ملح و فلفل اسود و كمون بهارات المطبخ الحزبي السياسي الأردني.

{clean_title}
الشريط الإخباري :  

 

د محمد العزة

" الهندسة الحزبية السياسية ", كان المصطلح و الوصف الاكثر تداولا في مرحلة نشاط اللجنة الملكية لتحديث المنظومة السياسية و ما تلاها من اطلاق مساراتها الثلاث ، ليتبعها الانتهاء من مخططات البنية التحتية و تنفيذ رسوماتها الهندسية فعليا بحسب قانون الأحزاب و الانتخابات النيابية و التشريعات و التعليمات الناظمة لها ، التي مكنت الأحزاب الانخراط فيها كل من موقعه و حسب انتماؤه للمساحة و اللون السياسي المدرج فوق المسطرة الحزبية ( يسار ، وسط ، يمين ) ،  لننتقل اليوم لاستخدام مصطلح (الطبخة الحزبية) إشارة إلى مستوى النضج لفكرة الحزبية البرامجية داخل أدبيات و ابجديات وعي الأحزاب الاردنية و مدى قدرتها و تمكنها من تقديم فعل و خطط عمل لنشاط واقعي يترجم و يجسد الحزبية البرامجية ، منهجا و نموذجا حقيقي يتم تداوله على كافة المستويات ، خاصة فترة ما قبل الانتخابات ، خلالها ، و ما بعدها.

"الطبخة الحزبية" مصطلح  يرمز للطريقة المثالية لإعداد الوصفة الحزبية على طريقة البرامجية السياسية  داخل المطبخ الحزبي و مستوى صانع القرار السياسي فيه  ، التي يضع فيها تصوراته حول ، شكل،مذاق ،  لون ، و مكونات الوصفة  الصحيحة المتوقعة، لتكون النتيجة عند النضج وصفة أو تشكيلة وجبات من الاطباق الوطنية الأردنية الأصيلة و المستمدة من باقي المطابخ العربية و الإقليمية و العالمية الحديثة القريبة من ثقافة بيئته كما هو الحال في الشراكة الأورومتوسطية على سبيل المثال  أو صندوق  مجلس الوحدة  الاقتصادية العربية. الاطباق المتوقع أن يتم صناعتها ستكون وجبات مشاريع انتاجية ، مقترحات و أفكار ابداعية ، يستصيغها المواطن الأردني و تبهج سرائره ، تهضمها معدة عقله لتسد جوعه و تروي رمقه و تلبي طموحاته في رفع مستوى ظروف معيشته الصعبة الراهنة الى الافضل ، الأمر الذي سيؤدي إلى تحسين نمط تفكيره و انطباعه حول طبيعة أثر عمل تبني البرامجية داخل الحكومات و البرلمانات الحزبية لغايات تحقيق الانجاز الملموس و المحسوس و المستصاغ ذوقا.

النمطية التقليدية السائدة هي ما تعكسه اليوم قائمة الوجبات من أداء و نشاطات عن واقع الحال الحزبي الاردني ، الذي ينم  أن لا شيء تغير علي طريقة أعداد الوصفات ، حيث المنتج الحالي مازال يعاني لائحة تحتوي بعض الدسم القائم على بعض التصريحات المحلية الانفعالية الارتجالية هنا  أو إقامة المسيرات و الفعاليات المصحوبة مع الشعارات الشعبوية هناك  أو إثارة النقاشات الجانبية حول بنود  الشأن الداخلي تكون بمثابة مقبلات باردة ، تقدم على استحياء قبل الوجبة الساخنة التي احترف وبرع البعض منهم  في إعداد و تقديم وصفتها  ، عبر تعلمها من الخارج و أو توارثها من الداخل و نقلها إلى مطبخ الحياة السياسية الأردنية حتى صارت بل استطاع جعلها أحد الاطباق الرئيسية فيها ، و هنا تكمن المشكلة . المشكلة أن هذه الوصفات شخصت على انها السبب في حالة الخمول لحركة الشارع ، في تعطيل فكره و خفض مستوى وعيه ، وفي  غرز أنماط من السلوك الاجتماعية السياسية الشائعة السلبية، أخطرها جاءت من وراء الجهوية المناطقية أو وصاية التمثيل الديمغرافية و إساءة  سلطة رأس المال ، حيث أنتجت اللامبالاة و تقديم نظريات القطع  بالشك  المؤدي إلى الرفض و عدم المشاركة الفاعلة و عدم اللامبالاة ، نمط اخر  العاطفية السياسية بأنواعها القبلية و الدينية التي استغلها بعض التيارات السياسية  في صياغة صكوك تفويض و وصاية على القرار عند  اتخاذه أو حجبه ، الأمر الذي أدى ضمور ماكينة الطبقة الشعبية و تكلس مفاصلها و توقفت ساعة الزمن لديها راضين بأصناف الوجبات المقدمة  المعتادة دون إبداء الرغبة في التحديث أو التجديد و مواكبة فكر الأجيال الحالية و الاطلاع على وجهات نظرهم عن السلم و الحرب ، عن المقاومة و الديبلوماسية ، عن أحلامهم داخل مجتمعهم في وطنهم و مشاكلهم و السماع لما يقترحوه من حل لتحقيقها و التخلص من كابوس مشاكلهم ، غياب كل ذلك  بعث رسالة مفادها : اطباق تلك الأحزاب صارت بلا طعم أو رائحة بلا بهارات فقط لون ،  مشكلة تساعد على الركود و الكسل ، حافز يشجع على السبات عند دخول الفترة الشتوية ، أو الاسترخاء و الاستمتاع لقضاء الاجازة في العطلة الصيفية ، فقط تعلن حالة التأهب اوقات المناسبات السنوية أو في مواسم توزيع المناصب و تقسيم المكاسب السياسية. لا احد يختلف بل بالكاد الكل يجمع و يتفق أن صانع القرار داخل المطبخ السياسي الأردني و عبر مراحل تطور الدولة ،   نتيجة رؤيته المتجددة و جذوره المتمسكة بالأصول و الموروث و الأصالة ، إتاحة فرصة خلق بيئة ثقافية سياسية غنية ، سمحت لكافة وصفات المطبخ الحزبي بالدخول و استعراض مهاراته وحرية التفكير و اختيار الطريقة بإعدادها  لكن مع الأخذ بعين الاعتبار إعطاء الأولوية بألتزام أستخدام مكونات المطبخ السياسي الأردني الأساسية ( الثوابت ) و لامانع من استخدام شيء من المكونات الجديدة و البهارات، رغم ذلك للان لم يستطع في تطويع أو تطبيق تلك الوصفات وفق الذوق السياسي الرسمي و الشعبي الاردني . نضوج الطبخة البرامجية الحزبية السياسية ، بحاجة إلى العودة للبداية ،ليكون اولا  الاتفاق على الوصفات الأساسية لها ، السماح بإضافة بضع بهارات دون زيادة أو نقصان ، و الإقرار  اننا بحاجة إلى إضافة ملح نستخرجه من عرق جبيننا و طين ترابنا الاردني رمزا لرشد الذوق و اعتداله و ضبط معاييره، بحاجة الى فلفل اسود يشعل المعاني و يلهب القوافي و الاحاسيس الحقيقية بالمواطنة و الهوية الاردنية وحرارة الوحدة الوطنية و  التأكيد على جبهة داخلية موحدة تسخن لحد الغليان لصد اي تهديد جبان يحاول أحراقها أو اختراقها ، قليل من الكمون وإظهار اللون السياسي الحزبي هو عنوان ليافطة تفصح عن فلسفة ذلك الحزب و أهدافه و تكشف طبيعة  برامجه و فكره سعيا لتحقيقها . للامعان أكثر في تبني البرامجية  داخل الأحزاب ، هناك حاجة إلى جهد أكبر في تبنيها كوصفة و التدرب على كيفية أعدادها و طرحها ضمن نماذج مشاريع فعلية تسهم في النهضة و التنمية على كافة مستوياتها و مساراتها ، دون الاكتفاء بالقسم على أنها ستكون موكولة أو سيتم أعدادها ضمن سياق واجب التكليف ، بل وجب اظهار الشغف و الحس المرهف النابض بالاخلاص والوفاء و الانتماء لهذا الوطن ، الساعي للإبقاء و الايفاء بعهدنا له أن يظل عزيزا كريما آمنا مطمئنا مستقرا.

© جميع الحقوق محفوظة لوكالة الشريط الإخبارية 2024
تصميم و تطوير
Update cookies preferences