مظاهرات
الشريط الإخباري :
فارس الحباشنة— يوم الجمعة ثمة مفارقة جماهيرية وشعبية لافتة ، الالاف من الاردنيين يتوجهون بازدحام الى المدينة الرياضية لحضور مبارة كرة قدم بين فريقين محليين. و فيما تعج الشوارع بكل مساربها وشرايينها ومداخلها الرئيسة والفرعية صوب المدينة الرياضية، فان العشرات من المواطنين الغاضبين يسيرون نحو السفارة الامريكية للمشاركة بوفقة احتجاجية تقام هناك ضد «صفقة القرن «.
مشجعو كرة القدم، شباب ومراهقون يسيرون بغضب و يحملون رايات الفريقين، ويهتفون، وملؤوا الدنيا صراخا و هتافا، ومكبرات صوت و مسجلات ضخمة، واغاني تشجيع وتحفيز للفريقين، وادخلوا المدينة في حالة ازمة وازدحام مروري استمرت لبعد صلاة العشاء.
يوم الجمعة كنت شاهد عيان على 3 فعاليات الاولى كانت في وسط البلد مسيرة المسجد الحسيني الاسبوعية التي تدعو اليها احزاب و قوى سياسية وحراكية، و الثانية مبارة كرة القدم و قد تورطت في ازمة المرور حينما كنت في طريقي نحو عبدون لحضور الوقفة الاحتجاجية الليلية الرافضة لصفقة القرن.
لا اعرف، هل صورة فعاليات الجمعة توحي الى موقف الاردنيين من صفقة القرن ؟ أم ان الاردنيين اعتزلوا التظاهر و الاحتجاج الميداني ؟ وان الشعب تحول الى قوى تؤمن بالندوات و المحاضرات التي تقام في النقابات المهنية واحزاب ما تسمى معارضة سياسية تصدر بيانات تنديد و رفض و استنكار و استهجان؟
أم ان الاردنيين تركوا المجال لنخب الصالونات السياسية ليديروا ازمة وتحدي صفقة القرن على الاردن من الجلسات الهادئة و الناعمة والرايقة و الدافئة؟
صورة مؤسفة، ومن حال مؤسف كثيرا ! قبل اسابيع دعا حزب سياسي معارض الى اعتصام امام السفارة الصينية احتجاجا كما يدعون على ظروف الاستبداد و الانتهاك التي تطارد عيش مسلمي « الايغور «. وانا اقرأ الخبر اخذتني الذاكرة المجروحة لبيت شعري من متن الملحمة الشعرية الباذخة « مديح الظل العالي « للشاعر الفلسطيني محمود درويش : «يدعو لأندلسٍ ان حوصرت حلبُ».
ومن زمان، وقبل الربيع العربي، وبداية زمن الاحتجاج العربي، و تفشي مظاهر الاحتجاج الشعبي في الاوطان العربية، لم اكن اطمئن وارتاح و اثق باحتجاجات سياسية كثيرة. لا اعرف ثمة هتافات و شعارات و الالوان لاعلام جماعات وتنظيمات ترفع في المسيرات لا تبعث على الاطمئنان وطنيا لحضورها وسماع اصوات قرع طبولها، وتفوح من حولها روائح خبيثة وغريبة .
ما اعرفه ان بوصلة الاردني واضحة و جلية، اسرائيل هي عدونا. وحتى لا تنحرف البوصلة، وحتى يكون الاحتجاج تحت غب الطلب، و قد المساومة و العرض والطلب. ومن الانكى على أي شعب ان تتوه ساحاته وميداينه. في الختام ما اطرحه ملاحظة في اكثر من عارض سياسي اردني يحتاج الى تقويم واعادته الى صوابه.