فضيحة صادمة في الطريق الى نهائي «ويمبلي»
الشريط الإخباري :
أخيرا وبعد طول انتظار، اكتملت ملامح المباراة النهائية لدوري أبطال أوروبا، بين «سانتياغو بيرنابيو» و«سيغنال أيدونا بارك»، بين بعبع القارة العجوز وكبيرها في كل العصور ريال مدريد والحصان الأسود والمفاجأة السارة لهذه النسخة بوروسيا دورتموند، وبين العراّب الإيطالي كارلو أنشيلوتي والشاب الألماني الطموح إيدين تيرزيتش، وحدث ذلك كما أشرنا في العنوان، بعد عظمة وكفاح من كلا الفريقين على مدار البطولة، تكللت بالنجاح في سهرتي يومي الثلاثاء والأربعاء الماضي، بدعم لا مثيل له من المارشال «حظ»، المعروف عنه أنه لا يفتح ذراعيه إلا للمجتهدين والمتواضعين، ونادرا ما يحكم بأحكامه ويكون أكثر ظلما وقسوة من الصهاينة وسفاحي العصور الوسطى، بتلك الطريقة المؤلمة التي أدار بها ظهره لباريس سان جيرمان في ملحمة إياب «حديقة الأمراء» أمام أسود الفيستيفاليا، وفي اليوم التالي، كان سببا في خروج بايرن ميونيخ أمام دابته السوداء في هذا الزمان اللوس بلانكوس، لكن بفضيحة تحكيمية يصعب تصديقها في عصر تقنية الفيديو (الفار)، وأمور أخرى سنناقشها معا في موضوعنا الأسبوعي.
الأكثر نحسا
كنا تساءلنا الأسبوع الماضي، هل يعيد التاريخ نفسه في إياب نصف نهائي دوري الأبطال؟ حول إذا كان المدرب الإسباني لويس إنريكي، سيواجه المجهول بعد ملحمة ريمونتادا برشلونة في ربع النهائي، كما حدث معه بعد ريمونتادا 2017 الشهيرة مع البارسا ضد فريقه الحالي، التي تبعها بخروج صادم وغير متوقع أمام يوفنتوس نسخة الماكس أليغري في ولايته الأولى، أم ينجح في ما عجز عنه من قبل، ويقود العملاق الباريسي إلى ثاني نهائي في تاريخه، وها قد عرفنا الآن إجابة سؤال المليون دولار، الذي لم تتغير إجابته النهائية قط على مدار العشرية الأخيرة، من منطلق «كل الطرق تؤدي إلى روما»، ولو عدنا بالذاكرة إلى الوراء، سنجد أن «بي إس جي» دائما وأبدا يغادر مراحل خروج المغلوب بنفس الطريقة الغادرة، إذ يكون على الورق وبلغة العقل والمنطق داخل المستطيل الأخضر، الطرف الأفضل والأوفر حظا والأكثر جودة وكفاءة، وقل ما شئت من مفردات في قاموس اللغة في هذا السياق، لكن فجأة وبدون سابق إنذار، يودع المسابقة بسيناريو لا يتخيله عقل، وكانت البداية في نسخة 2013-2014، التي كانت بدايات تحول سان جيرمان من فريق يتعافى من توابع النجاة بأعجوبة من الهبوط إلى دوري القسم الثاني، إلى مشروع مارد أوروبي جديد على طريقة تشلسي ومانشستر سيتي في الدوري الإنكليزي الممتاز. صحيح الفريق لم يكن مليئا بالنجوم والأسماء اللامعة كما الحال في الوقت الحالي وفي فترة فريق الأحلام في السنوات القليلة الماضية، لكنه كان يملك ما يكفي من الجودة والخبرة في مختلف المراكز، متمثلة في أسماء بوزن ثلاثي الوسط المخيف في مثل هذه الأيام قبل عقد من الزمن تياغو موتا وماركو فيراتي وبليز ماتويدي، وعلى الأطراف الثنائي اللاتيني لوكاس مورا وإيزيكل لافيتزي، وفي الهجوم الأيقونة زلاتان إبراهيموفيتش والسفاح الأوروغواني إدينسون كافاني وبقية الأسماء، التي أعطت إيحاء بأن وصول هذا المشروع إلى المراحل الأخيرة للإقصائيات مجرد مسألة وقت، بعد انتصارهم بكل سهولة ويسر على تشلسي بثلاثية مقابل هدف في ذهاب ربع النهائي على ملعب «حديقة الأمراء»، لكن بعد ذلك، حدث آخر وأسوأ سيناريو كان ينتظره الجمهور الباريسي، وفي رواية أخرى بداية مسلسل خيبات الأمل المتأخرة في دوري الأبطال، باستقبال هدف مجاني عن طريق الألماني أندريه شورله في نهاية الشوط الأول، قبل أن يقلب جوزيه مورينيو الطاولة على نظيره الفرنسي لوران بلان في الشوط الثاني، بهدف ثان مباغت في الدقيقة 87، على إثره أرسل الفريق الباريسي خارج البطولة.
وبعدها بعامين، تكرر مشاهد الندم والعض على الأصابع، بعد التفريط في فوز كان في المتناول أمام مانشستر سيتي، في آخر موسم تحت قيادة المدرب التشيلي مانويل بيليغريني، وآنذاك وبالتحديد في ذهاب «حديقة الأمراء»، أهدر إبرا ركلة جزاء، كانت كفيلة بوضع الفريق في المقدمة في أول ربع ساعة، وحتى بعد نجاحه في قلب تأخره في النتيجة إلى 2-1، أعطى الفرصة لضيفه الإنكليزي ليعود في النتيجة بهدفه الثاني، قبل أن يأتي الدور على الأشقر البلجيكي كيفن دي بروين، ليوقع على أولى لحظاته الاستثنائية في مشواره الأسطوري مع السيتيزينز، بهدف الوصول إلى أول نصف نهائي في تاريخ النادي قبل نهاية ملحمة الإياب بـ14 دقيقة، هذا ولم نتحدث عن صدمة العمر أمام مانشستر يونايتد عام 2019، حين عاد مبابي ورفاقه من «أولد ترافورد» ببطاقة العبور إلى ربع النهائي بعد الفوز بثنائية نظيفة، ثم بدون مقدمات، قررت الساحرة المستديرة أن تعطي ظهرها للباريسيين، بكم مرعب من الهفوات الفردية الساذجة، التي لا تتكرر دائما في مباراة واحدة، وكانت البداية بهدية من ثيو كيلر لروميلو لوكاكو، انتهت بانفراد وهدف مجاني، والأعجب ما حدث مع جيجي بوفون في تصديه لتسديدة راشفورد السهلة، التي هيأها على طبق من فضة أمام صاحب الهدف الأول ليضيف الثاني، ثم كارثة بريسنيل كيمبيمبي، بمنع تسديدة دالوت اليائسة بلمسة يد داخل منطقة الجزاء في الدقيقة 90، التي تسببت بركلة الجزاء، التي سجل منها راشفورد أول أهدافه بعد صيامه عن التهديف محليا وقاريا عدة أسابيع، والمفارقة، أنه قبل احتساب ركلة الجزاء تلك، كان القائم الأيسر للحارس ديفيد دي خيا، قد منع خوان بيرنات من قتل المباراة إكلينيكيا، وتشمل قائمة سنوات الفرص الضائعة على «بي إس جي»، ما حدث أمام ريال مدريد في موسم الرابعة عشرة، عندما فاز مبابي وليونيل ميسي وباقي عصابة فريق الأحلام بهدف نظيف في ذهاب عاصمة الضوء، ثم الاستيقاظ على ريمونتادا وهاتريك كريم بنزيمة في الشوط الثاني في إياب «سانتياغو بيرنابيو»، الذي كان شوطه الأول قد انتهى بتقدم الفريق الفرنسي بهدف كيليان مبابي، وقبل هذا وذاك، ريمونتادا برشلونة برشلونة عام 2017، ورغم أن الإقصاء أمام البوروسيا هذه المرة، يبدو ظاهريا أنه كربوني من تلك الليالي الظلماء، إلا أن تعامل الجمهور الباريسي كان مختلفا هذه المرة، بعاصفة حارة من التصفيق بعد الهزيمة، عكس ما كنا نشاهده في المرات السابقة من هجوم وتعنيف للاعبين، وكلمة السر، تكمن في الشعور العام لدى المشجعين والرأي العام، بأن كل اللاعبين بدون استثناء، قدموا أفضل ما لديهم على مدار الـ90 دقيقة، ولم يبخلوا بقطرة عرق واحدة من أجل الفريق، كما كانوا يتسابقون من قبل في إسقاط هكذا تهم على جُل الأساطير والميغا ستارز الذين دافعوا عن القميص على مدار العقد الأخير.
لغز وواقعية
«أنا حزين بالطبع لأننا لم نحقق هدفنا، ولكن قدمنا أداء جيدا في المباراتين، وكرة القدم ظالمة لأننا لم نسجل الليلة رغم 31 محاولة على المرمى، الكرة لا تكافئ من يسدد في القائم أو العارضة بل الأهداف، وأبارك للمنافس لأنهم لعبوا بشكل جيد في المباراتين، أي فريق بحاجة للتحسن دفاعا وهجوما، ولكننا أيضا شكلنا خطورة من الكرات الثابتة وكانت لدينا نقاط قوة أخرى ومحاولات على المرمى، ودافعنا بشكل جيد للغاية وأنا سعيد بأداء اللاعبين الليلة، والأهم أظهرنا روحا تنافسية على مدار 95 دقيقة بشكل مثالي، فنيا وتكتيكيا، وأتمنى أن نواصل بنفس هذه الحالة في الموسم المقبل، الكرة كانت ظالمة ولكن علينا أن نقبل ذلك ونهنئ الفريق الفائز»، بهذه الكلمات، حاول لويس إنريكي التخفيف عن نفسه وعن الجماهير بعد الهزيمة أمام البورسيا بنفس نتيجة ذهاب «سيغنال أيدونا بارك» بهدف نظيف، لكنه لم يتوقف كثيرا عند التفاصيل البسيطة، التي ساهمت بشكل أو بآخر في فوز الفريق الألماني في مباراتي الذهاب والإياب، بعيدا عن المارشال حظ، الذي بالغ في قسوته على زعيم الأندية الفرنسية، بطريقة غير مسبوقة منذ انطلاق البطولة في منتصف خمسينات القرن الماضي، بأن ينوب اطار المرمى عن حامي عرين المنافس 6 مرات في مباراتين في نفس المرحلة الإقصائية، ومن هذه التفاصيل، ما يُمكن وصفه اختفاء مبابي، رغم استجابة المدرب للضغوط والأصوات، التي كانت تطالبه بإعادة الهداف التاريخي للنادي في مركزه المفضل، كجناح مهاجم حر في الرواق الأيسر، ليشكل ثلاثي هجومي رفقة صديقه الصدوق عثمان ديمبيلي والبرتغالي غونسالو راموس، وتجلى ذلك في المناوشات القليلة التي قام بها بعد إعادته إلى مركز المهاجم الوهمي وترك مركز الجناح الأيسر المهاجم للبديل باركولا، وفي رواية أخرى، لم يظهر بالحدة والشراسة المعروفة عنه، وبالتبعية لم يصنع الفارق كما كان يتمنى الجمهور الباريسي، مقارنة بالحالة التي كان عليها أفضل ظهير أيمن في العالم في الوقت الراهن أشرف حكيمي ومعاونه على الخط عثمان ديمبيلي، والسبب الرئيسي وراء ذلك، ما أشار إليه رجل مباراتي الذهاب والإياب ماتس هوميلز، بتعويض فارق السرعة مع عدائين النادي الباريسي، بالتنظيم الدفاعي المحكم، الذي يرتكز على فكرة خلق زيادة عددية في كل المواقف بمجرد أن تتجاوز الكرة نصف الملعب الأصفر، وبلغة المدربين والفنيين الثبات على 4 مدافعين في الخط الخلفي وأمامهم ثنائي ارتكاز من أصل ثلاثة في وسط الملعب، لا يتقدمون إلى الأمام إلا في أوقات متفق عليها، ولهذا جاءت أغلب الفرص والكرات التي أصابت القائمين والعارضة من تسديدات متوسطة وبعيدة المدى، وليست من جمل وأفكار تكتيكية في الثلث الأخير من الملعب.
والعكس بالنسبة للفريق الألماني، الذي رغم ندرة فرصة المحققة، إلا أنها أتت من ترابط ولمحات تكتيكية متفق عليها في آخر حصة قبل الاختبار، مثل الخطورة الملموسة المتكررة من الجانب الأيمن بواسطة الظهير العصري ريرسون مع مساندة واضحة وقوية من لاعب الوسط مارسيل سابيتزر والجناح الإنكليزي جادون سانشو، ونفس الأمر للجبهة اليسرى، كما وضح في انطلاقات كريم أدييمي العنترية، التي كادت واحدة منها أن تسفر عن هدف صادم للبوروسيا في الشوط الأول، ناهيك عن الفوارق الكبيرة على مستوى الخبرة في وسط الملعب بين إيمري تشان وجوليان براندت وبين ثنائية فابيان رويز وزاير إيمري، دليلا على أن المدرب إنريكي لم يستفد كثيرا من دروس وأخطاء الماضي، كما وضح من خلال فشل نفس ثنائية الوسط في ليلة السقوط أمام برشلونة في ذهاب ربع النهائي. وعلى نفس السيرة، لاحظنا عدم تعلم اللاعبين من هفوات مباراة الذهاب، بعد وصول هوملز للشباك بطريقة أقل ما يُقال عنها سهلة، بضربة رأسية أودعها في المرمى بكل أريحية، نتيجة سوء تمركز المدافعين، كما حدث في لقطة هدف مباراة الذهاب الوحيد، الذي جاء بكرة طولية في ظهر المدافعين، على إثرها انفرد نيكلاس فولكروغ بالمرمى، ولم يجد أدنى صعوبة في تسجيل هدف تأمين نصف تذكرة الذهاب إلى «ويمبلي»، قبل أن يتقمص هوملز دور البطولة المطلقة في مباراة انتزاع نصف التذكرة الثاني وضمان اللعب في ثالث مباراة نهائية في تاريخ النادي، في ملحمة أعاد خلالها إلى الأذهان النسخة البراقة التي كان عليها مع منتخب بلاده الألماني في كأس العالم البرازيل 2014، بعد سنوات من الابتعاد عن دائرة الأضواء والشهرة، تأثرا بتجربته السيئة مع بايرن ميونيخ، فهل تعتقد عزيزي القارئ أن أصحاب الحائط الأصفر المنيع استحقوا الوصول إلى المباراة النهائية عن جدارة؟ أم جاء بضربة حظ أمام الأكثر نحسا في القارة؟ من دون أن ننسى أن نفس المدرب تيرزيتش ومعه قائمة أعلى جودة من الحالية في وجود جود بيلينغهام، كانوا قد خسروا لقب البوندسليغا العام الماضي في الجولة الأخيرة أمام الكبير البافاري، مع ذلك، لم يحدث أي نوع من أنواع الانهيار أو الاستسلام، بل عادوا هذا الموسم أقوى من أي وقت مضى، والآن أصبحوا على بعد 90 دقيقة من ملامسة أو إضافة اللقب الثاني إلى الخزائن بعد معجزة لارس ريكن ورفاقه أمام يوفنتوس المهول في نسخة 1997 أو الاكتفاء بشرف المحاولة كما حدث أمام بايرن ميونيخ عام 2013.
عظمة وفضيحة
بوجه عام، سيكون من الصعب الجدال في أحقية ريال مدريد في الفوز على بايرن ميونيخ في إياب «سانتياغو بيرنابيو» وحصوله على بطاقة اللعب في نهائي «ويمبلي» المنتظر الشهر المقبل، وهذه الحقيقة كانت واضحة منذ إطلاق صافرة البداية، بغارات بيضاء مكثفة على الحارس المخضرم مانويل نوير، لدرجة أن معلق المباراة كان يصفها بالمواجهة الخاصة بين عناصر الريال وبين الحارس الألماني الأسطوري، بسبب كم الاختبارات التي تعرض لها في أول 20 دقيقة على وجه التحديد، بما في ذلك فرصة مزدوجة، بدأت بتصويبة من رودريغو، ثم ارتدت من القائم الأيسر أمام فينيسيوس جونيور، الذي سددها بغرابة في جسد حارس الضيوف. وفي المقابل، حاول المدرب توماس توخيل، تكرار ما فعله في بداية الشوط الثاني في موقعة الذهاب، بالاعتماد على الأسلوب المباغت من أقل عدد من التمريرات في وسط الملعب، كما شاهدنا في اللوحة الإبداعية الجميلة بين جمال موسيالا وليروي ساني، التي افتقدت للدقة في اللمسة الأخيرة للأمير الإنكليزي هاري كاين، ومع الوقت، ظن البعض، أن الريال في طريقه لمواجهة مصير باريس سان جيرمان أمام البوروسيا، بعد تمنع الكرة أمام فيني ورفاقه، وما ضاعف هذا الاعتقاد، هو التأخر في النتيجة على عكس أحداث المباراة، بلقطة فردية مكررة من البديل الموفق ألفونسو ديفيز، أسفرت هذه المرة عن هدف سينمائي، وبعده بدقائق تعد على أصابع اليد الواحدة، قام الحكم بإلغاء هدف أبيض للميرينغي، بعد التأكد عبر تقنية الفيديو من دفع ناتشو للاعب البايرن قبل تسجيل الهدف، وعلى ما يبدو أن هذا الشعور الخادع قد تسلل إلى المدرب توماس توخيل، الذي اعتقد أنه ضمن سجله الخالي من الهزائم في معارك نصف النهائي، بعد قراراته الانتحارية في الدقائق الخمس الأخيرة، بإشراك تشوبو موتينغ ومين جاي كيم على حساب الثنائي الأخطر والأكثر إزعاجا للدفاع الأبيض هاري كاين وجمال موسيالا، فكانت الضريبة تسلم مفاتيح المباراة للميستر كارليتو، الذي بدوره أعطى تعليمات واضحة لرفع نسق الاجتياح عبر الأطراف، إلى جانب محاصرة الضيوف في وسط ملعبهم في الدقائق الأخيرة المفضلة للريال التي عادة ما تظهر فيها عظمة النادي والـDNA الخاص بالسانتياغو، والتي قال عنها دي ليخت بعد نهاية المباراة: «أمام ريال مدريد، حين تظن أنهم قاد ماتوا، فهم ينتفضون في اللحظات الأخيرة»، ومع زيادة الضغط والغارات، حدث آخر سيناريو كان يتوقعه توماس توخيل، أن يسقط نوير في المحظور، بترك الكرة تسقط أمامه للبديل خوسيلو، الذي لم يجد صعوبة في إعادة فريقه إلى المباراة بهدف التعديل واستدعاء تلك اللحظات الهاربة التي تسبق كل ريمونتادا، تلك اللحظات التي يعرفها البايرن بالذات أكثر من أي منافس آخر، حين يأتي الرعب على شكل انهيار بعد استقبال هدف في الدقيقة 90، كما حدث في نهائي «كامب نو» أمام مانشستر يونايتد في ليلة ريمونتادا اللحظات الأخيرة عام 1999، وهذا الجنون تلخص في الدور الكبير الذي لعبه ثنائي قلب الدفاع ناتشو وأنطونيو روديغر في صناعة هدف الفوز الثاني للبديل الإستراتيجي خوسيلو، ولنا أن نتخيل لو حافظ توخيل على طمعه المشروع بإضافة هدف ثان بعد صاروخية ألفونسو ديفيز، وبالأحرى لو أبقى على هاري كاين وموسيالا، على الأقل ما كنا سنشاهد ناتشو وشريكه الألماني في خط الدفاع، بهذه الجرأة والاندفاع، لدرجة الإنابة عن فينيسوس ولوكا والبقية في صناعة الهدف الأغلى للفريق في هذه النسخة.
ورغم اتفاقنا على أن توخيل، خانه التوفيق في قراءته لأحداث المباراة، عندما نسى أن الريال لا يمكن الاطمئنان إليه إلا بعد وصول كل اللاعبين إلى غرفة خلع الملابس، لكنه تعرض لظلم تحكيمي يصعب استيعابه أو تفسيره في زمن تكنولوجيا تقنية الفيديو، والحديث عن الجرم التحكيمي المشترك بين المساعد وحكم الساحة، برفع إشارة بوجود تسلل على المدافع الهولندي دي ليخت، والأسوأ تسرع الحكم في إطلاق صافرته لإيقاف اللعب، رغم أنه وفقا للقانون في هكذا مواقف وفرص لا تعوض في الثلث الأخير من الملعب، من المفترض أنه يتعين على مساعد الحكم الانتظار حتى نهاية اللعبة، سواء انتهت بهدف أو أبعدها الحارس والمدافعين، ثم بعد ذلك يشير إلى وجود تسلل وينتظر رأي حكام الفيديو سواء بتأكيد صحة القرار أو باستدعاء الحكم حتى يشاهد اللعبة بنفسه ويتخذ القرار الأخير بنفسه، والمفارقة التي تدعو للدهشة والاستغراب، أن هذا السيناريو تم تطبيقه بالنص في لقطة هدف خوسيلو الثاني، حيث تجاهل مساعد الحكم رفع إشارة التسلل على خوسيلو لعدم اشتراكه في اللعبة، مفضلا انتظار رأي حكام الفيديو وحكم الساحة، الذي ذهب إلى الشاشة ليتأكد بنفسه من صحة الهدف، وفي المقابل لم يفعل أي شيء من هذه الأمور في لقطة الهدف الملغي للبايرن، بل كما أشرنا أعلاه، سارع بإطلاق الصافرة بناء على إشارة الحكم، في قرار وصفه توخيل في حديثه مع الصحافيين بعد المباراة بالكارثي، قائلا بالنص: «الأمر مؤلم وسيتطلب بعض الوقت للتعافي، الخسارة مؤلمة لأننا قدمنا في المباراة كل شيء ممكن للفوز. من الصعب تقبل الأمر لأن هناك قرارا كارثيا من الحكم في نهاية المباراة، هذا أمر لا يمكن أن يحدث في مباراة بتلك القيمة، لا توجد أعذار، الحكم المساعد اعتذر عن الخطأ، لكن الخطأ مزدوج، فلا يمكن أن ترفع الراية بدون التأكد، وكذلك الحكم يعرف أن هناك فرصة للتسجيل، نشعر بخيبة أمل وغضب كبير بسبب القرار الأخير للحكم الذي أطلق الصافرة بدون التأكد من تواجد اللاعب في وضع التسلل أم لا، من الصعب تقبل هذا القرار»، فهل تتفق مع رأي المدرب الألماني بأن هذا القرار كان سببا رئيسيا في خروج البايرن أمام الريال للمرة الرابعة على التوالي في مراحل خروج المغلوب؟ أم أن الملكي حصل ما يستحق نظير أدائه على مدار الـ90 دقيقة بوجه عام واللحظات الهاربة بالأخص؟