اغتيال قاسم سليماني
الشريط الإخباري :
بقلم : بكر ابو بكر
تعاني المنطقة العربية من تدخلات وصراعات بل وتمدد كافة المحاور، بين محور تركيا ومحور إيران وبالطبع محور الشر الاكبر وهو المحور الصهيوني، وهذه الدول الثلاث التي تتدخل بالمنطقة العربية من شرقها الى غربها مستخدمة ذرائع ومبررات مختلفة من حماية الشعب أو النظام أو السلام، أو المظلومين هنا او هناك، أو تنظيرا لمحور المقاومة مقابل محور الشر أو ضده، وغيرذلك من الشعارات المرفوعة.
وفي جميع الاحوال فإن الاقتتال على جسد وثروة ومستقبل أمتنا العربية يأخذ بالحقيقة دافع الصراع الاقتصادي-السياسي لاقتسام ثروات بلادنا من جهة، ولزيادة حجم النفوذ فيها من هذا الطرف الاقليمي أوذاك في ظل القوتين العظميين او الثلاثة التي تجتاح العالم وهي أمريكا وروسيا والصين.
ولنا في مثال سوريا خير أنموذج حيث تكالبت كافة الدول المحورية من خارج المنطقة العربية على خريطة سوريا، وتقاسمتها مع الدول الكبرى خاصة روسيا وامريكا، وهي بذلك تغتصب البلد جغرافيا واقتصاديا ونفوذا بشكل لا تخطئه العين، والشعب السوري آخر من يستطيع أن يقرّر مصيره.
الآراء تتعدد حين النظر للحراكات أو الثورات العربية المختلفة سواء بموجتها الأولى أو الثانية ، ونحن الفلسطينيون لا نقف دوما الا الى جانب الجماهير الثائرة، لأننا مع قرار الشعوب حتما في كل بلد، لوعينا جيدا لمعنى الاحتلال، و معنى الاستبداد والظلم وأهمية الحرية.
وإن كانت هذه الحراكات في موجتها الثانية اتخذت مسارا شعبيا
ديمقراطيا سلميا مميزًا، دون تدخلات الأدوات الحزبية السابقة التي حرفت المسار الديمقراطي، ومن هنا كانت لبنان والعراق والسودان تحديداً تتطلع قدما نحو رفض التدخلات الخارجية من تدخلات الأتراك والايرانيين والامريكان، وفي نفس الوقت ترفض الفساد الداخلي المقترن بالتمترس بهذا المحور أو ذاك.
في ظل هذه الحراكات الديمقراطية خاصة بالعراق ولبنان يأتي اغتيال قاسم سليماني لتعلن عديد الفصائل في المنطقة ومنها الفلسطينية رفضها لهذا الاغتيال رغم ما يقال عن تصرفات "الحشد الشعبي" في العراق سواء سلبًا من خلال ما ينسب لها من مذابح مروّعة ضد العراقيين السنة، أو إيجابا من خلال إسهامها بطرد تنظيم "داعش".
أقول بغض النظر عن الفهمين المتعارضين والرأيين المختلفين في دور سليماني السلبي برعايته للمذابح الطائفية ، أو الايجابي بتحرير العراق من المتطرفين ومساعدة نظام حافظ الأسد الذي لا يكف عن تعميق مأساة شعبه فإن الرأي باغتياله لا يمكن أن يكون التأييد مطلقا للاغتيال، فالتدخل الامريكي والصهيوني في المنطقة هو أساس الشر مهما حملنا من رأي ضد التدخلات الاجنبية في منطقتنا العربية وبالتحديد ضد التدخل الايراني والتركي والروسي.
هذا السياق نقدمه للفصل بين رفضنا الاغتيال لقائد إيراني من قبل الأمريكان، وبين رفضنا لنهش جسد أمتنا تحت أي مبرر، ما لا نقبله من أي محور إقليمي أو خارجي.
والى ذلك من الممكن ملاحظة الاستغلال الذي سيبرز من بعض الفئات الحاكمة خاصة بالعراق التي لربما تستغل اغتيال الرجل، وقرع طبول الحرب، لممارسة مزيد من القمع ضد الحراك الشعبي العراقي، وربما اللبناني ما يجعل أي حراك الآن، رغم شرعيته وسلميته وحقّه، وكأنه مع المحور الأمريكي وليس ضد الطبقة الحاكمة وضد الفساد وضد الفقر وضد التدني الاقتصادي ونهب ثروات البلاد