تطوير القطاع العام وهذه الملاحظات..
الشريط الإخباري :
أحمد جميل شاكر - استطاعت جائزة الملك عبد الله الثاني للتميز إحداث تغيير جذري في العديد من الوزارات والمؤسسات والشركات، وتحريك المياه الراكدة.
تشعر بروح جديدة، وأنت تدخل العديد من المؤسسات التي حصلت على تلك الجائزة أو أنها تتنافس للحصول عليها، حتى أنك ترى الفارق الكبير من الخدمات التي تقدمها حالياً إدارة ترخيص المركبات والسواقين مقارنة بما كانت عليه قبل حصولها على الجائزة منذ سنوات، وأنها تسعى لمزيد من التحسينات، ودخول عالم الخدمات الإلكترونية الحكومية من أوسع أبوابه.
العديد من الوزارات والدوائر التي حصلت على تلك الجائزة على مدار السنوات الماضية، حدثت فيها تغييرات ونقلة حضارية نحو الأفضل والأحسن، وفي مقدمتها دائرة الجمارك العامة، ومؤسسة المواصفات والمقاييس على سبيل المثال منح جائزة يتم من خلال شروط، وعمليات تقييم، وزيارات ميدانية متكررة، وبالتالي فإن المواطن هو المستفيد الأول من تحسين أي خدمات في أي مؤسسة، والتي تعد ن أحد المقاييس الرئيسة للوصول إلى الجائزة.
وإذا كانت هناك العشرات من الوزارات والدوائر الحكومية التي تسعى هذه الأيام للحصول على جائزة الملك عبد الله الثاني للتميز في القطاع العام، فإن الجهات المعنية بتطوير القطاع العام مطالبة بالتدخل، وإيجاد الحلول المناسبة للتسهيل على المواطنين في العديد من الوزارات والدوائر والمؤسسات الحكومية، حتى ولو أن تلك الجهات دفنت رأسها في الرمال، ولا يدخل في حساباتها المنافسة على هذه الجائزة، أو حتى التفكير بتحسين خدماتها.
دائرة ضريبة الدخل والمبيعات على سبيل المثال، وبالرغم من كل التحسينات التي طرأت على خدماتها، إلا أنها تقوم بالتعميم على البنوك، والسوق المالي، ودائرة الأراضي، وغيرها من الدوائر بأن تتوقف عن إجراء أي معاملة لأي شخص عليه مطالبات لدائرة ضريبة الدخل، إلا أنها تمتنع عن إرسال كتب بإلغاء الكتب السابقة إذا ما قام هذا المكلف بتسوية أوضاعه؛ ما يضطره للقيام برحلة عذاب بين كل تلك الوزارات والدوائر والبنوك لتزويدها بكتب خطية، بينما لم تقم دائرة الأراضي بإرسال تعميم ورقي أو حتى على الحاسوب لتصويب الوضع.
أمانة عمان، ما زالت تعاني من التنظيم الإداري، والذي قام بتقسيمها إلى دوائر لا يوجد الحد الأدنى من التنسيق بينها، والمعاملة التي كانت تستغرق بضع دقائق قبل عقود، أصبحت الآن تستغرق عدة أيام نتيجة البيروقراطية، ومعظم الصلاحيات بأيدي المديرين في مركز الأمانة، بينما تم تجريد مديري المناطق من معظم الصلاحيات، حتى أن مدير المنطقة لا يستطيع أن يحرك آلية لإزالة أنقاض، أو يحاسب عامل النظافة على تقصير، أو يقرر إعادة تزفيت حفرة في شارع، بينما كان الأمر في السابق يجعل من المنطقة أمانة مصغرة تقدم كل الخدمات.
وزارة الصحة، ما زالت تعاني من إجراءات في غاية التعقيد، بخاصة ما يتعلق بصرف الأدوية للمؤمنين صحياً والتي لا تتوافر في مستودعاتها، ويقوم المريض بشرائها على نفقته ولا يحصل ثمنها بعد ذلك من مديرية التأمين الصحي، كذلك فإن عملية تثبيت المواعيد للمرضى في المستشفيات الحكومية لمراجعة الأطباء، أو أقسام الأشعة والمختبرات ما زالت في غاية التعقيد.
جهات حكومية كثيرة تحتاج لتحريك المياه الراكدة فيها، وأعتقد أن وزارة تطوير القطاع العام يقع على عاتقها هذا الأمر بدلاً من البقاء منعزلة، وتصدر الدراسات والتقارير وتعطي محاضرات للآخرين عن الإدارة الحديثة.