الدعدشة لن تطوى مع البغدادي

{clean_title}
الشريط الإخباري :  
رمزي الغزوي - عندما علم الرئيس الشيشاني رمضان قديروف عن مقتل أبي بكر البغدادي بيد أمريكية قال: يتبادر إلى ذهني الآن، قول الشاعر الأوكراني تاراس بولبا لابنه: (لقد أنجبتك، وأنا أحقُّ الناس بقتلك). 
وهذا قول سيفرح ويبهج ويسر قلوب أؤلئك الذين ما زالوا يؤمنون بأن داعش وأخواتها، ما هي إلا صناعة أمريكية خالصة، وأن مقتل البغدادي بهذا الطريقة الرامبووية، ما هو إلا استكمال لتلك التمثيلية السمجة طويلة الأمد.
لن أدخل في متاهة ونقاشات هذه الفكرة المترسخة لدى المتمترسين خلف ستائر نظرية المؤامرة بشماعتها الأمريكية دوما والجاهزة للعمل في كل مكان، ولكني فرحت كفرحهم بقول قديروف وأكثر، وكنت سأفرح أضعافا مضاعفة، لو أن مقتل هذا الجبان كان على يدينا؛ لنطفئ ثأرنا ونروي غليلنا. 
ستبقى الرواية الأمريكية حول مقتله صالحة، حتى تظهر رواية غيرها تدحضها أو تفندها. ولهذا أنا أصدق أنه فجّر نفسه بحزام ناسف قاتلاً معه أطفاله. فهكذا يكون تفكير كل طاغية مجرم وصل لرتبة ديكتاتور حين يجد نفسه في نفق غير نافذ. وسأصدق أنه جأر وجعر وبكى قبل مقتله، لأنه كان يعتقد أنه عصي على أن يقع ويقتل.
أحد المعلقين تجاهل كل العملية وحيثياتها ونتائجها، لأنه غير مقتنع بأن الأمريكان كان طلبوا من المتعاون معهم، وهو مقرب جدا للبغدادي، أن يسرق ثيابه الداخلية. ونسي أن هذا مقنع لأنه يريدون أن يتأكدوا من هويته قبل التنفيذ، من خلال فحص الحمض النووي. وعلق آخر مستغربا كيف لهم أن يسموا رمي اشلائه في البحر، بأنه طريقة دفن تنسجم مع الطريقة الإسلامية. 
لن أقف إلا عند التساؤل الكبير: لماذا لم نر أية مظاهر للبهجة أو الترحيب بمقتل هذا المجرم الحقير بين الناس؟. أين هم الساخطون عليه حين حرق ابننا وفجر الابرياء وجند الأطفال؟. أين هم الذين استنكروا كيف كان يقطع الرؤوس ويرعب الناس. 
أعتقد أنه، ورغم مقتل البغدادي، إلا أن صفحة الدعدشة لن تطوى في حياتنا على المستوى القريب. فثمة بذور لهذا الفكر كامنة ولائذة لربما تصحو في أي مكان. داعش ليس جغرافيا على الأرض. هي فكر يحمله الحاملون.
© جميع الحقوق محفوظة لوكالة الشريط الإخبارية 2024
تصميم و تطوير
Update cookies preferences