الشرع لزواره عن إسرائيل الانتهازية: “عبث قد يرتد”.. فصائلنا جهادية ولا تحتاج لدولة وجيش.. هل تريدون عودة إيران
الاتجاه الذي يسمعه زوار القائد السوري أحمد الشرع من الأجانب والغربيين في الملف الإسرائيلي تحديدا، يحرص على تكرار القول بأن أولوية الحكومة السورية الجديدة هي التنمية المحلية وليس فتح جبهة صراع عسكري مع إسرائيل أو غيرها.
يعتبر مقربون من الشرع أن تكراره لهذه المسألة مع وفود فرنسية وألمانية وكندية وبريطانية زارته مؤخرا، دافعه إيصال رسالة للإسرائيليين عبر أصدقائهم الأوروبيين تتميز بالنعومة وبترسيم الأولويات، لكنها قد تصبح خبيثة في بعض التفاصيل أو محرجة.
يبلغ الشرع بأن سياسات إسرائيل في الحصار على أهل قطاع غزة، وفي الإصرار على احتلالها 7 قرى صغيرة جدا ومزارع على الحدود مع لبنان انتهت طوال العقدين الماضيين بأن كان الحرس الثوري الإيراني على حدود إسرائيل في لبنان، وكانت إيران بالقرب من حدودها مع قطاع غزة بسبب تلك الممارسات الإسرائيلية التي يقول الشرع بأنها لا تتميز بأي حكمة.
سأل الشرع أعضاء الوفد البريطاني الذي قابله: “هل تريد بلادكم أن يبدأ بعض منا نحن السوريين بالبحث عن حلفاء من الشيعة وإيران وما كان يسمى بالمحور حتى تحصلوا على بيئة تسمح بعودة الميليشيات المسلحة الإيرانية والعراقية واللبنانية؟”.
يعتبر الشرع واستنادا إلى أوساط قابلته مباشرة مؤخرا في المسألة الإسرائيلية، أن المقدرات العسكرية التي قصفها الجيش الإسرائيلي بعد وقبل السيطرة على دمشق من جهة الثورة الحرة، مسألة تخص العلاقة التي كانت سرية بين النظام المخلوع والإسرائيليين.
ويقول: “نحن لا نعتبر مقدرات الجيش السوري السابق إلا جزءا من التراث الذي يريد الشعب السوري طي صفحته”.
لكن الشرع تحدث عن فارق بين قصف ذخائر ومعسكرات، وبين المساس بسيادة الأراضي السورية، واحتلال المزيد من القرى والمناطق ما بعد خط الهدنة.
يقترح الشرع بهدوء بالغ على زواره بأن هذا السلوك الإسرائيلي الانتهازي سيؤدي إلى نتائج غامضة إذا ما استمر، قد يكون من بينها عودة الشيعة المسلحين إلى عمق الحدود مع سوريا وإسرائيل وإلى لبنان، وقد يكون من بينها أيضا تحويل بعض الفصائل المعتدلة والتي تريد الآن التركيز على بناء سوريا، إلى أيديولوجيا متطرفة لا تحتاج أصلا لجيش ودولة مستقرة حتى تخلق تحديات جديدة للأمن الإسرائيلي.
وجهة نظر القيادة السورية الجديدة، أنه لا يوجد الآن دولة في البلد، وبالتالي التحدث مع الأمم المتحدة ليس مهما وليس في نطاق الاهتمام. ولا يوجد أيضا جيش نظامي في سوريا الجديدة.
لكن لاحقا سيكون هناك جيش يحمي وطن السوريين، ولن يقبل أن تتلاعب إسرائيل بالحدود وتحتل المزيد من الأراضي.
ولأنه لا يوجد جيش نظامي في سوريا الآن، ولا يوجد دولة حتى اللحظة، ولأن الشعب السوري قرر أن يطوي صفحة ويفتح صفحة جديدة، لا بد أن يفهم الإسرائيليون بأن العبث الذي يمارسونه قد يرتد عليهم.
ألمح قياديون في الثورة السورية إلى جانب الشرع، إلى أن قوات فصائل المعارضة التي يزيد تعدادها عن 100 ألف مقاتل هي عماد جيش سوريا المستقبلي. لكن هذه القوات ليست نظامية، وتعمل بموجب عقيدة حرب العصابات. ولا تحتاج لمعسكرات ومرافق ومطارات إذا ما قرر الإسرائيليون الاستمرار فيما يفعلونه، لأن الفارق محدد في ذهن الثورة السورية برأي أحد مساعدي الشرع بين إلغاء اتفاق الهدنة لعام 1974 لأغراض أمنية كما يدعي الإسرائيليون، وبين السعي لاحتلال أراض سورية بصيغة تهدد ثورة الشعب السوري وحريته.
الطاقم المساعد للشرع يتحدث عن فصائل الثورة باعتبارها “فصائل مجاهدين” بالأساس، وعن وجود تشكيلات تنظيمية جهادية يبذل الشرع والقادة جهدا كبيرا لإخضاعها لمنطق بناء دولة وجيش نظامي.
المعنى هنا أن اعتداءات وتوسع إسرائيل حجة وذريعة بيد تشكيلات تجيد القتال أصلا في الركام والدمار وفي ظل الاحتلال، وبالتالي هذا الخيار على إسرائيل أن تفهمه جيدا.
قال الشرع لوفد أوروبي: “دعمكم الدائم لإسرائيل أحضر إيران إلى لبنان وغزة.. عليكم إبلاغ أصدقائكم بأن الاستمرار في خطواتهم ضد الشعب السوري يمكن أن يتحول بكل بساطة إلى مسألة جهادية ضد اليهود وكيانهم”. هذا خلافا لأن الشرع وتشكيلاته وفصائله يقرأون قصف الميناء في طرطوس واللاذقية والمطارات ومراكز الأبحاث في دمشق ودرعا، باعتباره قصفا لمنشآت مدنية وليس لبقايا النظام المخلوع ومرافقه.
تمنى الشرع على من يمولون إسرائيل تجنب اختبار “صبر الثورة” التي تحكم الآن، فقد أسقطت النظام المخلوع وأبعدت إيران وحرسها الثوري ومقاتلي حزب الله ومجموعات متنوعة من المسلحين الشيعة.
وبالتالي هي فصائل متفرغة للقتال الآن، ولن تلتزم كثيرا بتلك القواعد الدولية في الاشتباك إذا ما أصر الإسرائيلي على اختبار صبرها أو الإساءة لمشروعها في بناء الوطن السوري وإعاقته.
واقترح الشرع أيضا بأن على الأوروبيين إقناع حلفائهم في أمريكا بأن ضمان أمن إسرائيل في الجولان وعلى الحدود مع سوريا غير ممكن ضمن الطريقة التي يتصرف بها الإسرائيليون.