١ أيار يوم العمال الاردني
الشريط الإخباري :
د محمد العزة
عمال شعبنا الأردني العظيم ، هنيئا لكم عيدكم ، في شهركم ، شهر أيار الذي نحتفل في الأول منه كل عام بيوم العمال الاردني ، فيظن القاريء اني قد اخطأت فيما كتبت ، أو قد سهوت عند كتابة العنوان ، أو جانبت الصواب، إذ أن الاول من ايار هو يوم العمال العالمي ، الذي يحتفل فيه جميع أرجاء و أنحاء العالم بعماله ، نساءه ورجاله ، شيوخه وشبابه ، كل في موقعه ومجاله ، لكن أصدقكم القول اني قد تعمدت ما كتبت وما اخطأت الأقلام بما خطت ، لأني أرى أن هذا الوطن الاردني العظيم وشعبه الكريم وعماله وقيادته لا يضاهيهم في هذا العالم أحد وكيف لا ، والمطالع والمتابع لتاريخ بناء الدولة الأردنية الهاشمية ، منذ لحظة الإشارة لتأسيس الإمارة مرورا بأعلان قيام الدولة الأردنية و قيادة ملكياتها الهاشمية الأربعة ، التي سطرت عبر مسيرة حافلة من النضال و البذل والعطاء ، اروع صور ونماذج القيادة لوطن جاءت مشيئة الله أن يكون من أفقر الدول بالثروات والموارد ، لكنه غني بالكثير من الكوادر و السواعد التي قبلت الواقع وتحدت و وهبت حياتها وبذلت جهدها وكل قطرة من عرقها في سبيل بناء ورفعت هذا الوطن وخدمة شعبه وقيادته .
في هذا المقال لن يتسع المجال لإعادة سرد تاريخ الحركة العمالية منذ خمسينات القرن الماضي إلى يومنا هذا والكتابة عن تاريخ تطور مؤسساتها ونقاباتها وقوانينها وأنظمتها وتشريعاتها التي كان الاردن من اوائل روادها وراعيا لها ولنشاطاتها ، وساحة لايقاع حركاتها واحتياجاتها واحتجاجاتها وداعما لتطوير مهاراتها وقدراتها ، الأمر الذي شكل بداية عصر النهضة والبناء في عهد المغفور له الملك الباني الحسين بن طلال ، الذي لم يوفر جهدا في تسخير ما يمكن رغم ضعف الامكانيات وحالة الحروب والاضطرابات التي شهدتها المنطقة ، الا ان هذا لم يمنع ويوقف تكليف الحكومات بأن تضع وتجعل هذه الفئة على رأس الأولويات وتحسين شروط المعيشية وتوفير الخدمات لها ، فشهدنا في نهاية سبعينات وثمانينات القرن الماضي ظهور الطبقة الوسطى التي شكلت الاغلبية مابين طبقات المجتمع الأردني والعمود الفقري المحرك لعجلة التجارة ومجالات الاقتصاد، ولتكون نهاية التسعينات بداية الفية جديدة ومرحلة فريدة عنوانها البناء والتعزيز والحداثة والتحديث بقيادة الملك المعزز عبدالله الثاني بن الحسين حفظه الله ورعاه الذي نذر نفسه كما نذره والده الحسين بن طلال من قبل الجندي الاول لحماية هذا الوطن وخادما لشعبه وامته ، فلقد كان هو أيضا العامل الأول الذي شمر عن ساعده للإسهام في دعمه وتعزيز بنائه ، بالرغم من حجم التحديات والصعوبات التي واجهها في بداية حكمه حيث مرت المنطقة بحرب الخليج الثانية وسقوط بغداد واحتلال العراق على يد العدوان الامريكي ، مرورا بالخريف العربي التي تحالفت فيه معا قوى الاستعمار الإمبريالي وقوى الظلام الإرهابي واستطاعوا إسقاط العديد من الدول العربية وعواصمها واضعاف حالة الأمة إلى أدنى حالتها، وما نتج عنها من ظاهرة اللجوء السوري وغيرها إلى الأردن ، ولكن هي رعاية الله وحفظه لهذا الوطن المبارك وحكمة قيادته التي استطاعت تجاوز جميع هذه الأحداث الأمنية الخطيرة التي كانت تهدد أمن وسلامة الاردن وتصب في خدمة المشروع الصهيوني الأمريكي في صناعة الشرق الأوسط الجديد وصفقة القرن لاحقا التي تصدى الاردن لها بكل ثبات وقوة وبلاءات ثلاث ، الأمر الذي دفع الاردن ثمنه ضغطا على اقتصاده وعلاقاته ، وما زاد الأمور صعوبة عليه هي وصول طبقة رجال الأعمال الديجيتال والنيوليبرال التي عبثت باعدادات الاقتصاد ومقدرات الوطن الاردني ، وتراجع الكفاءة الإدارية ، والتي صرح عنها الملك في أحد المقابلات على اشهر الفضائيات خلال ندوة على هامش مؤتمر دافوس الاقتصادي سنة ٢٠١٦ ، عندما سأله المذيع كيف لك أن تقود دولة تواجه هذا الضغط وهذه القلة في الإمكانيات وتوفر لشعبك كل هذه الخدمات ، فأجاب:
أنه كان يدفع ويحث الحكومات على القيام بالمشاريع الاقتصادية ودعمها لإيجاد فرصا للعمالة وحلا البطالة ، لكن كانت هذه الفئة ترفض وتقول إن هذه المشاريع لن تنجح ، فكان يؤشر برأسه بأشارة قد تعني 'لا' لكن في حقيقة الأمر هي تعني "نعم " ، بل ستنجح وكانت تتحقق إلى واقع ، إلا أن تنحية هذه الفئة ، تتطلب جهدا ملكيا وشعبيا كبيرا ، لإعادة الأمور إلى نصابها والتي شكلت دافعا بضرورة التحديث والتطوير لملفات الدولة الأردنية وعليه كانت الاوراق النقاشية الملكية ولاحقا التي ترجمت إلى تشكيل اللجنة الملكية لتحديث المنظومة السياسية والتي انبثقت عنها مسارات التحديث الثلاث ، السياسي والاقتصادي والاداري، وبأصرار ملكي لإنجاح هذه التجربة ، لنتجه معا قيادة وشعبا نحو دولة الرفاه الاجتماعي مؤمنين بقدرتنا على البناء والانجاز ومتابعة المنجز عبر عملية وخطوات سياسية تراكمية .
كلنا أمل بأن نكون على موعد آخر في صباح يطل فيه الاول من ايار العام المقبل ، ونحن نحتفل بيوم العمال الاردني ، وقد تجاوز الاردن العظيم وتوأمه الفلسطيني المناضل وأمتنا العربية هذه المرحلة الصعبة وقد بدأ فيه اقتصادنا بالتعافي ، الذي يشكل التشريع بوابة له ورئة يتنفس منها وبها ، اذا أن العامل الاردني ينتظر ذلك اليوم الاجمل والمستقبل الافضل الذي وعد به ، ولأنه العامل الحامل لهم وطنه الساعي على تأمين قوته وقضاء دينه وسداد اقساطه ودفع رسوم جامعاته وفواتير طاقته وكهرباءه وحوائجه والواعي لحجم الأعباء على قيادته الهاشمية الحكيمة ، فأن الاحلام والآمال ستتحقق بمشيئة الله ورعايته ، وإيمان هذا الشعب وعماله والتفافهم حول قيادتهم و وطنهم لتبقى رايته خفاقة فوق ساريته.