مراقب سياحي اردني يوجه رسالة للرئيس جعفر حسان

{clean_title}
الشريط الإخباري :  

كتب مراقب للشأن السياحي الأردني  .

في واشنطن، حين كتب بوب وودوارد عن السلطة، لم يكن يبحث عن الفضائح،

بل كان يلاحق تلك اللحظة الدقيقة التي يصمت فيها النظام عن أخطائه.

في تلك اللحظة، لا يكون الصمت حيادًا… بل موقفًا.

 

وفي عمّان، اليوم، يقف ملف وزارة السياحة وهيئة تنشيط السياحة عند لحظة مشابهة.

ما الذي نعرفه… وما الذي لا يُقال؟

نعرف، دون اجتهاد أو تسريب، أن القطاع السياحي الأردني يقف على عتبة مرحلة استثنائية:

    •    عودة تدريجية للنشاط بعد حرب إقليمية أثّرت على حركة السفر.

    •    استعداد عالمي لكأس العالم 2026، حيث يدخل الأردن للمرة الأولى هذه اللحظة التاريخية.

    •    قطاع يساهم بنحو 15% من الناتج المحلي ويوفّر مئات آلاف فرص العمل المباشرة وغير المباشرة.

ونعرف أيضًا—وهذا موثّق بقرارات رسمية—أن القطاع نفسه شهد خلال فترة قصيرة:

    •    تغيير وزير السياحة.

    •    تغيير أمين عام وزارة السياحة.

    •    فراغًا أو ارتباكًا في موقع مدير عام هيئة تنشيط السياحة.

ما لا نعرفه—وهو الأهم—هو السبب، الهدف، والخطة.

التغيير حين يصبح نمطًا… لا إصلاحًا

في علم الإدارة العامة، التغيير أداة.

لكن حين يتكرر بلا تفسير، يتحوّل إلى إشارة خطر.

مصادر مطّلعة داخل القطاع السياحي—لا تتحدث للإعلام، لكنها تتابع التفاصيل—تصف المشهد بأنه:

“قرارات منفصلة، بلا سردية واحدة، ولا وثيقة أهداف واضحة.”

لا يوجد إعلان رسمي يوضح:

    •    ماذا كان الخلل؟

    •    ما الذي لم يعمل؟

    •    ما الذي سيتغيّر خلال 6 أو 12 شهرًا؟

وهنا تبدأ المشكلة.

لأن المستثمر، وشركة الطيران، ومنظم الرحلات، لا يسألون عن الأسماء…

بل يسألون عن استقرار القرار.

هيئة تنشيط السياحة: موقع إداري أم واجهة سيادية؟

في أي دولة، هيئة تنشيط السياحة ليست دائرة تنفيذية عادية.

هي المكان الذي تُدار فيه:

    •    صورة الدولة

    •    الرسائل التسويقية

    •    العلاقات مع الأسواق الخارجية

    •    التنسيق مع الطيران والفنادق والمنصات العالمية

حين يصبح هذا الموقع:

    •    شاغرًا،

    •    أو خاضعًا لتجاذب،

    •    أو محاطًا بإجراءات غير مفهومة،

فإن الضرر لا يظهر فورًا في الأرقام،

بل يظهر لاحقًا في الفرص التي لم تأتِ.

التعيين الذي جاء بعد اتساع الشكوك

اليوم، تم تعيين مدير عام جديد لهيئة تنشيط السياحة.

القرار، من حيث الشكل، خطوة مطلوبة.

لكن في القراءة السياسية والإدارية الباردة، لا يمكن فصل القرار عن توقيته.

فهذا التعيين لم يُسبق بـ:

    •    إعلان خطة إصلاح واضحة،

    •    أو تفسير رسمي لسلسلة التغييرات السابقة،

    •    أو عرض أهداف مرحلية ومؤشرات قياس أداء.

بل جاء بعد أن اتّسعت الشكوك،

وبعد أن انتقلت الأسئلة من همس داخل القطاع إلى نقاش علني في الرأي العام.

وهنا يصبح السؤال مشروعًا:

هل نحن أمام تنفيذ خطة كانت جاهزة أصلًا؟

أم أمام ترقيع للقرارات لاحتواء ارتباك أصبح مكلفًا سياسيًا؟

في أدبيات الإدارة العامة، القرارات التي تُتخذ بعد تصاعد الشكوك لا قبلها،

تُصنَّف كإدارة ردّ فعل، لا كسياسة عامة قائمة على التخطيط.

وترقيع القرارات قد يملأ فراغًا مؤقتًا،

لكنه لا يعيد الثقة،

ولا يبعث برسالة طمأنة حقيقية للسوق،

ولا يؤسّس لاستقرار إداري طويل الأمد.

أسئلة لا تهدف إلى اتهام… بل إلى إجابة

هذا ليس مقال شكوى، بل ملف أسئلة:

    1.    هل وُضعت خطة مكتوبة قبل هذه التغييرات؟

    2.    هل عُرضت هذه الخطة على مجلس الوزراء؟

    3.    هل ارتبطت التغييرات بمؤشرات أداء واضحة؟

    4.    أم أننا أمام قرارات ردّ فعل، بلا إطار زمني ولا رؤية متكاملة؟

غياب الإجابة لا يعني عدم وجودها،

لكنه يعني أن الدولة لم تختر أن تقولها.

الولاية العامة: هنا تحديدًا تبدأ المسؤولية

دولة الرئيس،

هذا المقال لا يطلب تدخلكم في التفاصيل، ولا في الأسماء.

لكنه يذكّر بحقيقة دستورية بسيطة:

الولاية العامة لا تُقاس بالقرارات المتخذة، بل بالقرارات التي يُسمح بحدوثها دون ضبط.

حين تتراكم التغييرات في قطاع حساس:

    •    دون بيان،

    •    دون معايير معلنة،

    •    دون جدول زمني،

فإن المسؤولية تصبح سياسية، لا إدارية.

الاقتصاد لا ينتظر… والفرص لا تعود

في الاقتصاد السياسي، هناك مفهوم معروف:

كلفة عدم الفعل.

في السياحة، هذه الكلفة تعني:

    •    موسمًا ضائعًا،

    •    حملة لم تُطلق،

    •    سوقًا اختارت وجهة أخرى،

    •    وشكوكًا لا تُكتب في التقارير، لكنها تُتداول في الغرف المغلقة.

والأخطر:

أن الأردن، وهو يدخل لحظة عالمية مع كأس العالم، قد يبدو—لمن يراقب من الخارج—كمن لم يجهّز نفسه إداريًا قبل أن يجهّز حملاته الدعائية.

الخلاصة: ليس وقت التجارب

هذا المقال لا يهاجم أشخاصًا،

ولا يدافع عن أسماء،

ولا يصطف مع طرف ضد آخر.

لكنه يقول بوضوح:

إدارة السياحة ليست ساحة تجريب، ولا مجال تصفية، ولا ملفًا ثانويًا.

والدولة التي تُدار مفاصلها الاقتصادية بمنطق ترقيع القرارات،

تدفع الثمن لاحقًا من ثقة السوق، وصورة البلد، وقدرته التنافسية.

دولة الرئيس…

حين يصبح الصمت أطول من اللازم،

يبدأ الناس بقراءة ما بين السطور.

والسياحة—كما الاقتصاد—لا تقرأ البيانات،

بل تقرأ الإشارات.

© جميع الحقوق محفوظة لوكالة الشريط الإخبارية 2024
تصميم و تطوير
Update cookies preferences