هل توقف الوعود بالإصلاح ثورة اللبنانيين؟

{clean_title}
الشريط الإخباري :  
نشرت صحيفة "فايننشال تايمز" مقالا للمعلقة رولا خلف، تقول فيه إن المجتمع اللبناني الذي غالبا ما كان يبحث عن مهرب، وجد نفسه اليوم يصرخ بصوت واحد ضد الأوضاع التي تعاني منها البلاد.
وتشير خلف في مقالها،، إلى أنه في اليوم الأول للتظاهرات الجماهيرية وصفت بأنها "ثورة الواتساب"، التي انفجرت بسبب زيادة الضريبة على مكالمات التطبيق المعروف، وفي اليوم التالي أطلق عليها ثورة "رفسة الملكة"، بعدما انتشرت صورة امرأة لبنانية وهي تركل رجل شرطة على مكان حساس من جسده على وسائل التواصل، وفي اليوم الرابع أطلق عليها ثورة الـ"دي جي"، حيث خرج ربع سكان لبنان إلى الشوارع على أصوات "دي جي"، وفقا لترجمة صحيفة عربي21.
وتعلق الكاتبة قائلة إنه "في هذا الجو الذي يغلي وجد الشعب الذي يبحث عن مهرب من ذكريات الحرب الأهلية في السبعينيات والثمانينيات صوتا ضد الفساد وعقم الساسة الذين حكموا البلاد منذ وقت طويل".
وتجد خلف أن "ما هو مدهش أن انتفاضة لبنان أخذت وقتا طويلا لتنتشر في الشوارع، وحدثت حوادث نهب وشغب وحجب للشوارع، التي شلت حركة الشارع. وحتى في الأوقات الصعبة يحب اللبنانيون الاحتفال، ولهذا أعربوا عن غضبهم من الفساد والمحسوبية في أجواء احتفالية".
وتلفت الكاتبة إلى أن "السكان من الأعمار كلها استعاروا شعارا من ثورات الربيع العربي عام 2011، وهو (الشعب يريد إسقاط النظام)، وكانت التظاهرات عفوية وتفتقد القيادة أو التنظيم، وبشكل مدهش لا تحمل بعدا طائفيا في بلد تعود على الطائفية، فالسنة والشيعة والدروز والمسيحيون توحدوا في معارضتهم لسوء إدارة مضى عليها عقود".
وتستدرك خلف بأنه "في لبنان لا يوجد هناك نظام يمكن الإطاحة به؛ لأن لبنان ليس مثل بقية الدول العربية، ففيه مساحة من الحرية ويحكم فيه المسلمون والمسيحيون بنوع من التشارك في الحكم غير المريح، وتعني الإطاحة بالنظام التخلص من الطبقة السياسية كلها، ما يعني تفكيك النظام الطائفي وبناء دولة علمانية قومية، وهذا حلم جميل، لكن لا يمكن تحقيقه في أي وقت قريب".
وتقول الكاتبة: "أفكر في وطني لبنان بصفته بلدا يحكمه ديكتاتوريون صغار يستخدمون نظام الرعاية للسيطرة على مناطقهم الطائفية، وبالتالي فإن من يحكمون لا يملكون مفاصل السلطة، فرئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري زعيم المجتمع السني، وميشيل عون هو زعيم المسيحيين الموارنة، إلا أن حزب الله المدعوم من إيران هو الأقوى".
وتفيد خلف بأن "هؤلاء الديكتاتوريين الصغار لا يفرضون إرادتهم على الشعب بقدر ما يتجاهلون مظاهر قلقه، ويقف الاقتصاد على حافة الانهيار، فيما وصلت فيه نسبة الدين العام إلى 150% من الناتج القومي العام، إلا أن النهم للفساد يظل قائما، ولهذا السبب لا يزال اللبنانيون، وبعد سنوات من الحرب الأهلية، يشعرون بأنهم قد خرجوا من نزاع جديد باقتصاد مدمر وخدمات مهمشة ودولة عاجزة".
وتنوه الكاتبة إلى أن "حجم التظاهرات فاجأ الساسة، لكنه لم يصدمهم، وعندما تحدث قادة الأحزاب في الأسبوع الماضي وافقوا كلهم على المظلومية العامة، وقالوا إن من حق الناس التظاهر والغضب، لكنهم خائفون ويجب أن يكونوا كذلك، فكل ثورة بهذا الحجم شهدتها المنطقة لم تنته بالحفاظ على الوضع القائم، فقد انتهى الربيع العربي بعدد قليل من الاستثناءات بحروب أهلية، وحتى الجزائر والسودان، اللتين عبدتا الطريق أمام مستقبل فيه أمل".
وتذكر خلف أن "لبنان لم يشهد تظاهرات بهذا المستوى إلا عام 2005 بعد مقتل رئيس الوزراء رفيق الحريري، التي أدت إلى خروج القوات السورية من لبنان".
وتختم الكاتبة مقالها بالقول إنه "لم يمض سوى أسبوع على التظاهرات، إلا أنه جعل الساسة ينتبهون، فقد أقرت الحكومة سلسلة من السياسات، وألغت الضرائب، وتم تخفيض الرواتب للوزراء والبرلمانيين، مع وعود بمحاربة الفساد، وهي خطوات صحيحة، لكنها قد تكون متأخرة. فعندما يطلق العنان للثورات الشعبية من الصعب احتواؤها بوعود جيدة وسلوك حسن".
© جميع الحقوق محفوظة لوكالة الشريط الإخبارية 2024
تصميم و تطوير
Update cookies preferences