مستقبل نتنياهو وتشكيل الحكومة
الشريط الإخباري :
د. زيد النوايسة
الأسبوع الحالي هو الأهم والأصعب في الحياة السياسية الإسرائيلية بشكل عام وفي حياة نتنياهو السياسية والشخصية بشكل خاص؛ إذ ستنتهي المهلة التي منحها الرئيس الإسرائيلي لبيني غانتس بتشكيل الحكومة، وفي حال فشله في تشكيل حكومة يُكلف أحد أعضاء الكنيست القادر على جمع موافقة واحد وستين عضواً لإنجاز حكومة في مهله زمنية أقصاها ثلاثة أسابيع فقط، وخلاف ذلك سيتم الدعوة لانتخابات للكنيست للمرة الثالثة خلال أقل من عام في خطوة غير مسبوقة وغير مضمونة النتائج لأن احتمالية إعادة إنتاج المشهد الحالي واردة، وبالتالي دخول الحياة السياسية في إسرائيل في حالة جمود سياسي لم تشهده دولة الاحتلال منذ قيامها العام 1948 وهو ما يجهد المسؤولون الإسرائيليون لتجنبه.
نتنياهو الذي فشل في الترويج للعدوان الأخير على قطاع غزة والذي أطلق عليه "عملية الحزام الأسود” في محاوله منه لإرسال رسائل داخلية لليمين المتطرف والتشويش على خصومه باعتباره القادر على ضرب قدرات المقاومة الفلسطينية لم يتمكن من منع سقوط الصواريخ الفلسطينية على تل أبيب والمستوطنات الإسرائيلية، الأمر الذي شَكل فرصة استثمرها ضده خصومه السياسيون ، يعيش اليوم في أسوأ مراحله على المستوى السياسي نتيجة تقدم المفاوضات بين زعيم حزب "أزرق أبيض” بيني غانتس وأفيغدور ليبرمان رئيس حزب "إسرائيل بيتنا” للتوافق على تشكيل حكومة وهذا يتوافق مع رغبة القائمة العربية المشتركة التي وإن رفضت أن تكون جزءا من هذا الاتفاق في حال إنجازه إلا أنها معنية بسقوط نتنياهو وخروجه من المسرح السياسي نهائياً.
مقابل ذلك لم يسبق أن تلقى رئيس وزراء إسرائيلي دعماً من الإدارة الأميركية كما تلقى نتنياهو من إدارة الرئيس دونالد ترامب التي تنحاز بشكل مطلق لإسرائيل؛ بدأ بالاعتراف بالقدس عاصمة موحدة لدولة الاحتلال ونقل سفارتها والاعتراف بسيادة الاحتلال على أراضي الجولان السوري المحتل وقطع المساعدات الممنوحة للسلطة الوطنية الفلسطينية وإغلاق مكاتبها ووقف دعم وكالة الاونروا لغوث اللاجئين والحيلولة دون صدور أي قرار يدين جرائم الاحتلال من مجلس الأمن.
كل ذلك كان في إطار تمهيد وتهيئة مناخ يخدم نتنياهو بالعودة لرئاسة الحكومة ومقدمة لإعلان مشروع التسوية الأميركي "صفقة القرن”. ولكن كل تلك الهدايا فشلت في وصوله بعد جولتين من الانتخابات في تشكيل الحكومة وبدا واضحاً أنه أصبح عبئاً ثقيلاً على الرئيس ترامب نفسه، يضاف لذلك خسارته أحد أهم داعميه في إدارة الرئيس ترامب جون بولتون مستشار الأمن القومي السابق وجيبسون غرينبلات محامي الرئيس ومستشاره.
على المستوى الشخصي يتوقع أن يواجه المدعي العام الإسرائيلي أفخاي مندلبليت خلال الأسبوع الحالي قرار الاتهام في ملفات فضائح فساد تواجه رئيس حكومة تصريف الأعمال وتتمحور حول قضايا الرشوة والاحتيال وانتهاك الثقة في ثلاثة ملفات رئيسة هي قضية شركة الاتصالات وقضية قبول هدايا فاخرة والتدخل في وسائل الاعلام وتوظيفها لصالحه.
نتنياهو يسعى بكل ما يملك للذهاب لانتخابات ثالثة مراهناً على حدوث مخرج شخصي له بالدرجة الأولى ولعل حرب التغريدات مع بيني غانتس تكشف ذلك واتهام الأخير لنتنياهو بعرقلته قيام حكومة وحده وطنية وتلويحه بأنه سيعمل كل ما يستطيع لمنعه من جر إسرائيل لانتخابات ثالثة في حين أن نتنياهو يستثير الحالة العدائية ضد القائمة العربية المشتركة باتهامه لبيني غانتس بأنه يسعى لتشكيل حكومة ضيقه تعتمد على أصوات القائمة المشتركة.
على كل حال الأسبوع الحالي يحمل أجوبه مهمة حول مستقبل نتنياهو وحول احتمالية تشكيل حكومة انتقالية أو الذهاب لحالة جمود سياسي طويلة.