وأد حل الدولتين .. على حساب من ..؟؟ بقلم / فارس الحباشنة
الشريط الإخباري :
فارس الحباشنة
اعلان وأد حل الدولتين. هذا الحال لا يعترف به العرب وتحديدا الفلسطينيون والاطراف العربية المعنية بالقضية الفلسطينية. وأكثر ما يصطدم حل الدولتين على المسار الفلسطيني بصفقة القرن وخواتها وتوابعها وملاحقها، بدأ باعلان ترامب القدس عاصمة لاسرائيل، ونقل السفارة الامريكية اليها، وتطويب واشنطن لاحتلال اسرائيل لمستوطنات الضفة الغربية و الجولان والغور والبحر الميت، والغاء دعم الاونروا وحق العودة، وشطب ملف اللاجئين.
فماذا ننتظر أن يخرج ترامب بمؤتمر صحفي أوبيان رئاسي ليعلن عن صفقة القرن؟ الصفقة سارية وقد بدأت مفاعليها على الارض. وقد منحت واشنطن أكثر مما مضى لاسرائيل الحق والشرعية في القتل والهدم والاحتلال والاستيطان.
في ظل كل ذلك، ماذا بقى من القضية الفلسطينية؟ وماذا بقى من الكيان الفلسطيني «السلطة الوطنية «، وماذا بقى من اوسلو؟ كيف ستقوم دولة فلسطينية وسط كنتونات منفصلة، وجدار عزل، ومستوطنات تشق جغرافيا الضفة الغربية الممزقة بالاحتلال والاستيطان.
جدار العزل والمستوطنات تحتل مساحة 70 % من الضفة الغربية، ما يعني دولة بلا حدود، فلو افترضنا أن طائرة عامودية قررت اواضطرت للهبوط في رام الله، فانها لا تستطيع دون اخذ اذن وموافقة من سلطات الاحتلال الاسرائيلي.
«الترانسفير» لفلسطينيي الضفة الغربية خيار مطروح في السياسة الاسرائيلية، و يؤمن به اليمين الاسرائيلي المتطرف المروج لعقيدة واساطير التوراة التي تبشر بنبؤة «يهودية الدولة»، وتطهير اراضي فلسطين المحتلة من الوجود الفلسطيني، وان يكون السكان محض يهود.
الازمة الديمغرافية لربما هي أكثر ما يقلق الاسرائيليين، ويقف من خلفه تصورات امنية تتعلق بترحيل الازمة الديمغرافية والامنية. وما يعني واقعيا حل مشكلة اللاجئين، وادارة كنتونات سلطة التنسيق الامني عن بعد أو من وراء جدران.
اذا كان من لا يعرف، فهذه هي حقيقة صفقة القرن، وتداعيها الحتمي على الاردن ومصير بقايا القضية الفلسطينية. ومهما كانت صفقة القرن فانها لن تقدم علاجا واقعيا للصراع مع اسرائيل، ولن تتيح للفلسطينيين الحصول على حقوقهم الوطنية والتاريخية. ولنتحدث بواقعية ان تمرير الصفقة بصيغها المطروحة والسارية على الارض، وكما يفكر العاملون على الصفقة، فانه يعني أن ثمة مواجهة جديدة في المنطقة، ولربما ستكون من نوع جديد، ولربما تكون فلسطين في مسرحها وساحتها، وليس دول الطوق.
الاردن الخاسر الاكبر من صفقة القرن،ولربما أكثر من الفلسطنيين، واعلان وأد حل الدولتين. وثمة من يخرج بخطاب عام يسوغ مبررات «صفقة القرن» دون الاعلان بشكل مباشر، مرة تحت ذريعة الحقوق المنقوصة، مرة اخرى من باب مدينة الدولة و الديمقراطية وعدالة التمثيل، ومرة اخرى من بواطن جماعة المجتمع المدني، وقضايا حقوق الانسان والمواطنة بمفهوم ورغبة التوطين.
الاردنيون لم يعشيوا خطرا اقتصاديا ومعيشيا يداهم حياتهم أكثر من هذه الايام. فما بقي لدى واشنطن ورعاة صفقة القرن من اوراق يضغطون بها على الاردن. الصمود والمواجهة لربما هو خيار لا يختلف عليه أردنيان.
الموت ولا الدنية، مقولة العكسر الاردنيين في حروبهم ضد العدو الاسرائيلي، ولربما ما يمكن أن يقوله اردني اليوم متلحفا قلبه بالصحراء والبادية والريف وجبال وسهول الشمال والجنوب الشاهقة نأكل الخبز الحافي والشعير ولا نوقع، واننا لسنا للمبادلة والبيع، ويقول الاردني: رغم كل شيء، فان الجغرافيا عزيزة وغالية علي.