رؤية أخرى لموقف وزير الخارجية الأمريكي بتشريع الاستيطان
الشريط الإخباري :
باسل ترجمان -إعلان وزير الخارجية الامريكي مايك بومبيو ، أن «الولايات المتحدة لم تعد تعتبر أن المستوطنات الإسرائيلية بالضفة العربية مخالفة للقانون الدولي»، القى بحجر في المياه الراكدة لعملية السلام في الشرق الأوسط، وشكل محاولة للقفز على واقع اوجدته الشرعية الدولية وجسدته قوانينها برفض سياسة الأمر الواقع واغتصاب اراضي الشعوب المحتلة بالقوة.
التصريح جاء في سياق سياسي اختارت الادارة الامريكية السير فيه لمحاولة فرض ما اسمته «بصفقة القرن» التي لم يعرف بعد من تفاصيلها سوى الاعتراف بضم القدس واعتبارها عاصمة لإسرائيل، ثم الاعلان بأن واشنطن لا تعتبر المستوطنات مخالفة للقانون الدولي.
التفسير الامريكي الجديد لمعايير القانون الدولي يضع هذه الشرعة التي اقرت وتطورت منذ نهاية الحرب العالمية الثانية، والتي حاولت منظمة الأمم المتحدة تحت وقع ما انجر على البشرية من كوارث جراء هذه الحرب، أن تضع جملة من القوانين والمواثيق التي تسعى للحد من اي تصرفات قد تقود لإشعال حروب تدميرية تهدد البشرية.
ورغم أن الأمم المتحدة لم تنجح في إيجاد حلول للكثير من القضايا التي واجهت الانسانية وخاصة القضية الفلسطينية، لكنها نجحت وبنسب متفاوتة في السعي لحماية الأمن والسلم الدوليين، عبر اليات صنعها من ثبتوا مقاربة قانونية اطلق عليها القانون الدولي ووضع صيغ واليات لحل النزاعات واثبات الحقوق وعدم ايجاد أي مبررات لمن يعتدي على شعوب الدول المحتلة، وتغيير وضعيتها الجغرافية والسكانية.
تصريح وزير الخارجية الأمريكي حول عدم مخالفة المستوطنات للقانون الدولي سيغير في قراءة المشهد السياسي الدولي، سواء في مستوى التعاطي مع رؤية العالم لأليات حل الصراعات التي يراد تمريرها عبر فرضها بقوة الأمر الواقع متناسين أن من يسعى لفرض وشرعنة أي قضية سيكون أول من تطبق عليه، وتجاوز القانون الدولي لإرضاء رغبات اليمين المتطرف الاسرائيلي سيكون له في المستقبل نفس الأثر في رؤية الأطراف التي تعتبر اليوم ضحية لهذه المواقف، او في مستوى احترام هذه القوانين والزامية التعاطي الاخلاقي والسياسي معها لأن من قام بتجاهل كل هاته الشرائع الدولية لن يتمكن مستقبلاً من الحديث والمطالبة باحترامها وتطبيقها واعتبارها مصدراً يلزم الأخرين باحترامه ويفتح الباب امام شريعة القوة والعنف وفرض سياسة الامر الواقع.
الإدارة الامريكية تحاول القفز بسرعة باتجاه انهاء أي إمكانية حقيقة للتوصل لحل يمكن من إيجاد سبيل لتطبيق قرارات مجلس الأمن الدولي بإقامة سلام على اساس دولتين لشعبين على أرض فلسطين التاريخية..
هذه القفزة ستجعل من البحث عن حلول بديلة أمرا لا بد منه فلا يمكن التوصل لإقامة السلام، ولا يمكن الاستمرار إلى ما لا نهاية في الجمود المسيطر على الاوضاع في المنطقة منذ ربع قرن مضى فشل فيه الجميع بالتوصل للسلام بين الشعبين.
أي حلول يمكن تقديمها والحديث عنها مع تضاءل إمكانية إقامة السلام في المنطقة، تتجاوز حدود حلول الكانتونات المحاصرة بالمستوطنات في الضفة الغربية لتشكل محتشدات لا تبتعد عن تجربة الميز العنصري في جنوب إفريقيا، أو بإعلان دولة واحدة وضم الاراضي الفلسطينية في الضفة الغربية لإسرائيل، وهذه الحلول لن تستطيع أن تحقق نتائج يمكن من خلالها ضمان الأمن والاستقرار في المنطقة، بل ستقود لاستمرار حالة الصراع والعجز عن تحقيق الأمن والسلام للشعبين الفلسطيني والإسرائيلي.
الإدارة الأمريكية تشرع لمرحلة ما بعد تجاهل وعدم احترام القانون الدولي والتعاطي مع هذه المقاربة الأمريكية ستكون بنفس المستوى لأن من جسد عدم احترام القانون لن يستطيع مستقبلا الدعوة لاحترامه وتطبيق شرعته.