هل يفقد الطبيب الأردني مـيـزتـه الـتـنـافـسية عالميًا؟

{clean_title}
الشريط الإخباري :  

إعداد: الدكتور عادل محمد الوهادنة

المقدمة

في عالم يشهد تغيّرات متسارعة في سوق العمل الطبي، يقف الطبيب الأردني عند مفترق طرق بين الحفاظ على ريادته ومواجهة تحديات غير مسبوقة قد تعيق قدرته على المنافسة دوليًا. فبينما كان الأردن لعقود طويلة مصدّرًا للكفاءات الطبية، بدأت عوامل عدة تؤثر على هذا الدور، من تشبّع بعض الأسواق إلى تغيّر سياسات الدول المستقبلة للأطباء الأجانب. في ظل هذه التحولات، يصبح التخطيط الاستراتيجي أمرًا لا مفر منه لضمان استمرار الأطباء الأردنيين في احتلال مكانة متميزة على المستوى الإقليمي والدولي. فهل نحن مستعدون لهذا التحدي؟

المشهد العالمي: هل لا يزال هناك طلب على الأطباء؟

تشير التوقعات إلى أن العالم سيواجه نقصًا يتجاوز 10 ملايين طبيب بحلول عام 2030، إلا أن هذه الحاجة لا تعني بالضرورة فتح الأسواق للأطباء الأجانب. فالكثير من الدول أصبحت أكثر تحفظًا في استقدام الكفاءات الطبية، إما بسبب سياسات إحلال المواطنين أو لضمان عدم زيادة الضغط على أنظمتها الصحية المحلية. في المقابل، هناك دول لا تزال بحاجة إلى أطباء لكنها باتت تفرض شروطًا أكثر صرامة، مثل اختبارات معادلة معقدة أو شروط لغوية أو حتى قيود على مدة الإقامة والعمل.

 نظرة على أسواق العمل الطبية عالميًا

* أمريكا الشمالية: رغم الحاجة المتزايدة للأطباء، فإن التكاليف المرتفعة للمعادلة الطبية قد تصل إلى 20,000 دولار للطبيب الواحد، مع إجراءات تستغرق سنوات.

* أوروبا الغربية: الفرص قائمة لكن تتطلب إتقان اللغة المحلية، وإجراءات المعادلة قد تمتد من سنتين إلى ثلاث سنوات.

* الخليج العربي: تغيرت السياسات، مما أدى إلى انخفاض توظيف الأطباء الأجانب بنسبة 25 ٪ منذ 2022.

* أفريقيا: تعاني من عجز طبي كبير، لكنها لا توفر بيئة عمل جاذبة.

* آسيا: تسير نحو الاكتفاء الذاتي، مما يقلل من الحاجة للأطباء الأجانب.

 التحديات التي تواجه الأطباء الأردنيين خلال السنوات المقبلة

من المتوقع أن يصل عدد الأطباء الفائضين في الأردن إلى 35,000 طبيب بحلول 2030، ما لم يتم وضع خطط واضحة لتوجيههم نحو أسواق جديدة أو توفير فرص تشغيل محلية.

في الوقت نفسه، تشير التقديرات إلى أن 50 ٪ من الأطباء الأردنيين قد يواجهون صعوبات في إيجاد فرص عمل خارج البلاد إذا لم يتم تكييف مخرجات التعليم الطبي مع متطلبات السوق الدولية.

 الحلول الاستراتيجية: كيف نحافظ على ريادة الطبيب الأردني؟

* إنشاء «المجلس الوطني لاستراتيجية تصدير الكفاءات الطبية» ليكون منصة مركزية لربط الأطباء الأردنيين بالأسواق العالمية، وتوجيههم نحو الفرص المتاحة.

* إعادة هيكلة المناهج الطبية بحيث تشمل التدريب على اللغات المطلوبة، إلى جانب تطوير المهارات التقنية والتواصلية اللازمة للتعامل مع أنظمة صحية مختلفة.

* إبرام اتفاقيات ثنائية مع الدول التي تعاني من نقص طبي، لتسهيل انتقال الأطباء الأردنيين إليها من خلال برامج معادلة مبسطة.

* تقديم دعم حكومي لتغطية تكاليف المعادلة الطبية والاختبارات الدولية، بحيث لا تكون العوائق المالية سببًا في الحد من فرص الأطباء الأردنيين.

* تعزيز فرص العمل في التطبيب عن بعد كحل بديل يتيح للأطباء الأردنيين الوصول إلى مرضى في دول أخرى دون الحاجة إلى الهجرة الفعلية.

* إعادة ضبط سياسات القبول في كليات الطب للحد من تضخم أعداد الخريجين في التخصصات المشبعة، والتركيز على التخصصات المطلوبة عالميًا.

الخلاصة

لا شك أن الطبيب الأردني كان ولا يزال من أكثر الكفاءات الطبية طلبًا على المستوى الإقليمي والدولي، ولكن هذا الواقع قد لا يستمر إذا لم يتم اتخاذ خطوات استباقية تحافظ على هذه الريادة.

التغيرات في الأسواق العالمية، وسياسات الدول، والتحديات الداخلية في الأردن، كلها عوامل تستدعي التخطيط الجاد لضمان أن يظل الأطباء الأردنيون قادرين على المنافسة عالميًا.

القرارات التي تُتخذ اليوم ستحدد ما إذا كنا سنحافظ على مكانتنا أم سنتركها للآخرين.

المراجع

1. World Health Organization. (2023). «Global Health Workforce Projections for 2030.»

2. American Medical Association. (2022). «International Medical Graduates in the US: Trends and Challenges.»

3. European Commission. (2023). «Health Workforce and Mobility in the EU.»

4. Gulf Cooperation Council. (2022). «Changes in Medical Employment Policies in the GCC.»

5. Lancet Global Health. (2023). «The Future of Telemedicine and Global Healthcare Access.»

© جميع الحقوق محفوظة لوكالة الشريط الإخبارية 2024
تصميم و تطوير
Update cookies preferences