الشجرة دوم
الشريط الإخباري :
رمزي الغزوي-ونحن نتحضر لنحتفل بيوم الشجرة فجعنا بقطع آلاف الأشجار. ففي عجلون لم يعد أمر مجازر الأشجار صادما ولا لافتا. فكل أيامها جز ممنهج.
قبل أيام رفض محافظ عجلون تكفيل أحد المعتدين على الأشجار. فجاءت أول أمس حركة انتقامية شرسة تم بها اعدام أشجار معمرة تتاخم الشارع العام. والمصيبة الكبرى أن لا تعاطف مع الأشجار. فالكثير من الناس يعتقدون أن من يقطعها يريد أن يتدفأ. ولكنهم لا يعلمون أن لدينا عصابات تحطيب تلهث وراء الثراء السريع، وتنزع عن عجلون جمالها الوحيد.
العرب كانت تقول: الخيل دوم والحرب يوم. بمعنى أن علينا أن نتدرب كل يوم على الحرب التي قد تكون يوما. والأمر مع الأشجار لا يخرج من هذه الفلسفة الرائعة. ولكن هيهات هيهات. فنحن لا نزرع إلا في يوم الشجرة بضعة آلاف من الاشتال. تجف بعد أقل من شهرين لأننا لا نداوم على رعايتها. الاحتفال بيوم الشجرة ما زال بروتوكوليا صوريا في حياتنا ولا يدخل في صميم أولوياتنا.
بدأنا احتفالاتنا الرسمية بيوم الشجرة عام 1939 بزراعة جبل القلعة (هل ما زال هناك أشجار على هذا الجبل؟!). وهذا ما يدعوني إلى السؤال: أين ما زرعناه قبل سنوات؟!، أين الغابات التي من المفترض أنها تألقت وصار لها ظلال وارفة؟!. نحن لا نريد أن نقزم الشجرة في يوم عابر، ككل الأشياء الجميلة التي نتذكرها في يوم واحد فقط. نريد أن نعيد النظر بسياساتنا التشجيرية والنباتية بشكل كلي. فالشجرة مثل الخيل دوم الدوم.
أطالب بجعل عيد الشجرة عطلة رسمية في بلدنا (كما كانت في البداية). تكون عطلة لا للنوم والتمطي حتى ترقوة النهار، بل تكون عملاً وفرق عمل ومعاول وزراعة وغراساً. فنحن لن نجذر محبتنا للأرض، دون أن نتشارك ونتواشج مع أبنائنا في لثم ترابها، بغرس شجرة تضرب جذرا عميقاً، نتفرع منه في سماء المحبة والنماء.
لدي حلم أن تعود مديرية الحراج التابعة لوزراة الزراعة دائرة ذات استقلال إداري ومالي، وتحظى بالرعاية الكبرى. كما كانت في بداية تأسيس البلد، لتمتن عملها وتنمية مشاريعها وتنفيذ افكارها. لدي حلم أن يزرع كل طالب من أبنائنا شجرة في العام، تكبر معه ويكبر معها.
لدي حلم أن يفرض على كل مستثمر غرس شجرة حرجية أو مثمرة، في أراضينا الجرداء، عوضاً عن كل متر مربع يغرسه من إسمنت في ترابنا. وعلى كل صاحب برج أن يشجّر غابة تحمل الاسم الذي يحمله برجه الشاهق، لتكون معادلاً موضوعياً للطبيعة. لدي حلم أن تشارك الشركات الكبرى في حلم التخضير.