ذاب الثلج وبان المرج
الشريط الإخباري :
ذاب الثلج وبان المرج
وماذا بعد ؟ سؤال يمتد على مساحة اللحظة التاريخية يقتضي جوابا حاسما بحجم التحدي؛ وليس كلاما إنشائيا رخوا تم ابتذاله منذ عقود ؛ كما أن اجترار التحليلات التي تتحدث عن خطورة المرحلة ؛ وتفضي إلى إفراز مقولات تهرّات من كثرة الدوران في منابر الإعلام التقليدي و الجماهيري و الغرف المغلقة و الخطابات الشعبوية و الشعارات السياسية المستهلكة ، وأحاديث فض المجالس التي يتم تداولها لتزجية الفراغ و التسلية و إظهار الحياد البراجماتي المائع من مثل عبارات ( على طرفي الانقسام ) التي يرددها بعض القياديين ممن نحترمهم من أمثال نبيل عمرو ونعدهم من أصحاب الشخصيات التي تؤهلهم لأن يكونوا رجال الدولة ، فقد استعمل هذه العبارة في بعض ماكتبه في الشرق الأوسط وكأنه يضع فتح و حماس على قدم المساواة في المسؤولية عن الانقلاب البشع ؛ وقد كان من المستغرب أن يتحول إلى كاتب صحفي محترف وليس قائدا سياسيا وطنيا في جريدة الشرق الأوسط ، وهي جريدة واسعة الانتشار كان يمكن أن تستثمر في خدمة التيار الوطني من كاتب بحجم نبيل عمرو ؛ ولكنه راح يسلط الضوء على السلبيات في فتح (الحركة الأم) وهي سلبيات لا تخلو منها حركة بحجم فتح ، فضلا عن أنه راح ينتقد موقفها في معالجة موضوع المستشفى الأمريكي .
لست ضد النقد ولا معارضا لتعدد الآراء ؛ ولكنني و أنا المستقل و لست سياسيا ،وإن كنت فتحاوي الهوي لقناعتي بدورها التاريخي ، وضد أي انحياز لمن حاول التجنّح فيها مهما كانت مكانته ، وثمة تلميحات من هنا وهناك إلى اعتبار حركة محمد دحلان انقساما داخل فتح وليس تجنحا ، وكل الحقائق تشير إلى غير ذلك بدليل استثمار حماس لهذه الحركة و توظيفها وتقرب دحلان من حماس وهجومه على فتح الأم ، هذا الموقف غير مقبول بتاتا والحقائق معروفة و دامغة ، فلا بد أن تكون المواقف واضحة دون غمغمة أو لعب بالعبارات .
حماس التي دمرت المشروع الوطني وارتكبت بحقه كل المحظورات كشف موقفها الأخير مما حدث بين الجهاد و إسرائيل وقبولها بحراك مستفز من صميم التآمر على القضية و انحياز بعض المتحذلقين المختطف وعيهم أو المرتبطة مصالحهم وتسويغهم لسلوك حماس غير الوطني ، وبغض النظر من النبرة الملتبسة لما جاء في مقالة نبيل عمرو عن موقف السلطة من المستشفى الأمريكي فإنه لايجوز أن يتحدث كما الآخرين عن طرفي الانقسام ، له أن ينتقد تباطؤ السلطة و لكن من خلال التحليل السياسي الواعي و الدقيق و ليس من باب الاتهام و الخصومة السياسية بل من باب التوجيه و اقتراح الحلول و المبادرات .
و لعله آن الأوان بعد أن اتضحت الحقيقة كاملة و هي باختصار : استماتة حماس في التشبث بغزة ومراوغتها في موضوع الانتخابات وتواطئها غير المباشر فيما حدث من هجوم على الجهاد ، و وضوح تلقي الجهاد أوامرها من إيران والموقف السلبي من الفصيلين المهمّين في منظمة التحرير و خضوعهما لمصالحهما الحزبية وبراجماتيتهما غير الوطنية و انخراطهما في مقاومة موسمية متقطعة و مبتورة تصل إلى درجة الانتهازية أحيانا و الكيد السياسي أحيانا أخرى، وارتباط بعض فصائل المنظمة الأخرى بقوى إقليمية ومحاولة ابتزاز فتح التي تحرص على وحدة منظمة التحرير بدفعها ثمنا باهظا لذلك، و تغاضيها عن اختلالات سلوكية غير وطنية في موقف بعض القوى و الفصائل ، أقول لابد من اتخاذ موقف حاسم و وضع النقاط على الحروف و تحمّل أعباب مقاومة شعبية فاعلة ضد الاستيطان الذي بلغ حدا لا يجوز السكوت عليه رغم مخاطر الصدام مع العدو الذي يمكن أن يهدّد منجزاتنا الوطنية كلها في حال تحدّيه و الصدام معه ، ولذلك لا بد من التقدير الدقيق للمواقف ، ولكن لا بد من لجم حماس و تعرية مواقفها بعد أن ذهبت إلى أبعد مدى حيث سدت كل منافذ العودة إلى الصف الوطني.
كان الله في عون القيادة الفلسطينية الوطنية ، ولكن لا بد من أن نقول : ذاب الثلج و بان المرج.
أ.د . محمد صالح الشنطي
وماذا بعد ؟ سؤال يمتد على مساحة اللحظة التاريخية يقتضي جوابا حاسما بحجم التحدي؛ وليس كلاما إنشائيا رخوا تم ابتذاله منذ عقود ؛ كما أن اجترار التحليلات التي تتحدث عن خطورة المرحلة ؛ وتفضي إلى إفراز مقولات تهرّات من كثرة الدوران في منابر الإعلام التقليدي و الجماهيري و الغرف المغلقة و الخطابات الشعبوية و الشعارات السياسية المستهلكة ، وأحاديث فض المجالس التي يتم تداولها لتزجية الفراغ و التسلية و إظهار الحياد البراجماتي المائع من مثل عبارات ( على طرفي الانقسام ) التي يرددها بعض القياديين ممن نحترمهم من أمثال نبيل عمرو ونعدهم من أصحاب الشخصيات التي تؤهلهم لأن يكونوا رجال الدولة ، فقد استعمل هذه العبارة في بعض ماكتبه في الشرق الأوسط وكأنه يضع فتح و حماس على قدم المساواة في المسؤولية عن الانقلاب البشع ؛ وقد كان من المستغرب أن يتحول إلى كاتب صحفي محترف وليس قائدا سياسيا وطنيا في جريدة الشرق الأوسط ، وهي جريدة واسعة الانتشار كان يمكن أن تستثمر في خدمة التيار الوطني من كاتب بحجم نبيل عمرو ؛ ولكنه راح يسلط الضوء على السلبيات في فتح (الحركة الأم) وهي سلبيات لا تخلو منها حركة بحجم فتح ، فضلا عن أنه راح ينتقد موقفها في معالجة موضوع المستشفى الأمريكي .
لست ضد النقد ولا معارضا لتعدد الآراء ؛ ولكنني و أنا المستقل و لست سياسيا ،وإن كنت فتحاوي الهوي لقناعتي بدورها التاريخي ، وضد أي انحياز لمن حاول التجنّح فيها مهما كانت مكانته ، وثمة تلميحات من هنا وهناك إلى اعتبار حركة محمد دحلان انقساما داخل فتح وليس تجنحا ، وكل الحقائق تشير إلى غير ذلك بدليل استثمار حماس لهذه الحركة و توظيفها وتقرب دحلان من حماس وهجومه على فتح الأم ، هذا الموقف غير مقبول بتاتا والحقائق معروفة و دامغة ، فلا بد أن تكون المواقف واضحة دون غمغمة أو لعب بالعبارات .
حماس التي دمرت المشروع الوطني وارتكبت بحقه كل المحظورات كشف موقفها الأخير مما حدث بين الجهاد و إسرائيل وقبولها بحراك مستفز من صميم التآمر على القضية و انحياز بعض المتحذلقين المختطف وعيهم أو المرتبطة مصالحهم وتسويغهم لسلوك حماس غير الوطني ، وبغض النظر من النبرة الملتبسة لما جاء في مقالة نبيل عمرو عن موقف السلطة من المستشفى الأمريكي فإنه لايجوز أن يتحدث كما الآخرين عن طرفي الانقسام ، له أن ينتقد تباطؤ السلطة و لكن من خلال التحليل السياسي الواعي و الدقيق و ليس من باب الاتهام و الخصومة السياسية بل من باب التوجيه و اقتراح الحلول و المبادرات .
و لعله آن الأوان بعد أن اتضحت الحقيقة كاملة و هي باختصار : استماتة حماس في التشبث بغزة ومراوغتها في موضوع الانتخابات وتواطئها غير المباشر فيما حدث من هجوم على الجهاد ، و وضوح تلقي الجهاد أوامرها من إيران والموقف السلبي من الفصيلين المهمّين في منظمة التحرير و خضوعهما لمصالحهما الحزبية وبراجماتيتهما غير الوطنية و انخراطهما في مقاومة موسمية متقطعة و مبتورة تصل إلى درجة الانتهازية أحيانا و الكيد السياسي أحيانا أخرى، وارتباط بعض فصائل المنظمة الأخرى بقوى إقليمية ومحاولة ابتزاز فتح التي تحرص على وحدة منظمة التحرير بدفعها ثمنا باهظا لذلك، و تغاضيها عن اختلالات سلوكية غير وطنية في موقف بعض القوى و الفصائل ، أقول لابد من اتخاذ موقف حاسم و وضع النقاط على الحروف و تحمّل أعباب مقاومة شعبية فاعلة ضد الاستيطان الذي بلغ حدا لا يجوز السكوت عليه رغم مخاطر الصدام مع العدو الذي يمكن أن يهدّد منجزاتنا الوطنية كلها في حال تحدّيه و الصدام معه ، ولذلك لا بد من التقدير الدقيق للمواقف ، ولكن لا بد من لجم حماس و تعرية مواقفها بعد أن ذهبت إلى أبعد مدى حيث سدت كل منافذ العودة إلى الصف الوطني.
كان الله في عون القيادة الفلسطينية الوطنية ، ولكن لا بد من أن نقول : ذاب الثلج و بان المرج.
أ.د . محمد صالح الشنطي