أسرار جديدة عن الاغتيالات الإسرائيلية
الشريط الإخباري :
قال آريئيل شنبال الكاتب الإسرائيلي في صحيفة مكور ريشون اليمينية إن "الاغتيالات الإسرائيلية تعني في سياقها العام تصفية حسابات مع الفلسطينيين المستهدفين، ويتم تنفيذ ذلك سواء من خلال الطائرات التي تقصف المطلوبين، أو العبوات الناسفة الجانبية، أو الهواتف المفخخة، والمواد السامة".
وأضاف شنبال في تحقيق مطول أنه "منذ تأسيس إسرائيل دأبت على تصفية أعدائها، من خلال اللجوء لقرارات حاسمة التي تتخذ في لحظات متوترة، وشمل ذلك العديد من الإخفاقات والنجاحات، بزعم أنه ليس هناك من طريق أخلاقية لمواجهة الجماعات المسلحة"، وفقا لترجمة صحيفة "عربي21".
وينقل عن ألون بن دافيد الخبير العسكري الإسرائيلي منتج السلسلة الوثائقية المسماة "قائمة الاغتيالات" التي تناولت يحيى عياش، خالد مشعل، خليل الوزير، سمير القنطار، علي حسن سلامة، بعضا من أسرار هذه الاغتيالات.
عملاء وجواسيس
يقول بن دافيد، إن "قصة سلامة تبدو الأكثر خطورة، لأنه الاسم الأقل معرفة لدى الجمهور الإسرائيلي، وتمت تصفيته منذ فترة طويلة عام 1979، لكن الاغتيال اعتمد أساسا على عملاء عاشوا في دول عربية معادية، فقد ترأس سلامة منظمة أيلول الأسود، ومسؤول عن عملية ميونيخ التي استهدفت الرياضيين الإسرائيليين في ألمانيا عام 1972، وتمت مطاردته لمدة سبع سنوات، بما في ذلك عملية اغتيال فاشلة في النرويج".
وأشار أنني "التقيت الجاسوس الإسرائيلي الذي أشرف على ملاحقة سلامة، ومعه جاسوسة إسرائيلية، ضغطت على زر التشغيل لتفجير السيارة المفخخة التي قتلت سلامة، هذان العميلان وصلا الدائرة الضيقة لسلامة، وهي قصة مجنونة لم تكشف كل تفاصيلها حتى الآن".
وأكد أن "الاغتيالات الاسرائيلية بدأت بصورة نظامية فور عملية ميونيخ، حينها أصدرت رئيسة الحكومة غولدا مائير تعليماتها لرئيس الموساد تسافي زامير قائلة :اقتلهم، أخرجهم من اللعبة، ونفذت إسرائيل منذ تلك الفترة مئات الاغتيالات، بعض هذه الاغتيالات نجحت بإحداث تغيير في الوضع القائم، واغتيالات أخرى كانت خاطئة، ونوع ثالث من الاغتيالات جاءت انتقاما شخصيا".
ويعترف أن "ما حصل مع خالد مشعل الزعيم السابق لحركة حماس، نموذجا على النوعين الثاني والثالث، كان هناك تحرك بدون تفكير، وأخطاء رافقت العملية منذ البداية، كما أن اغتيال أبو جهاد يطرح جملة تساؤلات، فقد كان على تواصل مع الأمريكان، والاستخبارات الاسرائيلية ذكرت أنه بدأ يفكر بطريقة جديدة نحو المقاومة المسلحة، لكن الغريب أن الاغتيالات لم توقف العمليات المسلحة فقط، بل إن العمليات زادت وتنامت".
أنواع الاغتيالات
وأكد أن "هناك أشخاصا يموت الموساد لو تحدث معهم، وآخرين يفضل اعتقالهم، والحصول على معلومات، والاغتيالات تحدث حين تنعدم تلك الاحتمالات، لكن اغتيالين غيرا وجه تاريخ إسرائيل، أولهما فتحي الشقاقي زعيم الجهاد الاسلامي الذي قتل بمالطا عام 1995، فدخل التنظيم بعدها جمودا عميقا عدة سنوات".
وأوضح أن "الاغتيال الثاني هو عماد مغنية رجل العمليات لحزب الله الذي قتل في فبراير 2008، وبعد تولي 3 قادة آخرين أتوا بدلا منه، لكنهم لم ينجحوا في ملء الفراغ الذي تركه، مما يؤكد ان هناك قيادات من الصعب أن تعثر لهم على وريث بعد اغتيالهم".
وأشار إلى أن "عملية الاغتيال تمر بعدة مراحل: التفكير، التخطيط، التنفيذ، ورؤية الاغتيال من كل الزوايا، لكننا في حال استثنينا نموذجي الشقاقي ومغنية، فإن باقي القادة عثروا على ورثة مناسبين لهم بسرعة ونجاح، رغم أن اغتيال عباس الموسوي زعيم حزب الله السابق في 1993، فقد كان اغتيالا فاشلا بامتياز".
وأضاف أن "هناك الكثير من الاسرائيليين اليوم لا يتمنون اغتيال حسن نصر الله، لأنه تحول كنزا لإسرائيل، فقد التزم الهدوء بعد أن تلقى ضربة قاسية في حرب لبنان الثانية 2006، وهو مختبئ في المخبأ "البونكر"، وهناك اغتيالات تغلب عليها البعد الشخصي للانتقام أكثر من ترميم الردع أو الحصانة، وأهمها نموذج خالد مشعل".
وزاد قائلا أن "قرار اغتيال مشعل اتخذ بعد سلسلة العمليات التفجيرية الكبيرة التي نفذتها حماس في القدس، فالمستوى السياسي بحث عن رد فوري، وقرر استهداف رئيس المكتب السياسي لحماس الذي أقام في الأردن آنذاك، وكذلك اغتيال أبو جهاد الذي جاء ردا على اندلاع انتفاضة الحجارة في 1987، وشكلت قيادته للأحداث آنذاك توترا عصبيا لدى صناع القرار الإسرائيلي".
وأكد أنه "في بعض الأحيان يرفض المستويان العسكري والأمني اندفاعة المستوى السياسي، ونصحاه دائما بالتروي وعدم التسرع، وبعض المشاركين في محاولة اغتيال مشعل أكدوا لي في محادثات مغلقة أننا ذاهبون الى فشل وإخفاق".
الانتقام الشخصي
واعترف الكاتب أن "المستوى العملياتي المهني توجب عليه أن يبلغ رئيس الحكومة آنذاك بنيامين نتيناهو أن مستوى المخاطرة كبير جدا، ونحن لن نقوم بهذه العملية، ومستويات ميدانية أخرى كانت مطالبة بالإعلان عن صعوبة تنفيذ العملية، فنتنياهو لا يعلم عمل وحدة "كيدون" التابعة للموساد التي نفذت العملية، وهناك رؤساء حكومات آخرين عرفوا طبيعة عملها مثل: إسحاق رابين، اريئيل شارون، إيهود باراك".
وأوضح أن "اغتيال يحيى عياش المهندس في كانون الأول/ يناير 1996 جاء ردا على سلسلة العمليات التفجيرية في تل أبيب، ونجح جهاز الأمن العام -الشاباك في إدخال هاتف محمول لغزة، مفخخ بعشرة غرامات من المتفجرات، فشل الاغتيال في المرة الأولى بسبب خطأ في تركيب أسلاك المتفجرات، وفي المرة الثانية تم إعادة الهاتف إليه، وحينها نجحت المحاولة من جديد".
ويكشف بن دافيد "بعض الأسرار والمفاجآت التي أحاطت بهذه الاغتيالات، ففي محاولة اغتيال مشعل في 1997 تم استخدام حقنة سامة، من خلال إشغاله بفتح علبة مشروب غازي، وتدرب عملاء الموساد على هذه العملية عشرات المرات، وهم يتجولون في شارع ديزنغوف وسط تل أبيب، لكن المحاولة فشلت بسبب التسرع في التنفيذ، وجمع المعلومات الأمنية غير الناضجة".
وأكد أن "العمليات التي خطط لها عياش غيرت التاريخ الإسرائيلي، بما فيها انهيار عملية أوسلو، وقتل اسحق رابين، مع أن عياش قاتل اسرائيل دون أي ارتباط ميداني، لكن مجزرة الحرم الابراهيمي بمدينة الخليل ساهمت كثيرا في دفعه لهذا الطريق".