الثوابت والمقدسات تتحطم في دوري أبطال أوروبا
كما كان متوقعا.. أوفت الجولة السادسة لدوري مجموعات أبطال أوروبا بكل الوعود والتوقعات، بعدد لا بأس به من القمم الكلاسيكية والنهائيات المبكرة المثيرة، التي ساهمت بشكل أو بآخر في استمرار لعبة “الكراسي الموسيقية” بشأن مراكز الفرق في جدول الترتيب العام، باستثناء عملاق البريميرليغ ليفربول، الذي أضاف جيرونا الإسباني إلى قائمة ضحاياه في الكأس ذات الإذنين، ليبقى منفردا بالصدارة بالعلامة الكاملة في أول ست مباريات، تاركا خلفه كل الأندية في ما يمكن وصفه بـ “الصراع من أجل البقاء على قيد الحياة”، ما بين فرق تكافح لانتزاع واحد من المراكز الثمانية المؤهلة بشكل مباشر إلى مراحل خروج المغلوب، وأخرى تتشبث بالأمل وطوق النجاة الأخير، بالتواجد ضمن أصحاب المراكز من التاسع إلى الرابع والعشرين، لخوض مباراتين فاصلتين بنظام “الذهاب والإياب”، للحاق بركب الثمانية الأوائل في قرعة دور الـ16، والمثير للدهشة والاستغراب، أن بعض الكبار ومن كانوا “مرشحين” لحجز المراكز الثمانية الأولى بكل راحة وأريحية، بحكم الخبرة والباع والتمرس على أجواء وطقوس أعرق بطولات القارة العجوز على مستوى الأندية، بدأوا يشعرون بصعوبة موقفهم قبل جولتين من نهاية مرحلة “الدوري”، أو بعبارة أخرى أكثر صراحة “يواجهون بالفعل خطر الخروج المبكر” من البطولة، حتى بعد عودة البعض منهم إلى نغمة الانتصارات في سهرتي منتصف الأسبوع الماضي وتحسن ترتيب في الجدول، في المقابل، نتحدث عن تواجد حوالي ثلاثة أو أربعة فرق متوسطة وكادحة ضمن أصحاب المراكز الثمانية الذهبية مع بدء العد التنازلي لنهاية مرحلة الدوري، وهذا إن دل على شيء، فحتما على نتائج أو آثار عاصفة تغيير نظام المسابقة، من نظام المجموعات القديم الذي كان يخدم مصالح الكبار وأصحاب التصنيف الأول، لتسهيل تأهلهم إلى الإقصائيات بعد أول ثلاث أو أربع جولات، إلى النظام الحالي غير المتوقع، الذي كان ولا يزال عنوانا للخلاف بين النقاد والمتابعين، ما بين فئة تضع الكثير من علامات الاستفهام حول ضياع ما يُعرف بمفهوم “الثأر أو الانتقام”، الذي كان يعطي الأندية الخاسرة “حق الرد” في اللقاء الثاني مع المنافس، وأخرى تؤيد فكرة التغيير في حد ذاتها بصرف النظر عن السلبيات والإيجابيات المحتملة في النظام الجديد، خاصة بعد تحول نظام المجموعات القديم، إلا ما هو أشبه بالمسلسل العربي “المعروف نهايته من الحلقة الأولى” باستثناء الحالات النادرة، التي كانت تعرف في الماضي باسم “مجموعات الموت” بتواجد ثلاثة أندية من العيار الثقيل في مجموعة واحدة، أما الآن، فلا خلاف ولا جدال أبدا، على صعوبة التكهن أو التنبؤ بنتائج المباريات أو الترتيب النهائي للدوري مع إطلاق صافرة الجولة الأخيرة التي ستقام خلالها كل المباريات في نفس التوقيت، وهذا في حد ذاته فتح الباب على مصراعيه لتحطيم ما وصفناه في العنوان بالثوابت والمقدسات المتوارثة في النظام الجديد، كما سنستعرض معا في موضوعنا الأسبوعي.
انفراجة الريال
أنا وإنتِ وأنت عزيزي القارئ، كنا نتقاسم نظرة جمهور ريال مدريد لفريقه في دوري مجموعات أبطال أوروبا، منذ تغيير النظام السابق في منتصف تسعينات القرن الماضي، في ما كانت أشبه بالنزهة للفريق، قبل أن يبدأ الاستعداد لمعارك تكسير العظيم الإقصائية مع عيد الحب في فبراير / شباط من كل عام، بل أبعد من ذلك، كان الميرينغي في كثير من الأوقات، يحسم تأهله إلى دور الـ16 بجمع العلامة الكاملة في أول 3 مباريات في دوري المجموعات، بينما الآن، يبدو واضحا وضوح الشمس في ظهيرة الصيف، أن أموره لا تسير بنفس الطريقة، حتى بعد نجاته من فخ بيرغامو، بذاك الانتصار الهوليودي الذي تحقق على حساب ضحيته في مباراة كأس السوبر الأوروبية الأخيرة أتالانتا على أرضه ووسط جماهيره بنتيجة 3-2، في مباراة خاضها حامل اللقب تحت شعار “لا بديل عن الثلاث نقاط”، وذلك بطبيعة الحال لضرب عصفورين بحجر واحد، الأول لمصالحة المشجعين بعد العرض الباهت والهزيمة المؤلمة أمام ليفربول، في قمة الجولة الخامسة التي احتضنها ملعب “الآنفيلد” وانتهت بفوز أصحاب الأرض بثنائية نظيفة، والثاني وهو الأهم، لتصحيح موقفه بالابتعاد خطوة جديدة عن المنطقة السوداء في جدول الترتيب العام -ما تحت المركز الـ24 وحتى الأخير-، وإلا كان المدرب كارلو أنشيلوتي، سيجد نفسه في موقف لا يُحسد عليه في آخر جولتين، منها بلغة الأرقام، كان سيعود إلى “سانتياغو بيرنابيو” بالسقوط الثالث على التوالي خارج القواعد، بعد الفشل في تسجيل ولو هدف يتيم أمام ليل وليفربول، بخلاف الخسارة المحرجة أمام ميلان بنتيجة 1-3 في قلب “البيرنابيو” الرابعة، ليتنفس المدرب الإيطالي الصعداء، بتحقيق الهدف المنشود في رحلة “جيويس”، أولا اقتناص الثلاث نقاط بأي طريقة ممكنة، ثم بالظهور بالنسخة المحفورة في الأذهان عن النادي الملكي في بطولته المفضل، كفريق قادر على تحقيق الفوز حتى لو كان في أسوأ حالاته، متسلحا كالعادة بشخصية البطل “المهيبة” التي تعطيه أفضلية على خصومه، وذلك بالتزامن مع تحرر كلمة السر في موسم الكأس الخامسة عشر، الدولي الإنكليزي غود بيلينغهام، الذي أثبت للمباراة السادسة على التوالي، أنه الرابح الأكبر من عودة الميستر كارليتو إلى الأصول والطريقة القديمة التي أطلقت العنان لغود، لتقديم أفضل ما لديه بلا قيود أو إجباره على التحرك في أماكن ومربعات معينة في وسط الملعب، من خلال توظيفه في مركز صانع الألعاب الذي يجمع بين أناقة وسحر أصحاب القميص رقم 10 في الزمن الجميل، وبين المهاجم الوهمي القادم من خلف ثنائي الهجوم فينيسيوس جونيور ورودريغو غوس، ذاك المركز الذي حُرم منه الفتى الإنكليزي منذ وصول المدمر الفرنسي -سابقا- كيليان مبابي، حيث كان المدرب يعتمد على بيلي في مركز لاعب الوسط رقم (8) مع تعليمات واضحة بترك جزء من مهام وظيفته القديمة، بالتحرك والتوغل داخل مربع العمليات للوافد الفرنسي الجديد، قبل أن تساهم الظروف القهرية، في عودة صاحب القميص رقم 5 إلى مركزه المفضل، بداية من الانتكاسة المفاجئة التي تعرض لها فيني نهاية الشهر الماضي، ومعها أيقن أن المقامرة بثلاثة لاعبين في الثلث الأخير من الملعب، هي سبب معاناة الفريق وفقره الإبداعي في الهجوم، وبناء عليه قرر التنويع أو المرونة بين طريقة العام الماضي 4-3-1-2 وطريقة 4-3-3 حسب موقف الفريق بالكرة أو بدونها، يكفي أنه بلغة الأرقام، كان هدف بيلينغهام الحاسم في بيرغامو، هو الهدف السادس في آخر 6 مرات لمس فيها الكرة داخل منطقة الجزاء في آخر 7 مباريات في مختلف المسابقات، مقارنة بسجله شبه الصفري قبل لحظة الانفجار الأولى هذا الموسم أمام أوساسونا، التي انتهت برباعية بلا هوادة في الجولة الثالثة عشر للدوري الإسباني، تلك المباراة التي بدأها كارليو ببيلي وأمامه رودريغو ومبابي، وبعد إصابة العشريني البرازيلي في أول 20 دقيقة، شارك فينيسيوس ليوقع على أول هاتريك له هذا الموسم، بالإضافة إلى هدف بيلي الثاني.
ولو أن كل ما سبق، لا يعني بالضرورة أن كل الأمور داخل البيت الأبيض على ما يرام، باستمرار المشاكل الدفاعية في الفريق، بعد استقبال ما مجموعه 11 هدفا في 6 مباريات، ما يلامس الهدفين في المباراة الواحدة، وهذه إحصائية أقل ما يُقال عنها مزعجة بالنسبة لفريق بحجم ريال مدريد من المفترض أنه هدفه الرئيسي الحفاظ على اللقب في “البيرنابيو” للعام الثاني على التوالي، وهذا يرجع في الأساس لعدم استقرار المدرب على ثنائي خط دفاع، حتى بعد الظهور المبشر لابن الأكاديمية راؤول أسينسيو، الذي أطاح به أنشيلوتي من التشكيل الأساسي أمام أتالانتا، ليشرك لاعب الوسط تشواميني كقلب دفاع ثاني بجوار الألماني أنطونيو رودريغر، صحيح من الناحية النظرية، يمكن القول إن المدرب نجح في مخططه من الناحية التكتيكية، بضمان جودة ودقة خروج الكرة من الدفاع إلى وسط الملعب، لكن في المقابل، واجهت المنظومة الدفاعية مشاكل بالجملة أمام الانتحار الهجومي للمدرب غيان بييرو غاسبيريني، الذي لعب كعادته بطريقة هجومية مبالغ فيها، كانت سببا في استقبال هدفين من هجمتين مرتدتين لفينيسيوس جونيور وغود بيلينغهام، وفي نفس الوقت، جعلت أنشيلوتي وعشاق النادي في كل أرجاء العالم، يحبسون أنفاسهم حتى اللحظة الأخيرة، التي كانت شاهدة على فرصة ربما لو أعيد 100 مرة أمام البديل ماتيو ريتيغي، لما تعامل معها بنفس الطريقة أمام المرمى المدريدي الخالي من حارسه، بعد الهجمة العنترية التي شنها رجل المباراة الأول أديمولا لوكمان، من جهة اليسار، انتهت بالهدية الثمينة التي رفضها صاحب القميص 32، مهدرا على فريقه أول فرصة للخروج بنتيجة إيجابية أمام نادي القرن الماضي والحالي في رابع معركة مواجهة مباشرة بينهما، وبالتبعية أبقى على حظوظ الريال في التأهل إلى مراحل خروج المغلوب، إما ضمن أصحاب المراكز الثمانية الأولى، بعد أن تقلص الفارق مع ليل صاحب المركز الثامن إلى أربع نقاط، وإما بالاكتفاء بواحد من المراكز التاسع وحتى الرابع والعشرين، على أمل أن يكون القادم أفضل بداية من مباراتي البحث عن تذكرة دور الـ16، التي كانت في الماضي القريب، واحدة من أبسط أهداف الفريق في النصف الأول من الموسم، والسيناريو الثاني، هو الأكثر واقعية ومنطقية، إلا إذا لعب الجميع لصالح أنشيلوتي وكتيبته في آخر جولتين.
الضحية المنتظرة
إذا كان ريال مدريد، مهددا بالتأخر عن أصحاب المراكز الثمانية الأولى، هناك من الكبار من يواجه خطر الخروج المبكر، في مقدمتهم بطل الدوري الإنكليزي الممتاز في آخر أربعة مواسم مانشستر سيتي، الذي تجرع من مرارة الهزيمة للمرة الثانية في الأبطال على يد يوفنتوس، في المعركة الكبرى التي جمعتهما على ملعب “آليانز ستاديوم”، وانتهت بفوز سيدة إيطاليا العجوز بثنائية كانت قابلة للضعف، مع استمرار المشاكل ونقاط الضعف، التي تسببت في سلسلة نتائج السكاي بلوز الكارثية في الآونة الأخيرة سواء على المستوى المحلي أو القاري، منها إشكالية التفنن في إهدار الفرص السهلة أمام مرمى الخصوم في الأوقات الفارقة في المباريات، ولعل من شاهد أول نصف ساعة في مباراة تورين، لاحظ رعونة السفاح إيرلينغ براوت هالاند ورفاقه في اللمسة الأخيرة أمام حامي عرين أصحاب الأرض ميشيل دي جريجوريو، منهم انفراد بالدارجة التونسية “رأس برأس” بين المهاجم الاسكندينافي والحارس الإيطالي البالغ من العمر 27 عاما داخل منطقة الجزاء، بجانب صداع استقبال الأهداف من الهجمات المعاكسة التي تبدأ بهدية من أحد اللاعبين، فبعد جرائم إلكاي غوندوغان الكروية، بفقدان الكرة في مناطق حساسة في وسط ملعبه، جاء الدور على البلجيكي دوكو، ليهدم مجهود زملائه، بفقدان الكرة على الطرف الأيمن، مانحا رجال المدرب تياغو موتا، فرصة على طبق من ذهب لشق طريقهم نحو المناطق المحظورة في الدفاع السماوي، اكتملت بتلك العرضية التي سجل منها ويست ماكيني، رصاصة الرحمة الثانية في شباك الحارس المغلوب على أمره إيدرسون، الذي يعيش هو الآخر أتعس أيامه مع السيتيزينز، بتدهور ملحظوظ في مستواه من مباراة لأخرى، وتجلى ذلك في تعامله السيئ مع رأسيه فلاهوفيتش في لقطة الهدف الأول، بردة فعل أقل ما يُقال عنها “لا تخرج من حارس عالمي” بترك الكرة تعبر الخط بعد التصدي لها في المرة الأولى، بخلاف تراجع إنتاجية وإبداع رجال بيب غوارديولا المخلصين، والإشارة إلى الثلاثي بيرناردو سيلفا، وكيفن دي بروين وجاك غريليش، خصوصا أول اثنين، بتحول القصير البرتغالي من واحد من أهم مفاتيح اللعب إلى لغز وعبء على الفريق، شأنه شأن زميله الإنكليزي فيل فودين، الذي يعاني من تراجع غير مسبوق في مسيرته الاحترافية، وبالمثل يبدو وكأن الأشقر البلجيكي قد تجاوز سنوات ذروته بالقميص السماوي، إما لتراجع مخزونه البدني، تأثرا بالإصابات السيئة التي ألمت به قي آخر عامين، وإما لاستسلامه لأعراض الشيخوخة الكروية، لكن الشيء الثابت والواضح على أرض الملعب، أنه على مسافة ضوئية من النسخة الفاخرة التي رسمها لنفسه مع السيتي منذ عودته إلى البريميرليغ عبر بوابة ملعب “الاتحاد” عام 2015، كواحد من أعظم صناع اللعب ولاعبي الوسط في تاريخ الدوري الإنكليزي الممتاز باسمه ونظامه الجديدين، وغيرها من التفاصيل التي صبت في النهاية في مصلحة موتا وفريقه الإيطالي، كمكافأة على نجاحه في إدارة المباراة، خاصة في الشوط الثاني، الذي تفوق فيه على الفيلسوف بيب غوارديولا، بتغييراته التي سيرت المباراة بالطريقة التي أرادها، بخطف المنافس من خلال التحولات السريعة بعد التقدم في النتيجة، وهو ما حدث في أغلب فترات الشوط الثاني، رغم تحفظ البعض على بعض القرارات، مثل التخلي عن كيفرين تورام وفرانشيسكو كونسيساو في منتصف نفس الشوط، لكن على أرض الواقع حدث العكس 180 درجة، ليتقدم اليوفي خطوة عملاقة، نحو ملاحقة أصحاب المراكز الثمانية الأولى، بالوصول إلى النقطة الحادية عشر، مقلصا الفارق مع أصحاب المراكز من الثالث إلى الثامن إلى نقطتين فقط، بينما الفريق الإنكليزي، فقد تعقدت مهمته أكثر من أي وقت مضى، بعدما أصبح مجبرا على تحقيق العلامة الكاملة في آخر مباراتين، لتجنب سيناريو الخروج المبكر.
ومن سوء طالع غوارديولا وفريقه، أن المباراة المقبلة ستكون أمام باريس سان جيرمان على ملعبه “حديقة الأمراء”، في ما ستكون أشبه بالمواجهة المصيرية بالنسبة للكبيرين، بتواجد السيتي في هذه الأثناء في المركز الثاني والعشرين برصيد ثماني نقاط، ويأتي خلفه بنقطة “بي إس جي” في المركز الخامس والعشرين، وذلك حتى بعد الفوز العريض الذي تحقق خارج القواعد بثلاثية نظيفة على حساب ريد بول سالزبورغ، ما يعني أن عالم كرة القدم سيكون على موعد مع واحدة من القمم الكلاسيكية التي لا تقبل القسمة على اثنين، كيف لا والفائز سيكون قد ضمن بنسبة كبيرة البقاء على قيد الحياة حتى إشعار آخر، بينما الخاسر، ستتقلص فرصه أكثر من أي وقت مضى في مرافقة الأندية الستة عشر التي ستتصارع على البطاقات المتبقية في قرعة دور الـ16، وستكون واحدة من كبرى مفاجآت نظام دوري الأبطال الجديد، جنبا إلى جنب مع ما نشاهده من مفاجآت لا تصدق مع انتهاء الجولة السادسة، مثل تواجد باير ليفركوزن وأستون فيلا في المركزين الرابع والخامس، بفارق الأهداف فقط عن آرسنال صاحب المركز الثالث، وكل من الثنائي الفرنسي ستاد بريست وليل أصحاب المركزين السابع والثامن بنفس عدد النقاط، أما باقي كبار البريميرليغ ودوريات أوروبا الكبرى، فمن الواضح أنهم في مأمن من الخروج المبكر، بما فيهم زعيم إيطاليا على المستوى القاري ميلان، الذي رفع رصيده إلى النقطة الثانية عشر، بعد انتصاره الشاق على النجم الأحمر الصربي، في مباراة متقلبة ومفتوحة على مصراعيه من كلا الفريقين، بل في بعض الأوقات كانت قريبة من الضيف الصربي، لولا بسالة الحارس مايك ماينان، الذي أبقى على حظوظ شياطين الروسونيري، إلى أن فعلها الإنكليزي تامي أبراهام قبل نهاية الوقت الأصلي بثلاث دقائق فقط، ليقفز بفريقه إلى المركز الثاني عشر، بفارق الأهداف فقط عن كبير الأندية الألمانية بايرن ميونخ، الذي اكتسح شاختار دونيتسك بخماسية مقابل هدف في قلب ملعب “فيلتينس آرينا”، وكلاهما خلف صاحب المركز التاسع بوروسيا دورتموند، وأيضا بفارق الأهداف، بعد سقوط أسود الفيستيفاليا في ملحمة منتصف الأسبوع أمام برشلونة بنتيجة 2-3 في واحدة من قمم الجولة، التي كانت قابلة لكل الاحتمالات، والمثير أنها لم تشتعل إلا في الشوط الثاني، الذي شهد أهدافها الخمسة، وكانت البداية بهدف رافينيا المباغت عند الدقيقة 53، ليرد عليه سيرهو غيراسي من علامة الجزاء عند الدقيقة 60، وعلى عكس التوقعات، بأن برشلونة سيعاني الأمرين بعد خروج رافينيا وليفاندوفسكي وداني أولمو دفعة واحدة في الدقيقة 71، نجح البدلاء فرينكي دي يونغ وفيرمين لوبيز وإريك غارسيا، في التعبير عن أنفسهم كما هو مطلوب، وبالأخص الأخير، الذي تقمص دور البطولة المطلقة، بتوقيعه على ثاني وثالث أهداف فريقه في الدقيقتين 75 و85، وبينهما تكفل غيراسي بالتوقيع على هدفه الشخصي الثاني ولفريقه، ليقفز البلوغرانا إلى وصافة الدوري برصيد 15 نقطة، على بعد 3 نقاط فقط من المتصدر ليفربول، كمصالحة أو تعويض للجماهير بعد عودة الفريق إلى فصوله الباردة على مستوى الليغا، بسقوطه في فخ التعادل ريال بيتيس بنتيجة 2-2، وفي نفس الوقت، كان آرسنال يستعرض قوته المفرطة على موناكو الفرنسي، بفوز بأقل مجهود وصل قوامه لثلاثية نظيفة، وبدون الاستعانة بسلاح الكثرات الثابتة، كما يلجأ المدرب آرتيتا في بعض الأوقات في مبارياته المحلية، آخرها تجاوز مانشستر يونايتد بثنائية نظيفة من ركلتين ركنيتين، لكن هذه المرة، كشر فريق المدفعجية عن أنيابه، بأهداف من لعب مباشر وتنوع في شن الغارات والمحاولات المؤكدة على المنافس، ليقفز الفريق إلى المركز الثالث بأفضلية الأهداف عن أصحاب المركز من الرابع إلى الثامن، وكذا أتلتيتكو مدريد، حافظ على عروضه ونتائجه الجيدة في الآونة الأخيرة، بتحقيق الفوز الثالث على التوالي، بتخطي سلوفان براتيسلافا السلوفاكي بنتيجة 3-1، ليرفع فريق المدرب دييغو سيميوني رصيده إلى النقطة الثانية عشر، متساويا في عدد النقاط مع كل من بوروسيا دورتموند، وبايرن ميونخ وميلان أصحاب المراكز من التاسع إلى الثاني عشر، كأفضل سيناريو لتصحيح المسار، بعد البداية المتواضعة للهنود الحمر، التي أسفرت عن جمع 3 نقاط فقط في أول 3 مباريات، من فوز صعب على واحد من متذيلي الدوري لايبزيغ بهدفين مقابل هدف، وهزيمتين أمام بنفيكا بنتيجة 0-4 وليل الفرنسي بنتيجة 1-3، هذه تقريبا عزيزي القارئ كانت أبرز مشاهد الجولة ونتائج الكبار وموقفهم من التأهل لمراحل خروج المغلوب، في انتظار ما سيحدث الشهر المقبل في آخر مباراتين.