حكومة جعفر حسان والانجاز الوهمي للوزارات والمؤسسات
زهير العزه
في العقد التاسع من القرن الماضي اقال المغفور له جلالة الملك الحسين حكومة عبد الكريم الكباريتي بعدما كشف النقاب عن الاهمال الذي لحق باطفال مركز رعاية في جبل الاشرفية ، وذلك بعد الزيارة المفاجئة التي قام بها جلالة الملك الراحل الى المركز واطلع خلالها على حجم المآساة التي يعيشها الاطفال .
اليوم ونحن نتابع بألم ماجرى بالحادث الاليم الذي وقع مؤخرا ونتابع ايضا حرارة الغضب الشعبي على ما جرى والتي حرارتها ظلت أعلى من ما يجري في الاقليم وفي سوريا على وجه الخصوص ، وقد استذكرالاردنيون اجراء جلالة الملك الراحل الحسين بحق حكومة الكباريتي ووزيرالتنمية انذاك المرحوم حماد ابو جاوس ، كما استذكروا حوادث عديدة وقعت سابقا كما في ميناء العقبة او مستشفى السلط الحكومي وغيرها من مآسي بحيث أصبح حال البلاد لدى الرأي العام يُشبه وضع حبل ميناء العقبة انذاك....الظاهرُ فيه كارثة، ولكن ألمخفيُّ أعظم.... فالحبل المهترء في الميناء قُطع وأوقع كارثة ، أما الحبل المهترىء في ثقة المواطن بمؤسسات الدولة فهوعلى وشك الانقطاع التام ، وبالرغم من التحذيرمنذ سنوات طوال لضرورة دفع المسؤولين للقيام بواجباتهم من حيث الرقابة والاشراف على كل ما يجري في مؤسساتهم او المؤسسات التي تتبع لها ، الا أن أحدا ممن يقبضون على القرار لا يريد أن يسمع.
واليوم وبعد ان شاهدت زيارة رئيس الوزراء لاحدى المؤسسات والتقاطه الصور ادركت كما غيري من المواطنين أن ما بين الشعب "ومن يتحكمون بمفاصل المؤسسات " ليس ما صنع الحداد فحسب بل أبعد من ذلك ،فهي نيران الهلع والشك التي تشتعل في قلوب عموم الاردنيين من وقوع "مصيبة" او كارثة جديدة أو فاجعة لا يتحمل المسؤولية عنها الا صغار الموظفين، وهي ايضا نيران القلوب المشتعلة خوفا على مصير وطن ، فيما بعض المسؤولين النافذين لا يتعلمون من اخطائهم، ولا يستحون بفسادهم ولا يتوقفون عن إجرامهم، وذلك لان الحماية متوفرة من خلال الشللية داخل"المؤسسات" التي تدير كل الملفات من التعيين في الوظائف العليا الى فرزأعضاء المجلس النيابي الى الاعيان الى الوزراء ، وبالتالي لا يمكن غسل الاوساخ والبقع المستعصية على التنظيف في اداء هؤلاء بل ستؤديان اذا ما استمرت حتما الى اخذ البلاد الى مزيد من الانهيارات في حياة المواطن واحواله المعيشية.
حال الحكومة الحالية لغاية الان كما الحكومات السابقة تهتم بالاستعراض والتقاط الصورلاظهار أن البلاد تسيرعلى نهج صحيح ،وأن الحكومة من خلال هذه الزيارات الميدانية تعمل على حل مشاكل المواطن المتمثلة بغلاء الاسعار وتفلت الاسواق من بين يدي الرقابة الحكومية وتراجع قيمة الاجورالشرائية مقابل الاسعار، والبطالة والفقرالمتوسعة هوامشه ، وغياب العدالة بين المواطنين ، وغياب فرص التنافس بعدالة على الوظائف العليا في الاجهزة الحكومية ، وتراجع مستوى الحريات العامة والحريات الاعلامية ومحاربة الفساد المالي والاداري ، وغيرها من قضايا تهم حياة المواطن بشكل يومي ..! ولعل تعيين اشخاص من نفس العائلة في موقع مديرعام لمؤسستين حكوميتين في عهد هذه الحكومة يؤكد أن الرئيس جعفر حسان يتعرض لضغوط أو للاستغفال ، وهو أمر أثار علامات الاستفهام حول أداء الحكومة وقدرتها على تحقيق العدالة بين المواطنين..!
الاردنيون يريدون من هذه الحكومة ان تحارب الفساد وان تعمل على استرجاع الاموال المنهوبة وخاصة من المحكوم الهارب من وجه العدالة وليد الكردي ، وان تعمل على استئصال جرائم الفساد أو الافساد في اصولها وجذورها والتي هي جزء من مشهد عام لمشكلات عجزت الدولة عن إيجاد حلول لها ، سواء كانت هذه المشكلات أزمة اقتصادية اومالية ومعيشية مع ما يتبعها.
ان مشكلتنا هي في نهج تشكيل الحكومات وفق الحالة السائدة الان ، والتدخل في آلية وصول النواب الى القبة البرلمانية وعدم وجود برنامج واضح يتم تنفيذه ضمن مهلة زمنية قصيرة ومحددة، اضافة لعدم وجود آلية تحاسب كبار الموظفين عن اداء مؤسساتهم وتحميلهم المسؤولية عن إهتراء حبل الود بين الشعب والدولة وما صلنا له ، وهذا ما سيسهم بإعادة الثقة بين الشعب والدولة ، ولكن بعد تغيير الحبل المهترىء قبل ان ينقطع ويسقط على رؤوسنا جميعا ...…