لبنان شو..وجوردن
الشريط الإخباري :
ابراهيم عبدالمجيد القيسي - أقل من 10 دقائق؛ هي كل ما تابعته عن الاستعراضات التي يقدمها لبنانيون في ساحاتهم العامة، حيث لمحت ما يشبه السّجال الأردني الداخلي على صفحات فيسبوك، وكالعادة أزعجني الحوار الهابط، وبعض الصور والنكات البذيئة التي يتداولها عباقرتنا في الأردن، ثم «تفرجت» على فضائية، وشاهدت شاشة مقسومة على خمسة، وفي كل جزء لون شعبي من فسيفساء لبنان المعروفة، والتي أكاد بها أكون جاهلا وبلهجتها بل لغتها المحكية..لكنني أعرف بأنه بلد الطائفية والفصائلية والديمقراطية والصحافة والطباعة «فيها مطابع»، وفيها أيضا ميليشيات محلية وأخرى مستعدة للتحالف مع أية قوة كونية..
المهم : شاهدت عروض كمال أجسام لشباب يتعرون من كل الملابس سوى «شورت»، ويقفون في صندوق «بكب»، يقدمون حركات ما أفهم منها بأنهم يستعرضون عضلات أجسادهم، حتى الشباب الواقفين في الحشد، هم أيضا مزهوون بأجسادهم وبشورتاتهم، ولن أتحدث عن النساء والبنات، فهو حديث الآخرين الذي يتساجلون حوله، فهذا يتمنى حربا أهلية في لبنان، وهجرة قسرية للشعب بل لنساء لبنان الى الأردن، وقصة طويلة من قلة الأخلاق والهمجية وقلة الشرف، يجترها هابطون ويتمنون أن تخرب لبنان فوق فقرها وجوع شعبها..في الواقع وللدقة نقول إن مواطنين عربا من دول أخرى، يتناول الحديث السمج بنفس الطريقة.
فرغ الفلاسفة والمفكرون الأردنيون من كل قضايا وطنهم، و»بلشوا» بلبنان، البلد الذي لم أشعر بأنه استقر سياسيا منذ سمعت اسمه وعرفته، فهو يشبه سوقا سياسية متعددة رغم قلة عدد شعبه وتلاوينهم الفكرية والسياسية والاجتماعية والطائفية، ورغم كونه أكثر شعب عربي يسكن دولته المستقلة ويهاجر أبناؤه الى كل الدنيا..أصبح اليوم في مرمى العبقرية النضالوية الأردنية، ويتسابق العباقرة في ابتكار النكات والطرف المسيئة للشعب الشقيق، وينسى هؤلاء بل لا يعلم بأن الوعي السياسي والتاريخ النضالي للشعب اللبناني يحتل رأس قائمة الشعوب العربية، ولا يجوز التحدث بهذه الطريقة عنه وعن قضاياه الشعبية واسلوبه المتحضر في التعبير..
من ناحية أخرى يمكنني أن أتحدث عن وجه شبه بين تلك التجمعات والحشود الشعبية في الساحات اللبنانية، وبين اعتصام الدوار الرابع الذي تمخض عن الاطاحة بحكومة د. هاني الملقي، حشد كثير منهم لا تعلم كيف اجتمع ومن أين أتى، وقدم وصلات استعراضية لم أشاهدها لا عن قرب ولا عبر شاشات، رغم حدوثها في مكان يبعد 10 كلم عن مكان اقامتي، لكنني سمعت عنه وشاهدت بعض الفيديوهات والصور، وما زلت أحفظ ترنيمة تم تناقلها على هيئة فيديو بين المواطنين، تقول ( جبنا الجيتار.. وجينا ع الدوار)، وأنا متأكد تماما من أن المتحدث او المطرب ليس من محافظة الكرك ولا أية محافظة أخرى، وكذلك القول عن «الجيتار»، ولن أتحدث عن تعليقات مواطنين عرب عن مثل هذا الفيديو آنذاك.. يعني «خليها في تبنها».
كثير من الشعب العربي في قبضة جهة مجهولة، ليست تابعة لا لدولها ولا لحكوماتها، ولا منطق سياسي مقنع في خطابها، بل لا خطاب لديها سوى مصطلحات ممضوغة مليون مرة، من نوع «ارحل»..»الشعب يريد اسقاط «.. «حرامية»..»رجعوا مصارينا «..الخ، كلمات يقولها اليوم أطفال في الساحات وعبر وسائل التواصل الاجتماعي، ولا تصلح للنقاش وليس فيها حقائق ولا وعي ولا تنبىء عن توازن او حكمة.
هذه ملامح خطاب هابط لا يصلح الا للهتاف، تردده قطعان بلا إجادة حتى للفظ المصطلح.
ما هي المرحلة التالية من اختطاف الشعوب العربية الجاهلة وسوقها الى منحدرات الانحطاط وتخريب البيوت قبل الأوطان؟!..أنا أعتقد بأن العالم استقر كثيرا بعد الحرب العالمية الثانية، وازداد عدد البشر على الكوكب.