المُستشار الملكاوي: يُحذّر من تسلل التطرّف إلى بيوتنا ..
الشريط الإخباري :
الزرقاء / أكد المُستشار والمُحلل السياسي والأمني محمد الملكاوي بأن الأردن لا يُعاني بحمد الله بشكل عام من مشكلة التطرّف المُنظّم، وحتى إذا ظهر بعض المُتطرّفين بين الحين والآخر، فإن أعمالهم وأنشطتهم تطغى على الساحة الأردنية لوقت قصير ثم تختفى، مُشيراً إلى أن المُجتمع الأردني بثقافته العربية التي تمتد بجذورها إلى الإسلام والمسيحية هو مُجتمع مُتجانس ومُتسامح ومتوازن.
ولكنّه في المُقابل حذّر خلال مُحاضرة له اليوم في جمعية نشامى ملكا بالزرقاء بعنوان (دور المرأة في التصدّي للتطرّف والإرهاب) من تسلل التطرّف المُنظّم إلى داخل الأسر الأردنية تحت شعارات الدين والوطنية والتعصّب الأعمى وبعض القضايا المحلية الرئيسية بشكل أوسع وأخطر جرّاء التحديات التي تواجه الأردن سياسياً واقتصادياً واجتماعياً وثقافياً ودينياً على المستويين المحلي والخارجي، والأحداث الساخنة التي تشهدها فيما يُسمّى بالموجة الثانية من الربيع العربي، والتطوّرات الخطيرة المُتسارعة التي يشهدها الإقليم سياسياً وأمنياً.
كما حذّر من أن المُجتمع الأردني قد يواجه لا سمح الله في المُستقبل القريب من زيادة في التفكير المُتطرّف المُنظّم والآراء العدائية بسبب اصطفاف المُجتمع في خنادق ضد بعضها البعض في أزمات داخلية رئيسية كشفت عنها على سبيل المثال لا الحصر أزمة المُعلمين الأخيرة، حيث شهدت وسائل التواصل الاجتماعي تطرّفاً وعدائية واضحة بين مُختلف المواطنين في التعبير عن آرائهم، وصلت حِدّة بعض هذه الآراء إلى التخوين ومُحاربة وشتم وإقصاء أصحاب الرأي الآخر، مما يستدعي من الجهات المُختصة في الدولة والحكومة والمؤسسات الوطنية الأخرى كالأحزاب والنقابات ومؤسسات المُجتمع المدني إلى دراسة طبيعة وسبب هذه الأفكار والآراء ووجهات النظر المُتطرّفة والعدائية التي سيطرت على الساحة المحلية حينذاك بهدف وضع الخِطط السليمة لترسيخ ثقافة الحوار الإيجابي مُستقبلاً.
ولفت المُستشار الملكاوي إلى أنه لم يعد التفسير الخاطئ للدين والاعتماد على أقوال علماء مجزوءة أو تفسيرات خاطئة دون الرجوع للقرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة الصحيحة وحدها سبباً في التطرّف، بل أصبح التفسير الخاطي للوطنية والمواطنة أحد أسباب التطرّف الرئيسية، مما يستدعي وجود استرايتيجة وطنية حقيقية وشاملة تُطبّق على الأرض للتصدّي للتطرّف في المُجتمع من خلال الخِطط والبرامج والمشاريع العملية المُتكاملة، وليس مجرّد استراتيجية حكومية كرتونية للغايات الإعلامية والاستعراضية بين الحين والآخر.
وقال الملكاوي باعتباره خبيراً إعلامياً في مجال التصدي للتطرّف والإرهاب بأن بذور التطرّف موجودة في كل المجتمعات في العالم، وهي (أي بذور التطرّف) ليست مُرتبطة بدين أو مُجتمع مُعين، وليست ذات خطرٍ حقيقي إلا إذا تم تحفيزها في بيئة مُجتمعية مُسالمة أو ضعيفة تسمح بتمدد التطرّف المُنظّم، في ظل غياب رقابة الدولة ورقابة المُجتمع ورقابة الشعب على الجهات والجماعات والأشخاص والأعمال والأنشطة التي توفر ملاذاً آمناً فيها للتطرّف والمُتطرّفين، وتُمكنهم من بث أفكارهم الخِلافية في المُجتمع بهدف استقطاب مُتطرّفين جُدد وأشخاص لديهم الاستعداد للتطرّف، وإغراق الدولة في الفوضى لإضعافها وسهولة السيطرة عليها.
وأشاد بالدور الذي تقوم به المرأة الأردنية داخل الأسرة وفي المُجتمع في كشف الشخص المُتطرّف خاصة داخل الأسرة والعمل على تقويمه، مؤكداً بأن المرأة الأردنية مُتعلمة ومُثقفة وواعية من جهة، وهي الركيزة الأولى وهي الشريك الأقوى مع الرجل في علاج التطرّف الذي قد تُبتلى فيه بعض الأسر من جهة أخرى، والذي يمتد خطره إلى المُجتمع، وذلك بُحكم موقعها الرئيسي داخل الأسرة (كأم وزوجة وأخت وابنه)، وقيامها ببعض واجبات الأب والزوج والأخ في كثير من الأحيان.
وأوضح بأن المُجتمعات العربية والإسلامية تُعاني من تطرّف الرجل أكثر من تطرّف المرأة بسبب ذكورية هذه المُجتمعات، هذا إلى جانب أنها (المرأة) هي الطرف الأضعف الذي يُعاني في المُجتمعات المُتطرّفة، لافتاً إلى الدول التي فقدت الأمن والاستقرار والتي يُسيطر على أغلبها المُتطرّفون، الذين اختطف بعضهم الدين وحملوا السلاح وأمعنوا القتل والتشريد في المُجتمعات الضعيفة تحت شعار التكفير، أو أولئك الذين تخندقوا ضد بعضهم البعض مُتسلّحين بالوطنية ومُحاربة العمالة والتخوين خدمة لمصالحهم ومصالح أجندات دول وأطرافٍ وجهات خارجية.
وَعّدد المُستشار محمد الملكاوي بعضاً من مظاهر التطرّف التي تطغى على الشخص المُتطرّف والتي يجب الانتباه لها، وأبرزها التعصب والأحكام العشوائية وعدم احترام الرأي الآخر والفهم الخاطئ للأمور دينياً ووطنياً واجتماعياً وإنسانياً.
كما عَدّد بعضاً من مؤشرات التطرّف داخل الأسرة والمُجتمع، والمُتمثلة في التغيّر المُفاجئ في الوضع المالي سلباً أو إيجاباً، وممارسة أنشطة مشبوهة ومُريبة، والتحجج بالدين وإقحامه في كل حوار لتبرير الأعمال المُتطرّفة، وقلّة الاختلاط بالأهل والناس وعدم المُشاركة في المناسبات، وقطع العلاقات مع الأصدقاء القُدامى في الحي أو المدرسة أو الجامعة من ذوي السيرة الحسنة، واتخاذ أشخاص جُدد غير معروفين، والقيام بأعمال وزيارات وأنشطة معهم غير معروفة، وارتداء ملابس غير تقليدية في الأسرة والمُجتمع بشكل دائم، والقيام بأعمال وممارسات غير تقليدية، واتباع وتقليد أشخاص أو جماعات مُتطرّفة أو إرهابية.
كما أن أبرز مؤشرات الأشخاص المُتطرّفين تتمثل في عقوق الوالدين وقطع الأرحام وكثرة النزاعات والخلافات داخل الأسرة بذريعة الدين وتطبيقه، والانطوائية والقلق والتواتر الدائم، والوسواس والشك في كلّ شئ، والغِلظة في العقاب، والتشدد غير المُبرر في العبادات بعيداً عن وسطية الدين، وإصدار الفتاوى بشكل دائم نقلاً عن أشخاص آخرين وليس استناداً للقرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة، والتصلّب والتشدد في الرأي وسخونة الحوار معه، وتتبّع زلاّت وأخطاء الأخرين بهدف كشفها وفضحها وليس بهدف التعلّم منها.
واختتم المُستشار الملكاوي حديثه بالقول بأنه في الدول والمُجتمعات الضعيفة يُسيطر المُتطرّفون على شؤونها ويستخدمون السلاح والقتل والتهديد ضد الآخرين لتنفيذ أجنداتهم، مؤكداً على أن العديد من الدول العربية لا زالت تدفع ثمن التطرّف والإرهاب بسبب هيمنة هذه الفئات المُتطرّفة على سكانها باسم الدين، هذا على الرغم من أن التاريخ لم يُسجل أي موقف تطرّف بحق الرسول صلّ الله عليه وسلّم على مدى (23) سنة منذ بعثته وحتى وفاته رغم أنه تعرّض لشتّى أصناف العذاب والحرب والإقصاء من قِبل الذين رفضوا دعوته للإسلام.
لمزيد من المعلومات / المُستشار محمد الملكاوي 0795755033