نورا نجمة لم يُغيبها الاعتزال عن الشاشة ولم ينسها الجمهور
الشريط الإخباري :
نورا أو علوية مصطفى، فنانة وإنسانة لم يختلف على موهبتها أحد، فهي استثناء من كل الشائعات المُغرضة والحروب النفسية التي غالباً ما تُحيط بالمشاهير في كل مراحل حياتهم وتزداد حدتها بعد اعتزالهم وابتعادهم عن الأنظار.
دخلت الفنانة الموهوبة الوسط الفني وهي لا تزال طفلة صغيرة، ثم سرعان ما احترفت التمثيل بعد تخرجها في كلية التجارة واستشعارها القبول والترحيب الشديد من جانب الجمهور لتلقائيتها وبساطة أدائها وطلتها المُميزة على الشاشة.
نورا اسم فني كان لائقاً بها حين تم اكتشافها في عام 1962 للمُشاركة في فيلم «وفاء للأبد» إخراج أحمد ضياء الدين مع مديحة يسري وعماد حمدي، قبل المشاركة في فيلمها الثاني «الاعتراف» مع المخرج سعد عرفه عام 1965 ثم تكرار تعاونها للمرة الثانية مع المخرج أحمد ضياء الدين في فيلم «الليالي الطويلة» عام 1967 ليستمر مشوارها بنجاح عبر مرحلة السبعينيات التي شهدت بروزها كبطلة تعتمد على قُدراتها الفنية أكثر من الاعتماد على الجمال وفق السائد والمعهود في تلك الفترة.
لقد تنوعت أدوار الفنانة المُعتزلة داخل سياقات معينة فلم تخرج كثيراً عن الإطار المتوقع ولم تصدم الجمهور بنماذج مرفوضة اجتماعياً بشكل يجعلها بعيدة عن سماتها الأساسية كفنانة وإنسانة حرصت على سلامة العلاقة بينها وبين القاعدة العريضة من البسطاء الذين يتأثرون عادة بأدوار المُمثل والمُمثلة ويخلطون في تقييمهم للأداء بين الواقعي والافتراضي.
قدمت نورا عدداً كبيراً من الأفلام في سبعينيات القرن الماضي كان من بينها «بيت من رمال» و«مضى قطار العُمر» و«يا رب توبة» و«هكذا الأيام» و«الحُب في طريق مسدود» و«الندم» و«المليونيرة النشالة» وغيرها. لكن برغم الحضور القوي للبطلة ذات الأداء الرقيق، إلا أنها لم تستطع تحقيق التأثير الجماهيري الذي يتناسب مع موهبتها، ربما لأن فرصتها في الظهور كنجمة وبطلة مُطلقة كانت لا تزال مُقيدة ومُرتبطة بمتطلبات السوق وشباك التذاكر، فعلى كثرة الأفلام التي شاركت فيها لم تُتح لها الفرصة كاملة لإثبات ذاتها بشكل مُقنع إلا في فترة الثمانينيات.
كان الدور الأبرز والأميز في أوائل الثمانينيات مُتمثلاً في المساحة التي حظيت بها خلال مشاركتها لنور الشريف في فيلم «ضربة شمس» ذلك الفيلم الذي منحها فيه المخرج محمد خان فرصة العُمر لتُصبح نجمة كبيرة لها مكانتها الفنية وتأثيرها الواضح كممثلة.
وفي نفس السنة قدم لها المخرج محمد عبد العزيز الفرصة الثانية لتُشارك نجم الشباك آنذاك عادل إمام بطولة الفيلم الكوميدي «غاوي مشاكل».
وبالفعل نجحت نورا في استغلال الفرصة وتمكنت بجدارة من أداء الدور المُركب الذي تحولت فيه شخصيتها الدرامية من الشابة الطيبة الرقيقة الهاربة من قهر زوج الأم بحثاً عن حياة كريمة مع زوج يُحبها ويُحافظ عليها، إلى شخصية انتهازية تتسلق طبقة اجتماعية غير طبقتها الشعبية بمحاولة الانتساب زوراً وبهتاناً إلى عائلة أرستقراطية عن طريق زواجها من فاروق الفيشاوي الشاب الثري، على حساب مشاعر عادل إمام الإنسان الذي أحبها بصدق ووقف بجانبها وتعاطف معها في ظروفها الصعبة.
مُمثلة لها سمات خاصة في الأداء
في فيلمه الذي لم يُحالفه النجاح «الغيرة القاتلة» اعتمد عليها المخرج عاطف الطيب في تجسيد واحد من الأدوار المُعتبرة لكن سوء الحظ حال دون صعودها كنجمة كبيرة في هذا الفيلم وبقي دورها المهم مجرد علامة بارزة في مشوارها الفني والسينمائي الطويل.
ومع صعود أسهمها كنجمة سينمائية في مراحل أخرى لاحقه ظهرت إمكانيات الفنانة الكبيرة نورا بما لا يدع مجالاً للشك في قُدراتها الفارقة كمُمثلة لها سمات خاصة في الأداء أميزها الصدق والقدرة على التقمص والمُعايشة وهو ما بدا واضحاً وجلياً في أفلام مثل «زمن حاتم زهران» و«جري الوحوش» و«أربعة في مهمة رسمية» و«الكيف» و«نساء ضد القانون» و«العار» والأخير بالذات تركت من خلاله نورا أثراً نفسياً وإنسانياً كبيراً على الجمهور، لاسيما أنها كانت الشخصية السوية الطيبة التي راحت ضحية لفساد الكبار من تجار المُخدرات بموتها غرقاً قبل نهاية الفيلم.
فإلى الآن لا تزال نورا محاطة بمُحبيها وعشاق فنها وتمثيلها، وكذلك لم ينس الجمهور شخصية مستورة التي جسدتها في فيلم «عنتر شايل سيفه» مع عادل إمام وهو الفيلم الذي انتهى بزواجها من الفنان الراحل حاتم ذو الفقار ولم يستمر الزواج سوى فترة قصيرة جداً وقع بعدها الطلاق نتيجة بعض الخلافات.
ولم يقتصر نشاط نورا قبل اعتزالها على السينما فقط وإنما كان لها وجود متميز في الأعمال الدرامية فمن أهم أعمالها مسلسل «أديب» مع نور الشريف وصلاح السعدني ومسلسل «قلب من دهب» ومسلسل «سبعة وجوه للحقيقة» بالإضافة إلى مسلسل آخر بعنوان «وأدرك شهريار الصباح» مع يحي الفخراني، قصة الكاتب أسامة أنور عكاشة وإخراج فخر الدين صلاح وهي مستوحاة من رواية ترويض النمرة لوليام شكسبير.
تعددت محطات التألق والنجاح في مسيرة الفنانة المُعتزلة نورا ولا يزال حضورها باقياً وقوياً برغم تواريها عن الأضواء منذ سنوات وانسحابها من الوسط الفني بهدوء بلا صخب أو ضجيج.
كمال القاضي