سحر أموريم يختفي مع مانشستر يونايتد

{clean_title}
الشريط الإخباري :  

انتهى سريعا شهر العسل بين المدرب البرتغالي روبن أموريم وجماهير مانشستر يونايتد، بعد ما تجرع الفريق من مرارة الهزيمة في آخر مباراتين على مستوى الدوري الإنكليزي الممتاز، الأولى بالسقوط أمام غريم الأمس آرسنال بهدفين نظيفين من ركلتين ركنتين، والثانية أمام نوتنغهام فورست بنتيجة 2-3، كأول خسارة للشياطين الحمر على ملعب “أولد ترافورد” أمام فورست منذ 30 عاما، ما تسبب في تراجع الفريق إلى المركز الثالث عشر برصيد 19 نقطة، وهو أسوأ مركز لزعيم إنكلترا على المستوى المحلي في أول 15 مباراة منذ موسم 1986 -1987، وسط تسونامي من علامات الاستفهام حول ما يُعرف بسحر وتأثير أموريم السريع مع فرقه، على غرار ما فعل في وطنه مع سبورتنغ براغا وسبورتنغ لشبونة، وفي هذا التقرير دعونا نستعرض معا أسباب تأخر بصمة المدرب البرتغالي الشاب على مشروعه الجديد في “مسرح الأحلام”.

الإرث المفخخ

كما سيكون من الصعب التشكيك أفكار أموريم ومنظوره التكتيكي، أيضا يمكن التسليم بأنه سيكون من الصعب رؤية بصمته مع الشياطين الحمر بأثر فوري، وذلك لعدة أسباب، منها على سبيل المثال المناخ السيئ للنادي، حتى بعد تسلم السير جيم راتكليف مهام إدارة ملف الكرة، كان آخرها طرد المدير الرياضي دان أشورت، بعد قرابة الخمسة أشهر من توليه المهمة، بحجة عدم ملائمته للمشروع، وهو من أحدث طفرة في الفئات السنية لمنتخب إنكلترا، ثم أشرف على نهضة نيوكاسل يونايتد ووصوله إلى دوري أبطال أوروبا، للمرة الأولى منذ قرابة العقدين، بأقل تكاليف ممكنة، بخلاف الإرث المفخخ الذي تركه سلفه الهولندي إريك تين هاغ، أو ما يمكن وصفه مجازا بالفريق المفكك، الذي لا يتعلم أبدا من أخطاء الماضي، وتجلى ذلك في السهولة التي يستقبل بها الحارس أونانا وخط دفاعه الأهداف، آخرها كوارث مباراة فورست الأخيرة، باسقبال هدف من ركلة ركنية مع مرور أول دقيقتين من أحداث المباراة، وسط حراسة المدافع ليساندرو مارتينيز للعملاق الذي يبلغ طوله أكثر من 5 أقدام ميلينكوفيتش، وبعيدا عن فارق الطول بين مارتينيز والمنافس، أظهرت الإعادة كسل بطل العالم في مضايقة ميلينكوفيتش أثناء تسجيل الهدف، وحتى بعد نجاح هويلند في تسجيل هدف التعادل، عاد الفريق إلى فصوله الباردة، بتمريرة خاطئة عن طريق القائد برونو فرنانديز، وجدها جناح تشيلسي السابق كالوم هدسون أودي، الذي بدوره مرر الكرة على حدود منطقة الجزاء لمورجان جيبس وايت، ليغالط الحارس الكاميروني بتسديدة بالكاد لا تنطلي على حارس شاب، والأغرب على الإطلاق ما حدث في لقطة الهدف الثالث، باكتفاء الحارس والمدافعين بمشاهدة جيبس وايت، وهو يرتقي إلى الكرة ليودعها برأسه في المرمى، وذلك استكمالا لمسلسل الأخطاء الفردية، التي سيتعين على أموريم حلها من الجذور، إذا كانت لديه رغبة حقيقية في تصحيح أوضاع الفريق على المدى القريب أو المتوسط قبل التفكير في الأهداف والطموحات الكبيرة في المستقبل.

نقص الجودة

رغم بداية أموريم المقبولة، بتأمين التعادل في أول مباراة أمام إيبسويتش تاون ثم بالفوز على إيفرتون برباعية ساحقة وفوز آخر في بطولة الدوري الأوروبي، إلا أنه كان صادقا مع نفسه ومع الجماهير، بأكثر من اعتراف بشأن المشاكل ونقاط الضعف التي يعاني منها الفريق، ومؤخرا وتحديدا بعد السقوط أمام نوتنغهام فورست، قال صراحة إن فريقه عانى من “نقص الجودة والإبداع”، مضيفا بالنص نقلا عن موقع “Goal” العالمي “لقد تلقينا هدفين ثم تقدمنا إلى الأمام دون الكثير من التفكير. علينا معالجة ذلك، لكنها رحلة طويلة. الأمر ليس فرديًا، إنه الفريق بأكمله، لقد تلقينا ثلاثة أهداف في مباراتين من الكرات الثابتة، لقد أمضينا الكثير من الوقت هناك، لكن علينا أن نفعل ما هو أفضل. علينا أن نفعل ما هو أفضل في كل هذه المباريات “، وفي رده على سؤال آخر حول البداية المعقدة على مستوى البريميرليغ، قال “واجهت هذه الفترة في سبورتينغ وإذا كنت تمتلك بعض الخبرة في كرة القدم، فإن هذا يحدث مع الكثير من الأندية وعلينا إدارة الأمور لمواصلة تنفيذ نفس الأشياء وتحسين الفريق لأن الأمور ستتحسن. نحتاج إلى الوقت ومواصلة العمل بنفس الطريقة كل يوم”، ما يعني أن أموريم ببساطة، إما أنه يُدرك جيدا أن العناصر المتاحة في تشكيلته في الوقت الحالي، لن تسعفه على تنفيذ أفكاره وأهدافه بالسرعة التي توقعها أغلب عشاق النادي في كل أنحاء العالم، وإما أنه يقصد أنه سيكون بحاجة لمزيد من الوقت، للتخلص من الفائضين عن الحاجة، واستبدالهم بعناصر أخرى تتماشى مع أفكاره، على أن تكون البداية بصفقة أو اثنين من القائمة المستهدفة في سوق الانتقالات الشتوية التي ستفتح أبوابها مع أول ساعات العام الجديد، خاصة بعد أول صدام حقيقي بينه وبين اللاعبين، بانتقاد مبطن للجميع بدون استثناء، بما وصفه “معاناة الفريق من قلة الروح القتالية”، في نفس المؤتمر الصحافي الذي دعا فيه مواطنه برونو وباقي اللاعبين لـ “الركض مثل الكلاب المجنونة”، إذا كانت لديهم رغبة أو طموح للاستمتاع بأي إنجاز أو نجاح حقيقي على مستوى الدوري الإنكليزي الممتاز، وهي وجهة النظر التي أيدها أيقونة النادي في عصر تلاميذ السير أليكس فيرغسون، والمحلل اللامع حاليا غاري نيفيل، بقوله في تغطيته لهزيمة فورست الأخيرة عبر شبكة “إن بي سي” سبورت “لا يوجد فريق جيد على الإطلاق دون العمل الجاد. مانشستر يونايتد يحتل المركز الثالث عشر في الدوري وإحصائيات الركض الخاصة بهم، المسافة التي تم تغطيتها، هي السادسة عشرة في الدوري. لا تستحق أي شيء إذا كنت تُهزم في الركض كل أسبوع. بالنسبة لي، أسوأ شيء يمكن أن يُقال عنك هو أنك لست لاعبا مجتهدا أو أنك لست فريقًا مجتهدا”، كمؤشر على السيناريو المحتمل حدوثه، أن يستمر مسلسل خذلان أموريم من قبل بعض اللاعبين، كما حدث من قبل مع تين هاغ ومن قبله رالف رانغنيك وأولي غونار سولشاير وجوزيه مورينيو، والحل الوحيد، محاكاة تجربة إنزو ماريسكا مع تشيلسي، بالتخلص سريعا من الأسماء التي تشكل عبء على الفريق، أو ما يُقال عنهم أصحاب المزاج المتقلب.

القائمة السوداء

واحد من أكثر الأسماء المتخاذلة سواء مع أموريم أو المدربين السابقين، هو ابن النادي ماركوس راشفورد، الذي خدع المدرب الجديد، ببداية مشرقة وبراقة، كانت قد أسفرت عن تسجيل ثلاثة أهداف في أول مباراتين، قبل أن يعود سريعا إلى المربع صفر، بظهوره بمستوى أقل ما يُقال عنه متواضع ومحبط، وبالمثل يبدو وكأن الشاب أليخاندرو غارناتشو، لا يقوى على الاستمرارية في أعلى مستوى، مكتفيا دائما وأبدا بندب حظه عبر حساباته الرسمية على مواقع التواصل الاجتماعي، وقبل الجميع، يتحمل القائد برونو فرنانديز، جزء كبير من العثرات الأخيرة، والأمر لا يتعلق بابتعاده عن مستواه المميز المعروف عنه، بل أيضا لإخفاقه في السيطرة على أعصابه، ويُضاف إلى هذه المجموعة، من يؤدي بلا شغف كل أسبوع، ومن يسابق الزمن للحصول على راتبه الضخم كل أسبوع، من نوعية ديوغو دالوت، وأنتونتي، والأخير بالذات يستمتع باستنزاف ميزانية النادي بأكثر من 100 ألف جنيه إسترليني في الأسبوع، منذ ضمه من أياكس أمستردام قبل عامين بأكثر من 80 مليون بنفس العملة، ليخيب آمال الجميع بظهوره بنسخة أقل ما يُقال عنها “متواضعة” ولا تملك المؤهلات اللازمة للقتال في أعلى مستوى تنافسي في البريميرليغ، ناهيك عن الأسماء التي تجاوزت مرحلة الذروة، مثل البرازيلي كاسيميرو، الذي بدأ يستعد للحصول على استراحة المحارب، بالذهاب إما للدوري السعودي أو الأمريكي في فصل الصيف، ومعه لوك شو، الذي قضى جُل مشواره الاحترافي في صراعه مع لعنة الإصابات، وبدرجة أقل فيكتور ليندلوف، وأسماء أخرى سيكون من الصعب رؤيتها مع أموريم في المرحلة القادمة، أو على أقل تقدير بداية من الموسم الماضي، كضرورة وأولوية بالنسبة للمدرب البرتغالي، الذي يبدو واضحا أنه يدفع ثمن الصفقات السيئة التي أبرمها النادي في حقبة تين هاغ ومن سبقه، ومن حسن الحظ، ستكون أمامه فرصة ذهبية لبدء بناء المشروع كما يريد، باستقطاب دفعة أولى من الأسماء المستهدفة في كانون الثاني/يناير المقبل، مقابل التخلي عن جزء من الموظفين وأنصاف النجوم إلى أن يأتي موعد الترميم والتنظيف في فصل الصيف، أما قبل ذلك، ستكون معجزة لو نجح أموريم في تحقيق نجاح ملموس بهذه القائمة التعيسة من اللاعبين.

© جميع الحقوق محفوظة لوكالة الشريط الإخبارية 2024
تصميم و تطوير
Update cookies preferences