الجدة الأنفلونسر ملهمة الصغيرات

{clean_title}
الشريط الإخباري :  
تهاني روحي

كنت قد استضفت مؤخرًا في حلقة بودكاست سيدة مؤثرة لنتحدث عن هذه المهنة وعالم التسويق الرقمي، وكانت لديّ أحكام مسبقة عديدة حول مهنة "الإنفلونسر”، فلا بأس مادام لديها أكثر من مليون متابع، فلابد أن لها رسالة مهمة.

وعندما زارت منزلي لتصوير الحلقة، فوجئت بهذه السيدة المعروفة بما تقدمه لربات البيوت من دعم لمشاريعهن الصغيرة، وكيف تُسلط الضوء على المشاريع الريادية من خلال منشوراتها اليومية، وتقوم بتمكين السيدات في مرافقتهن في مسيرة مشاريعهن وفي تسويقها وتعريف المتابعين بهن. هذه المؤثرة، التي درست علم النفس التربوي، كسرت الصور النمطية بأن مهنة المؤثرة او الانفلونسر ليست حكرا على الصغيرات بل ان العملاء يثقن بها وبطريقة شرحها ووصفاتها التي تساعد الباحثات عن منتوجات لأن يتخذن قرارهن بالشراء بفضلها. وتضحك منى الهمشري وتقول بفخر: "أنا الآن جدة لحفيدين."
أما القصة الثانية، فهي لصانعة محتوى (بلوغر) شابة وذكية تعرف جيدًا أساليب التسويق الرقمي، وقد استثمرت قاعدتها العريضة من المتابعين لافتتاح شركتها التسويقية الخاصة. وهي أيضًا كسرت القوالب النمطية في هذه المهنة المستحدثة بكونها فتاة صغيرة وجميلة، وكذلك تركت دراستها الجامعية في منتصف الطريق لايمانها بأن ما تقدمه موهبة ومعرفة ولا حاجة لها لاكمال دراستها، وتضحك أيضا ليان عطاري وتقول: " لقد استطعت أن أستقطب عملاء كبار وأن يثقوا بشركتي وبطريقتي التسويقية التي تخدم منتجاتهم.

يطرح التساؤل هنا، حول مدى قدرة المؤثرين على تغيير المفاهيم التقليدية للإعلام والرسائل الإعلامية التي نحتاج إليها من صناع المحتوى. تظهر هذه الوسائل كيف أن الثورات التقنية لا تغير الأداء فقط، بل تغير مفهوم المجتمع الذي نعيش فيه. ولا تمثل مواقع التواصل الاجتماعي العامل الأساسي للتغيير في المجتمع، بل أصبحت عاملاً مهمًا في تهيئة متطلبات التغيير من خلال تكوين الوعي.

المسؤولية باتت أكبر على المؤثرين والنشطاء لأن يدركوا حجم التأثير الذي يحملونه، وأن يرتقوا بالمحتوى الذي يقدمونه باستمرار. وفي خضم السيل المعلوماتي، علينا كمتلقين أن نكون أكثر وعيًا وأن نقاطع أي محتوى يستخدم أساليب الخداع.

كما يقول الباحث إبراهيم غرايبة في كتابه ( من الهرمية الى الشبكية) ، اليوم يساهم الأفراد في توجيه المنصات المختلفة، ويشاركون في تشكيل العالم وتنظيمه اجتماعيًا وأخلاقيًا. فالعالم اليوم يصوغه «المؤثرون»، وهذا «المؤثر»، قد يكون طفلاً يدرج أعماله في «يوتيوب» أو طالب علم مجتهد يبحث في الصحة والغذاء أو في سياسات وأخبار العالم، أو مدون ناشط يحاول التأثير في الاستهلاك أو البيئة أو الخدمات الأساسية في محيطه الذي يعيش فيه، هؤلاء يشاركون، على قدر كبير من المساواة، مع وزارات الثقافة والتعليم والبنوك وشركات الاتصالات والنوادي والصحف ومحطات التلفزيون وشركات الإنتاج الدرامي والسينمائي وصانعي القمصان والأحذية ومصممي السيارات والأجهزة، إنهم معا يفكرون في تواصل وتوازن عملي لأجل عالمهم الذي يسعون لتحقيقه، وينشئون تنظيماً اجتماعياً وأخلاقياً، ويرسخون القيم والأفكار المنظمة للأعمال والأسواق والعلاقات الاجتماعية.

نحن نعيش في عالم مليء بالمخاطر والاحتمالات، ولا يمكننا سوى التحلي بالخيال والنية الحسنة لمواجهة التحديات التي تطرحها هذه المغامرة. فالدهشة لم تعد مهمة الآن بقدر ما هو ان نستوعب كيف نلجأ الى هؤلاء الانفلونسرز كلما إحتجنا للمساعدة.
© جميع الحقوق محفوظة لوكالة الشريط الإخبارية 2024
تصميم و تطوير
Update cookies preferences