«إيران ليست العراق ولا لبنان»
الشريط الإخباري :
عمر عليمات - لم يجد مستشار الرئيس الإيراني حسام الدين آشنا ما يعلق به على ما يجري في بلاده من احتجاجات شعبية، محرّكها الأول والأخير الظروف المعيشية، إلا قوله «إيران ليست العراق ولا لبنان»، ولعل هذه العبارة هي النحس الذي سيمثّل مسماراً في نعش النظام الإيراني القائم، فقد قال هذه العبارة كثيرون قبله، والجميع يعرف إلى ما ماذا آلت أمورهم.
نعم إيران ليست العراق ولا لبنان، فلو أن النظام الإيراني وجه ملياراته التي يستثمرها للتدخل في الشؤون العراقية واللبنانية إلى توفير الحياة الكريمة لشعبه، لما وصلت الحال في بلاده إلى هذا الحد من تردي الظروف المعيشية، مع أن إيران تمتلك ثروات كفيلة بأن تجعل مواطنيها يعيشون في رخاء يحسدون عليه.
ليت النظام الإيراني يؤمن حقيقة بأن إيران ليست العراق ولا لبنان ولا اليمن، وليته يوجّه اهتمامه إلى أبناء شعبه، بدلاً من اللهاث وراء أحلام النفوذ والتوسع المستند إلى ولاءات طائفية لا تؤمن بالدولة الوطنية، ولا بسيادة الدول على مواطنيها من كافة المذاهب والأديان، وليته يتوقف عن تدخله في شؤون دول المنطقة الذي تسبب في كارثية الأوضاع في بعضها، وتفشي الأمراض الاجتماعية.
التحجج بكون العقوبات الدولية هي السبب الرئيسي في تراجع الأوضاع الاقتصادية والمعيشية في إيران، كلام غير واقعي وبعيد عن الحقيقة، فالدولة التي تنفق بلا حساب على مليشياتها المنتشرة غرباً وشرقاً لا تعاني شُحّاً في الموارد المالية، بل تعاني أوهام «تصدير الثورة» ومعضلة الولي الفقيه، فهل يعقل أن يكابد شعب دولة لديها من النفط والغاز والمعادن والثروة الزراعية والمائية ما تمتلكه إيران، حتى ينفجر غضباً وسخطاً في الشارع؟، ناهيك عن الأمراض التي تفتك بشبابه نتيجة البطالة المرتفعة والتضييق غير المبرر على كل أوجه الحياة، حتى الدخول إلى الفيسبوك وتويتر.
سياسيو إيران لم يتعلموا ممن سبقهم، فشماعة التدخلات الأجنبية والإعلام المأجور شماعة عفا عليها الزمن، ولم تعد تجدي نفعاً مع الشعوب الثائرة في وجه الظلم الاجتماعي، وتجيير الثروات الوطنية لمصالح ومفاسد محلية وخارجية، فالشعوب ليست بهذا الغباء ولا السطحية لتحركها سفارة من هنا ووسيلة إعلامية من هناك، وكأن هذه الشعوب مجموعة من القطعان والرعاع الذين لا يفقهون شيئاً، فتحركهم الأدوات الخارجية وكأنهم قطع شطرنج.
إغلاق وسائل التواصل الاجتماعي ومنع الإعلام من تغطية الاحتجاجات الشعبية لن يطولا كثيراً، لأن ما توفره التكنولوجيا اليوم كفيل بإحباط تدابير أي دولة مها حاول نظامها حجب الحقيقة عن العالم، وعندما تسقط الأنظمة في درك تعليق فشلها على الآخرين، تكون قد اقتربت نهايتها، ولعل عبارة «لسنا مثلهم» بداية النهاية لنظام لم ير في بلاده سوى منطلقا لضرب استقرار الدول الأخرى، لذا فقد تذكّر جميع أذرعه ونسي الإيرانيين!.
بالمحصلة، لعل مستشار الرئيس الإيراني قال الحق دون أن يدري، فإيران لم ولن تكون العراق ولا لبنان، وعلى العاقل أن يتعظ.