ترمب يتخلى عن حلفائه في المنطقة.. فماذا بعد؟
الشريط الإخباري :
قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترمب انسحاب القوات الأمريكية من شمال سوريا ومن الشرق الأوسط، يعني أن التحالف الروسي الايراني سيحشد قواته لسد الفراغ الذي سيحدث نتيجة لذلك الإنسحاب الذي يشكل تخلّيا صريحا عن الأكراد الذين شكّلوا رأس الحربة في الحرب التي خاضها ترمب ضد تنظيم الدولة الإسلاميّة (داعش) في سورية والعِراق، وبذلك يكون قد تركهم وشأنهم في مُواجهة الهُجوم التركيّ الذي بَدأ قبل أيام قلائل.
لقد شكل إعلان ترامب، صفعة قاسية إلى حُلفائه الآخرين في المنطقة بما فيهم العرب، وربّما الإسرائيليين أيضًا، بعد أن قال في تغريداته المتكررة: إنّ التدخّل في الشرق الأوسط كان أسوَأ قرار اتّخذته الولايات المتحدة في تاريخها مبينا أنّ النّزاعات في الشرق الأوسط كلّفت الخزينة الأمريكيّة ثمانية آلاف مِليار دولار.
لقد أدى إعلان ترامب المفاجئ إلى موجة واسعة من الاحتجاجات من حلفائه الجمهوريين ومن الديمقراطيين في مجلسي النواب والشيوخ بالكونغرس، فبعضهم وصف القرار بأنه خاطئ وكارثي، وبعضهم وصفه بالخطأ الفاحش وبعضهم قال أنه خيانة للأكراد في مواجهة الاجتياح التركي. أما السيناتور ليندزي غراهام، (جمهوري عن جنوب كارولاينا)، والذي يعد من أكثر المؤيدين لترمب فقال إن القرار يشكل انتصارا كبيرا لإيران وبشار الأسد وداعش على حدا سواء مؤكدا أن معظم أعضاء الكونغرس لديهم نفس القناعة.
ورد عليهم ترمب بغروره المعهود بأنه سيدمر الإقتصاد التركي إذا تجاوزت تركيا الخطوط الحمراء أثناء عملية الاجتياح خاصة فيما يتعلق بالتطهير العرقي للأكراد والقصف الجوّي أو البرّي العشوائي ضدّ المدنيين، بحسب مسؤول كبير في وزارة الخارجيّة الأمريكيّة.
وكان ترمب قد اتخذ قرارا مماثلا في شتاء العام الماضي، لسحب القوات الأمريكية من سوريا، أدى الى استقالة وزير الدفاع الأمريكي حينئذ جيمس ماتيس، بسبب خلافه مع ترمب حول موضوع الانسحاب.
قرار ترمب أثار حفيظة حلفائه الأوروبيين أيضا، حيث أعربت فرنسا وألمانيا عن قلقهما العميق من العواقب الوخيمة لانسحاب القوات الأمريكية.
وبعد، فما هي الرسالة التي يحملها انسحاب القوات الأمريكية بالنسبة لمن راهنوا على الحِماية الأمريكيّة، أعتقد أن الرسالة أصبحت واضحة: إذهبوا إلى إيران، وتواصلوا مع قادتها للبحث عن حلٍّ سلميٍّ لمشاكلكم التي كلفت مئات المليات من الدولارات وذهب ضحيتها الألوف المؤلفة من الضحايا والأبرياء.
أعتقد أن مرد تحول سياسة ترمب في المنطقة عائد بالدرجة الأولى إلى أن الولايات المتحدة باتت تمتلك فائضًا من النّفط، وتحولت من دولةٍ مُستهلكةٍ إلى دولةٍ مُصدّرة، بعد أن أصبحت أكبر مُنتج للنّفط في العالم، كما أن إنتاجها من النّفط الصخريّ وصَل إلى 11.5 مِليون برميل يوميًّا، أيّ أنّها لم تَعُد بحاجةٍ إلى نفط الشرق الأوسط إضافة إلى تَعاظُم القوّة العسكريّة لإيران وتصاعد القوّة الصينيّة الاقتصاديّة والعسكريّة، بالاضافة إلى وجود مُؤشّرات تُؤكّد أن الصين ستتحوّل إلى قوّة عالمية عظمى خلال السنوات القليلة القادمة.
أخذا بالاعتبار إلى فشَل الأسلحة والمنظومات الصاروخيّة الدفاعيّة الأمريكيّة (منظومة الباتريوت) في حماية حلفائها لمُواجهة الصواريخ الإيرانيّة التي تطلقها ايران باسم الحوثيين للتمويه كما تبيّن في الهجمات التي استهدفت منشآت أرامكو النفطية في السعودية، وإسقاط طائرة مُسيّرة أمريكيّة مُتطوّرة اخترقت الأجواء الإيرانيّة فوق مضيق هرمز، بعد أن أدركت واشنطن فشل العُقوبات الأمريكيّة في تركيع إيران والصين وروسيا وفنزويلا، وتشكيل هذه الدول تَحالُفًا قَويًّا في مواجهة الجبروت الأمريكي إضافة إلى القناعة الراسخة بأن صواريخ إيران الباليستيّة من نوع كروز، وطائراتها المُسيّرة المُزوّدة بمُحرّكات نفّاثة تصيب أهدافها بدقة بالغة.