المحامي حسام الخصاونة يكتب .. الأردن بقيادة الملك عبدالله الثاني: عبور نحو الأمان في زمن الأزمات

{clean_title}
الشريط الإخباري :  

في ظل أزمات إقليمية متتالية وحروب طاحنة اجتاحت المنطقة، أثبت الأردن بقيادة جلالة الملك عبدالله الثاني قدرته على التحرك بحكمة ورؤية استراتيجية مستنيرة للحفاظ على أمنه واستقراره، مع التزامه بدوره التاريخي كركيزة للأمن الإقليمي والمصالحة السياسية. لقد نجح الأردن تحت قيادة الملك في تفادي الوقوع في مستنقعات الفوضى والصراعات الإقليمية، من خلال سياسات حكيمة تتسم بالاعتدال والتوازن، والتي حافظت على المصالح الوطنية في وجه الأزمات المتفاقمة.

دعم القضية الفلسطينية: منطلق الاستقرار الأردني
ظلَّ الأردن، بقيادة جلالة الملك، في مقدمة الدول التي تدافع عن القضية الفلسطينية، حيث عمل على تفعيل دوره الإقليمي في دعم قطاع غزة خلال الحروب التي عصفت بالمنطقة. كان الملك عبدالله الثاني صاحب فكرة إرسال المساعدات الغذائية والإنسانية عبر المظلات إلى المناطق المحاصرة في غزة، وهي مبادرة أظهرت الحكمة الأردنية وأكدت فعالية ونجاعة هذا النهج، حيث أقنعت الدول الأخرى بضرورة تبني مثل هذه الحلول الإنسانية.

إلى جانب ذلك، عزز الأردن جهوده في القطاع الطبي، من خلال إنشاء مستشفى ميداني في غزة وتقديم الدعم اللوجستي والطبي، ما أكد أن دعم صمود الشعب الفلسطيني هو التزام أخلاقي واستراتيجي يستند إلى الروابط التاريخية والجغرافية بين الأردن وفلسطين.

لبنان: الدبلوماسية الأردنية في قلب الأزمات
لم يكن لبنان بعيدًا عن اهتمامات الأردن، لا سيما خلال الأزمات الكبرى التي شهدها، مثل الانفجارات والحروب التي أثرت على استقراره. في واحدة من المحطات الدبلوماسية البارزة، كان وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي أول وزير يمثل دولة عربية يهبط في مطار بيروت أثناء الحرب، حاملاً مساعدات إنسانية بتوجيهات مباشرة من الملك عبدالله الثاني.

هذا التحرك يعكس حرص القيادة الأردنية على الوقوف بجانب لبنان في أوقات الأزمات، وتعزيز التضامن العربي، مما يعكس الدور الريادي للأردن في دعم استقرار لبنان وتعزيز التعاون الإقليمي لمواجهة التحديات المشتركة.

العبور من “الربيع العربي” بأمان واستقرار
في الوقت الذي اجتاحت فيه موجة “الربيع العربي” المنطقة، أثبتت الحكمة الملكية قدرة الأردن على اجتياز هذه المرحلة الحرجة دون الوقوع في الفوضى أو الاضطراب. اعتمد جلالة الملك على إصلاحات سياسية واجتماعية متوازنة استوعبت المطالب الشعبية دون المساس بأمن الدولة أو استقرارها.

وكان آخر هذه الإصلاحات إطلاق لجنة تحديث المنظومة السياسية، التي عملت على تقديم توصيات شاملة، منها قانون الانتخاب الجديد الذي أفرز برلمانًا حمل توازنًا سياسيًا جيدًا بين أطياف حزبية متنوعة، بعضها ذو جذور عميقة وبعضها حديث النشأة. هذه التوازنات السياسية انعكست في البرلمان الذي يُعدّ خطوة إيجابية نحو تعزيز التعددية السياسية وتوسيع دائرة المشاركة الشعبية، مما يعكس رؤية شاملة لتعزيز الديمقراطية واستقرار النظام السياسي.

الزيارات الملكية: تعزيز النهج التنموي في المحافظات
بدلًا من الاحتفال التقليدي باليوبيل الفضي، اختار جلالة الملك عبدالله الثاني نهجًا عمليًا يعكس حرصه الدائم على تحقيق الرفاهية لشعبه. فقد زار الملك محافظات المملكة الاثني عشر ليقف بنفسه على الاحتياجات والمتطلبات المباشرة للمواطنين في كافة مناطق المملكة. هذه الزيارات الملكية، التي طالت جميع المحافظات، تعكس اهتمام الملك بتلمُّس حاجات المواطنين بشكل مباشر، والاطلاع على واقعهم المعيشي عن كثب.

لقد برهنت هذه الزيارات أن الملك عبدالله الثاني، كقائد، لا ينظر إلى شعبه من بعيد، بل يسعى إلى الوقوف بجانبهم في كل لحظة وفي كل مكان. فقد أراد الملك أن يكون قريبًا من أبناء شعبه، لينقل صوتهم مباشرة إلى مراكز اتخاذ القرار، ولضمان تلبيته الفورية لاحتياجاتهم التنموية والخدمية، كدليل قاطع على حرصه لتحقيق التنمية المستدامة التي تعود بالنفع على الجميع.

توجيه الحكومة للانعقاد في المحافظات
لتعزيز هذا النهج، وجه جلالة الملك الحكومة الجديدة إلى الانعقاد الدوري في المحافظات، لمتابعة الاحتياجات المتزايدة للمواطنين على أرض الواقع، والوقوف على مختلف المشاكل والمطالب التي تعيق مسيرة التنمية. هذه الخطوة تعكس حرص القيادة على عدم التركيز فقط على العاصمة، بل امتداد الاهتمام لكافة أرجاء المملكة، مما يعزز التوزيع العادل للخدمات والفرص.

العقد الاجتماعي الهاشمي – الأردني
النهج الذي يتبناه الأردن بقيادة الملك عبدالله الثاني ليس مجرد رد فعل على الأزمات الإقليمية، بل هو رؤية استراتيجية مستمرة تهدف إلى بناء دولة قوية ومستقرة. فالعلاقة المتينة بين الهاشميين والشعب الأردني من مختلف أصولهم ومنابتهم، والتي تعود إلى قرون من التلاحم والتكاتف، تُعد الركيزة الأساسية لهذا النهج. الملك عبدالله الثاني يدرك أن الأردن هو مجتمع متعدد الأعراق والانتماءات، وأن قوة الأردن تكمن في التنوع الذي يجمع أبناءه تحت راية واحدة.

هذه العلاقة، التي تعززت عبر التاريخ، لا تزال تشكل الأساس الذي يعتمد عليه الأردن في مواجهة التحديات المتزايدة. فالملك لا ينظر إلى الشعب الأردني على أنه مجموعة من الفئات المنفصلة، بل يعتبرهم جميعًا جزءًا من نسيج وطني واحد متماسك. وقد ساهم هذا العقد الاجتماعي المتين في تحصين الأردن من الانقسامات التي عصفت بدول أخرى في المنطقة، مما أدى إلى تعزيز الشعور بالانتماء الوطني والمواطنة الواحدة.

المحامي حسام حسين الخصاونة/ 

عضو المكتب السياسي للحزب الوطني الإسلامي.

© جميع الحقوق محفوظة لوكالة الشريط الإخبارية 2024
تصميم و تطوير
Update cookies preferences