آخر الأخبار
عاجل

فيسبوك...

فيسبوك...
الشريط الإخباري :  
عمر عليمات - مع تجاوز عدد مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي أكثر من ثلاثة مليارات مستخدم حول العالم، تغيرت مفاهيم التعامل مع المحتوى المنشور على هذه المنصات، إذ أصبح مصدراً هائلاً للمعلومات التي تُبنى عليها سياسات وبرامج، كونها تعبيراً حقيقياً عن اتجاهات الرأي العام حول مختلف القضايا والمواضيع.
سيكولوجية الإنسان متغيرة تبعاً للمكان والزمان، فالإنسان الموجود داخل بيته دون أي تأثيرات خارجية شخص يشعر بالأمان والقدرة على الحديث بما يؤمن به فعلاً من دون حرج أو خوف. ومن هذا المنطلق، فإن وسائل التواصل الاجتماعي باتت مرآة عاكسة لما يجري في الشارع وتعبيراً عن القناعات التي قد يتجنّب البعض التحدث عنها علانية، لذا انتبهت العديد من دول العالم إلى أهمية هذه الوسائل باعتبارها مصدراً مهماً لجمع البيانات، بحيث أصبح الكثير من وكالات الاستخبارات العالمية وكبريات الشركات العالمية والجهات المسؤولة عن تطوير الخدمات للجمهور، تضم في هياكلها الإدارية وحدات متخصصة في مراقبة منصات التواصل الاجتماعي، لمعرفة ما يدور في المجتمع والتوجهات السائدة وردود الفعل إزاء كافة القضايا، وأبرزها القرارات الحكومية ومدى قبولها أو رفضها.
 لا ينكر أحد أن باراك أوباما وهو أول رئيس أسود يصل إلى البيت الأبيض، استند في حملته الانتخابية إلى وسائل التواصل الاجتماعي، حتى أن البعض يعزي الفضل في فوزه إلى فيسبوك وتويتر، وفي الانتخابات الأمريكية الأخيرة أكدت تقارير رسمية أن روسيا استخدمت منصات التواصل الاجتماعي للتأثير في نتيجتها، دافعة باتجاه انتخاب دونالد ترامب للرئاسة الأمريكية. كما أن العديد من حكومات دول العالم ترى في وسائل التواصل الاجتماعي أداة فعالة لمعرفة آراء الجمهور ومدى تقبله لسياساتها وثقته بقراراتها وبرامجها. 
وفي اتجاه آخر، شكلت وسائل التواصل الاجتماعي أخطر وسيلة تم استغلالها من قبل التنظيمات الإرهابية، وخاصة تنظيم داعش للوصول إلى أكبر شريحة ممكنة من الشباب. ففي الوقت الذي تغافل فيه الجميع عما يحدث على المنصات الاجتماعية من عمليات غسل للأدمغة، كان التنظيم ينشئ «دولة» ويجند آلافاً من الشباب من خلال التواصل المباشر معهم باستخدام هذه المنصات، وعندما فطن العالم، كان قد أصبح بحاجة إلى تحالف من 60 دولة للقضاء على دولة الإرهاب، التي لم يُقض عليها بشكل كامل حتى الآن.
في الأردن، وصل عدد المشتركين في منصة فيسبوك وحدها إلى 5.3 مليون مشترك، ناهيك عن المنصات الأخرى، أي أن المجتمع الأردني مجتمع رقمي من الطراز الرفيع، حيث تعتبر نسبة المستخدمين لوسائل التواصل مقارنة مع عدد السكان من أعلى النسب عالمياً، لذا فإن ما يُعبّر عنه في هذه المنصات من توجه شعبي، يمثّل نبض الشارع بدقة، ولا يمكن التعامل مع هذه الاتجاهات وكأنها ضرب من الخيال في العالم الافتراضي، لا علاقة له بالواقع.
وسائل التواصل الاجتماعي باتت اليوم سلاحاً ذا حدين، فإما أن تُتخذ جسراً للتواصل مع الناس ومعرفة توجهاتهم وتطلعاتهم وآرائهم حول كل ما يحدث، أو تصبح وسيلة للفوضى والتخريب، إذا بقيت بعض العقليات ترى فيها أداة للترفيه وتصفح الفيديوهات والنكات.
باختصار، فيسبوك وغيرها من المنصات مصدر مهم لمعرفة رأي الناس وقد رسّخت مكانتها كقنوات فاعلة لاكتشاف مدى الإنجاز أو الإخفاق، ومَن يتصفح فيسبوك وتويتر اليوم ليس بالضرورة شخصاً «فاضي مشاغل»، وعلى المسؤول الذي يدرك حجم المسؤولية الملقاة على عاتقه أن يعي بأن التواصل المباشر مع المواطنين عبر المنصات الحديثة هو السبيل الأقصر لمعرفة الحقيقة، ولعل السؤال الأكثر خطورة هل بقي وزراء ومسؤولون لديهم وجهة نظر تنتمي لعهد إعلام «الرجل الوسيط»؟!.