حين تركت روحي.…

بقلم / سوسن الحلبي
كان آخر آمالي أن نمشي طريقنا معاً... وأصبح محالاً أن نكمل سويةً في ذات الطريق…
مضيتُ وتركتك تقضي وحدك على قارعة الطريق... بعد أن أجبرني الجنود على تركك... لم يسمحوا لي بالبقاء... لم يتركوني قليلاً لأودعك... وسرت وحدي ألملم أشلاء قلبي الذي مزقته رصاصات العدو حين اخترقت جسدك... لم يكن بخاطري يا ولدي... ولا بمحض إرادتي...
ومضيت في طريقٍ لم أكن أنويه... بل أُجبرت على المضي فيه... أُجبرتُ على المضي بعيداً عن بيتي... بعيداً عن كلّ ماضٍ حاولت الرجوع إليه عندما هدأت الحرب... بعيداً عن جسدك الهامد على الأرض... أُجبرت على تركك تلفظ أنفاسك الأخيرة وحدك... كم كنت أتوق أن أحتضنك و أنقلك إلى أي مكان أستطيع فيه إنقاذك…
ليتني لم أصغِ إليهم... ليتني إخترت الموت إلى جانبك يومها... عوضاً عن الموت في كل لحظةٍ تمر على عمري وأنا أتخيلك…
ربما سأعود يوماً وأواريك الثرى... ربما سيُقدَّر لي احتضان ما سيتبقى منك من أشلاء... لكن سيبقى مرءاك أمام ناظري... كابوساً لا ينجلي مهما مرت بي السنين... وسيبقى ألمه ناراً تشتعل في صدري... لن تنطفئ إلا بالنصر... ولن تهدأ إلا حين نبلغ في أرضنا الأمان... يومها فقط ستهدأ جراحنا... وسنعزي أنفسنا بأن ما فقدناه من أحبةٍ... لم يكن بعد مرضاة الله تعالى... سوى ثمنٍ لما نرتجيه من حرية…