حروب المياه

{clean_title}
الشريط الإخباري :  
محمد سلامة - تعاني معظم دول الشرق الاوسط وخاصة البلاد العربية من مشكلة شح المياه،  ذلك ان ازدياد أعداد السكان يقابله توسع رقعة الأراضي العطشى والتي تحتاج إلى المياه، فتلجا الدول إلى إقامة السدود والبحث عن مصادر المياه في جوف الأرض، وبالمجمل نجد أنها تهدد شعوبا بالعطش وتعكس تغول دول على حصص دول أخرى في المياه،  والبعض يهدد بالحرب لانتزاع حصته،  وهكذا فان المستقبل ينذر بالخطر حال إستمرار إدارة الوضع المائي وتحكم قوى إقليمية وبغطاء دولي لمصادر المياه. 
إسرائيل عندما احتلت هضبة الجولان من سوريا عام 1967م شرعت مباشرة في إستغلال مياهها العذبة وحرمت السوريين وغيرهم من الإستفادة الفعلية منها وأقامت محطات تحلية وأنشأت سدود وتوسعت في عدوانيتها تجاه الجنوب اللبناني عام 1982م لتسيطر على منابع نهر الليطاني وغيره وشرعت بسرقة المياه العربية مستغلة قوتها العسكرية والغطاء الأمريكي لها وظلت تعربد بطريقتها الفجة على جوارها باستغلال المياه المشتركة لوحدها وما زالت حتى اليوم تمارس ذات الأمر. 
التقارير الاممية تؤشر إلى أن المواطن العربي هو الاقل استهلاكا للمياه في جواره وعلى مستوى العالم،  ومعظم الدول الإقليمية تتمدد بمشاريعها المائية على حساب الآخرين، فتركيا مثلا أقامت عشرات السدود المائية على منابع نهري دجلة والفرات وعلى حساب جوارها السوري والعراقي، وهذا حول جزء كبير من الأراضي العربية إلى العطش وانعكس ذلك على حصة الفرد والزراعة وري الماشية وحتى مناخ الطبيعة والحياة،  وكلنا يتذكر العنجهية التركية في رفضها التعاون مع جوارها العربي لتوزيع حصص المياه واستفادة الجميع، فكانت تردد عبارتها الشهيرة..»يكفيكم النفط يا عرب « وهذا أثر على كل مناحي الحياة في سوريا والعراق. 
اليوم..ذات المشكلة تتكرر ما بين مصر واثيوبيا على خلفية إقامة أكبر سد للمياه في أفريقيا والمنطقة (سد النهضة الأثيوبي) وان المفاوضات وصلت ديبلوماسيا إلى طريق مسدود وصمت القاهرة يعني بكل بساطة فقدانها لأهم شريان حياة وهبه الله لها منذ آلاف السنين،  فالارقام المعلنة أنه تم تدشين 70 % من المشروع وأن سعته التخزينية تتجاوز (90) مليار متر مكعب، وأن اديس ابابا مصرة على ملء كامله خلال خمسة سنوات،  وهناك امتناع أمريكي عن التوسط، وجل المعلومات المسربة تؤكد أن القاهرة وحيدة في مواجهة السياسات الاثيوبية خاصة أن اطراف إقليمية وازنة تقف إلى جانب الرئيس أبي أحمد مهندس فكرة ابتلاع حصص جواره من مياه النيل.
حال بدء تشغيل سد النهضة الأثيوبي فإن ما حدث لنهري دجلة والفرات في سوريه والعراق سوف يصار إلى تكراره بطريقة أو بأخرى على نيل مصر ووفق المواقف المعلنة فإن الخرطوم باتت على الحياد وتتحدث عن مصالحها في عدم الانجرار وراء الموقف المصري، ولهذا نجد القاهرة وحيدة في مواجهة السياسات الاثيوبية خاصة والأطراف المتحالفة معها، فإسرائيل وحسب الصحافة الغربية نشرت صواريخ مضادة للطائرات متطورة لحماية سند النهضة وصد أي عدوان عليه. روسيا دخلت على خط الأزمة ما بين إثيوبيا ومصر والرئيس بوتين سيلتقي في سوتشي مع الرئيسين عبدالفتاح السيسي وابي أحمد لحلحلة الموضوع والوصول إلى نقاط مشتركة ومنع التصعيد وكل المؤشرات تؤكد ضعف الموقف المصري وان إثيوبيا لن تتنازل عن شيء، فحلفاؤها الاقليميون يدعمونها بالمال والسلاح وهدفهم أن تبقى مصر ضعيفة وان يصار إلى احتوائها اقتصاديا وجرها إلى مربع فرض الأمر الواقع عليها. 
خلاصة القول إن إسرائيل وتركيا تسرقان المياه العربية وانضمت اليهما إثيوبيا في تجفيف منابع النيل،  وهكذا يخسر العرب مياههم وثرواتهم في جل الجغرافيا التي يتواجدون بها اليوم.

© جميع الحقوق محفوظة لوكالة الشريط الإخبارية 2024
تصميم و تطوير
Update cookies preferences