الأسلحة الكيميائية تضع البرهان في السودان على خطى بشار
يواجه عبد الفتاح البرهان رئيس مجلس السيادة في بورتسودان وقائد القوات المسلحة السودانية، عقوبات دولية بعد ثبوت استخدامه أسلحة كيميائية خلال الحرب الاهلية في السودان، في تكرار لانتهاكات الرئيس السوري السابق بشار الأسد، باستخدام أسلحة محظورة دوليا.
وكشف تحقيق لقناة "فرانس ٢٤" هذا الشهر، من خلال أدوات "مفتوحة المصدر"، عن تنفيذ الجيش السوداني بقيادة البرهان غارات جوية "باستخدام غاز الكلور لاستعادة مصفاة الجيلي الواقعة شمال بحري والتي كانت تحت سيطرة قوات الدعم السريع".
وذكر التحقيق أن قوات الجيش في بورتسودان نفذت الهجمات في ٥ و١٣ سبتمبر من العام ٢٠٢٤، وقالت القناة إن "الفيديوهات والصور تم التحقق من صحتها بواسطة فريق مختص"، في حين أكد خمسة خبراء توافق الأدلة مع عمليات إسقاط جوي لبراميل غاز الكلور، ليضاف التحقيق إلى الأدلة التي تدين الجيش السوداني باستخدام الأسلحة الكيميائية خلال الحرب التي اندلعت بداية من منتصف أبريل ٢٠٢٣.
شهادات وأدلة جديدة
وكشف شهود عيان لمجموعة "محامو الطوارئ" السودانية، عن وجود آثار في مناطقهم للضربات الكيميائية التي شنها الجيش السوداني العام الماضي، في حين أصدر المرصد السوداني الوطني لحقوق الإنسان بيانا يؤكد أن "الجيش السوداني ارتكب جريمة ضد القانون الدولي وضد الإنسانية من خلال الضربات الكيميائية".
وظهرت شهادات محلية جديدة من منطقتي الكوما ومليط في غرب السودان، تؤكد تغير لون المياه "إلى الوردي" بعد غارات للجيش، وجمعت فرق "فرانس ٢٤" عينات من تربة المناطق التي تعرضت للضربات للتحقق العلمي من آثار استخدام الأسلحة الكيميائية.
وناشد المدير التنفيذي لجميعة الحد من الأسلحة الكيميائية، داريل ج. كامبيل في حديث لقناة "سكاي نيوز عربية" المجتمع الدولي بضرورة الضغط على الجيش السوداني من أجل إيقاف الانتهاكات والضربات الكيميائية، وخاصة من الدول التي تقدم دعما عسكريا مثل روسيا.
جريمة مكررة
وأشار الخبير في الأسلحة الكيميائية إلى أن ما فعله البرهان في السودان، يشبه ما حدث في سوريا قبل سنوات، عندما استخدمت قوات بشار الأسد الرئيس السوري السابق، أسلحة كيميائية محرمة دوليا.
وذكر كامبيل أن ما فعله المجتمع الدولي مع النظام السوري السابق من "رد واسع" بعد ثبوت الضربات الكيميائية، يجب أن يحدث مع النظام السوداني في بورتسودان، مشيرا إلى أن "الضغط الدولي لا يجب أن يكون من الولايات المتحدة فقط".
وشن الجيش السوري في عهد الرئيس السابق بشار الأسد هجوما بالأسلحة الكيميائة على منطقة الغوطة في سوريا، حيث استهدفت مناطق تخضع لسيطرة المعارضة السورية في ضواحي دمشق بغاز السارين، وأشارت التقديرات إلى ارتفاع حصيلة الضحايا إلى بين ٢٨٠ قتيلا إلى ١٧٢٩ قتيلا.
وتوصل فريق الأمم المتحدة في سوريا بعد الضربة التي وقعت في ٢١ أغسطس ٢٠١٣ إلى "أدلة دامغة ومقنعة" على استخدام غاز السارين الذي أطلقته من خلال "صواريخ أرض أرض" كما كشف "مجلس حقوق الإنسان بالأمم المتحدة في العام التالي للحرب عن "استخدام كميات كبيرة من غاز السارين في الهجوم الذي استهدف مناطق مأهولة بالمدنيين ما أسفر عن خسائر كبيرة بين المواطنين".
وطالبت منظمة حظر الأسلحة الكيميائية في يونيو ٢٠١٨ الحكومة السورية بقيادة الأسد بتدمير جميع أسلحتها الكيميائيات ومنشآت إنتاجها، وأعربت عن قلقها لعدم القيام بمثل هذه الخطوة على الرغم من مرور سنوات على ضربة الغوطة، التي تعرف إعلاميا في سوريا باسم "مجزرة الغوطة".
إدانة دولية للبرهان
وكانت الولايات المتحدة الأميركية قد أعلنت في مايو الماضي، استخدام الجيش السوداني أسلحة كيميائية خلال عام 2024، ووقعت عقوبات على سلطة بورتسودان تشمل تقييد الصادرات الأميركية إلى السودان ووضع حد للاقتراض المالي بداية من 6 يونيو الماضي، وفقا لبيان للمتحدثة باسم وزارة الخارجية الأميركية تامي بروس، وطالبت الجيش بالتوقف عن استخدام الأسلحة الكيميائية.
وأعقبت إدانة الولايات المتحدة للجيش السوداني والتأكيد على استخدام الأسلحة الكيميائية، منظمات حقوقية ودولية أخرى، أدانت جيش البرهان، من بينها "هيومن رايتس ووتش" التي أصدرت بيانا في أكتوبر الماضي، لتؤكد خلاله استخدام القوات المسلحة السودانية مادة الكلور المحرم دوليا بموجب اتفاقية الأسلحة الكيميائية "ما يشكل جريمة حرب بموجب نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية"، داعية المجتمع الدولي للتحرك لعدم تكرار مثل هذه الانتهاكات، وعقاب المتسبب في هذا الانتهاك الصارخ للقانون الدولي.
ووقع السودان على اتفاقية حظر انتشار الأسلحة الكيميائية عام 1992، ليوافق على "نزع السلاح الكيميائي بتدمير كل ما قد تحوزه من المخزونات من الأسلحة الكيميائية ومرافق إنتاجها، وتدمير كل الأسلحة الكيميائية التي قد تكون خلـّفتها في الماضي على أراضي دول أطراف أخرى"، بحسب بنود منظمة حظر الأسلحة الكيميائية عبر موقعها الرسمي.
ولا تتوقف انتهاكات الجيش السوداني عند استخدام الأسلحة الكيميائية فحسب، إذ توثق المنظمات الحقوقية والأممية بشكل مستمر انتهاكات ضد المدنيين، من خلال القصف الجوي العشوائي الذي يستهدف البنية التحتية والمدارس والمستشفيات والأسواق، بحسب تقرير فريق الخبراء المعني بالسودان في الأمم المتحدة والموجه إلى مجلس الأمن.
كما أدانت الأمم المتحدة والولايات المتحدة الانتهاكات التي وصلت إلى الإعدامات الميدانية التي تنفذها "كتيبة البراء بن مالك" الذراع العسكري لجماعة الإخوان المسلمين المدرجة على قوائم الإرهاب في العديد من الدول، والتي تقاتل مع الجيش السوداني وتسيطر على مناطق واسعة في السودان منذ بداية الحرب، مستفيدة من التمويل الدولي الذي تحصل عليه من الدول التي ترعى التنظيم المتطرف وعلى رأسها قطر وتركيا.
وفي ظل الإدانات الدولية للبرهان، يحظى رئيس مجلس السيادة في بورتسودان وقائد الجيش المتهم بجرائم ضد القانون الدولي من بينها استخدام الأسلحة الكيميائية، بدعم مباشر من أنظمة عربية.
ويأتي الدعم الرسمي لقوات البرهان التي تتحالف مع ميليشيات إسلامية متطرفة، في وقت اتخذت خلاله الدول الداعمة للبرهان خطوات ضد التنظيمات الإرهابية والمتطرفة.
ويحصل الجيش السوداني وميليشياته التابعة لتنظيم الإخوان بصورة مستمرة على دعم عسكري من تركيا، وفقا لما نشرته صحيفة "واشنطن بوست" الأميركية في مارس الماضي، إذ كشفت عن تسليم "شحنات سرية من الطائرات المسيرة والصواريخ التركية إلى جيش بورتسودان في العام الماضي، بواسطة فريق من شركة بايكار – أكبر شركة دفاعية في تركيا- رافق الشحنات على الأرض للتأكد من أن الصفقة تتم بسلاسة ولتدريب المقاتلين على استخدام المسيرات في الحرب السودانية.
وأشار التقرير الأميركي إلى أن تركيا أرسلت مسيرات وصواريخ بقيمة ١٢٠ مليون دولار على الأقل العام الماضي، "بما في ذلك ٨ طائرات مسيرة ومئات الرؤوس الحربية، وفقا لعقد وشهادة مستخدم نهائي حصلت عليها واشنطن بوست بالإضافة إلى رسائل أخرى ومعلومات تتبع الرحلات الجوية التي تدعم عملية نقل الشحنات السرية".








