منه للارتقاء بالأداء وتطوير القدرات ومخرجات العملية التعليمية. لاخلاف على ذلك وبما أن الاتفاق الأخير مع الحكومة قد أعطى المعلمين ما كانوا يطالبون فيه من حقوق مادية، صار لزاما على النقابة والحكومة أن يعملا معا لتفعيل مبدأ الواجبات مقابل الحقوق، واستثمار الزخم المعنوي في أوساط المعلمين لتنشيط برامج إصلاح التعليم وتطوير القدرات ورفع كفاءة المعلمين في الميدان وإخضاع الأداء لمعايير قياس واضحة وشفافة. بمعنى آخر ترجمة المكتسبات إلى حقائق في الغرف الصفية تنعكس بشكل ملموس على مستوى التعليم في المدارس الحكومية.
 
لا يكفي القول إننا تجاوزنا المشكلة بانتظام العملية التعليمية في المدارس، المشكلة الأكبر هي في مخرجات هذه العملية، التي ماتزال دون المستوى المطلوب ولم نشرع بمعالجتها بشكل جدي بعد.
 
وزارة التربية بهيئتها الحالية تحتاج هي الأخرى لعملية إصلاح واسعة، للتخلص من النمط البيروقراطي المتحكم بمفاصلها والعقليات القديمة التي تكتم أنفاسها، لتواكب المتغيرات وحاجات الإصلاح الملحة، والتحديات التي أفرزها إضراب المعلمين، ومراجعة العلاقة بين مركز الوزارة والمديريات في الميدان، وبناء علاقة صحية ومنفتحة مع النقابة بدون استعلاء وتكبر، وتجسير فجوة الثقة بين الطرفين بوصفهم شركاء أساسيين في العملية التعليمية والتربوية.
 
الغد

© جميع الحقوق محفوظة لوكالة الشريط الإخبارية 2024
تصميم و تطوير
Update cookies preferences