داعش والسكاكين المتفردة منهج الإرهاب الجديد
الشريط الإخباري :
باسل ترجمان - قتل ابو بكر البغدادي، وانفرط عقد التنظيم الارهابي، بعد تدمير معاقله في معركة طويلة شاركت فيها أطراف عربية ودولية بجهد عسكري واستخباراتي تحققت فيه نتائج مصيرية في الحرب على الارهاب.
انفراط عقد التنظيم لا يعني نهايته، بل يضعف فقط امكانيات استقطاب عناصر جديدة مع انحسار مساحة العمل الميداني للجماعة وانقطاع سبل التواصل بينها بالأشكال التي كانت تعتمدها سابقاً وتحريك اذرعه تنفيذاً لتوجهاته ولتحقيق اهدافه، لكن مخاطر هذه الحالة ستنعكس بشكل كبير على الواقع لأن المؤيدين والمبايعين للجماعة سيجدون انفسهم مع انكسار وهزيمة الجماعة في حال ضياع الرؤية والهدف وهذا قد يدفع بالبعض منهم للسير وحيداً باتجاه ما يعتبرونه «عملاً جهاديا» فردياً.
داعش وعبر منهجية عملها القائم على زراعة الرعب في قلوب اعدائها والذين تحولوا الى جمع يضم كل من لم يبايع الخليفة ويسير في نهجه بغض النظر من يكون، ستسعى في المرحلة القادمة القائمة على منهج «تحرير الفعل والمبادرة» بالعمل لتحقيق اكبر حالة من الايذاء وبث الخوف سواء عبر عمل مجموعات صغيرة تسعى لتنفيذ عمليات استعراضية صاخبة تخلق حالة رعب جماعي وما حصل في عملية التفجير الارهابي امام معهد الأورام في القاهرة بهذا الاسلوب الاجرامي الخطير يعكس رؤية هؤلاء الارهابيين لأسلوب عملياتهم القادمة والتي يراد منها ان تكون تدميرية وتسبب خسائر كبيرة وحالة رعب جماعي عام.
هزيمة داعش وانهيار ما اسموه «دولة الخلافة الإسلامية» وسقوط شعارها «باقية وتتمدد» سيقود لردود فعل منفلتي الجماعة الذين ينتمون لها فكراً، وليس لهم معها ارتباطات تنظيمية مباشرة وجل هؤلاء لا يملكون غير الشحن العقائدي التكفيري الذي يصاعد حقدهم وكرههم وتكفيرهم للآخر بغض النظر من يكون، وهذا سيقود لأفعال ظاهرها إجرامي وواقعها إرهابي، أساسها الذهاب لمنهج السكاكين المتفردة التي بدأ استعمالها في عدة دول يتنشر فيها الفكر التكفيري ومناصروه.
تحرك الخلايا الإرهابية النائمة في ظل انهيار قاعدة التنظيم المركزية سيضعف قدرتها على التحرك ولكن امكانيات تنفيذ عمليات ارهابية تبقى كبيرة في ظل أن الارهاب سيحاول تنفيذ عمليات موجعة تلحق خسائر كبيرة في المدنيين لخلق رهاب جماعي بأن هذه الجماعات مازالت قوية وأن قدرتها على الفعل كبيرة.
وتبقى القضية الاكبر التي مازال التعاطي معها يسير بدون جهد فعلي للتصدي للإرهاب تتمحور بكيفية وجود اليات التصدي للفكر المتطرف صانع هذه الجماعات ومحركها الاساس.
فمع كل مرحلة يتم القضاء فيها على جماعة إرهابية او هزيمة احداها يعيد هذا الفكر صياغة الياته الجديدة والمسير باتجاه مزيد العنف والتطرف وابتداع اليات تنفيذ جرائمه بأكثر وحشية لتكون رسائله للجميع بأن هذه الجماعات لا تؤثر فيها الانكسارات بل تزيدها قدرة على التقدم بجرائمها أكثر فاكثر.
وطالما لم تكن هنالك استراتيجيات وطنية للتصدي للإرهاب والفكر المتطرف فإن بقاء مصادر صياغة فكر التطرف ستكون متوفرة دائما وساحة خصبة لهذه الافكار لتنمو وسط مجتمعات تعاني الكثير من الاحباط والمشاكل الاقتصادية والاجتماعية.
الاعتماد على الأجهزة الأمنية والعسكرية في التصدي ومحاربة الإرهاب تشكل تخليا من قبل باقي المؤسسات عن دورها في التصدي ومحاربة الفكر المتطرف والاعتقاد بأن هزيمته تتم أساساً على يد الأجهزة المختصة تهرب من تحمل المسؤولية وعجز عن تحمل المسؤوليات تجاه إعادة صياغة عقد مجتمعي يقوم على المواطنة والتساوي في الحقوق والواجبات وضمان الدولة الأديان والشعائر بعيداً عن ادعاء ملكية الحقيقة وفرضها بالعنف والارهاب على الآخرين.
* كاتب وباحث في شؤون الجماعات الإرهابية