الحاجة إلى اختراقات في ملف المعلمين
الشريط الإخباري :
حان الوقت لاحداث اختراقات حقيقية في ملف أوضاع المعلمين، فالجميع يتفق أن حالة المعلمين في الأردن لا يمكن أن تستمر بهذه الاوضاع، والكل يتفق أن مفتاح حل مشاكل التعليم والارتقاء بالاداء وتحقيق الجودة وانقاذ العملية التعليمية بيد المعلمين، والكل يدرك ان مفتاح دخول الأردن لنهضة حقيقية يوجد بيد المعلمين ايضا. وفي الوقت نفسه ندرك جميعا حساسية الأوضاع المالية العامة للدولة التي تعاني ظروفا صعبة واشتراطات دقيقة، ولكن هذه الأوضاع لا تعني بأي حال من الاحوال استمرار االحالة الراهنة.
لا بد من النظر الى حالة المعلمين بعمق بعيدا عن تأثيرات الحركة النقابية وانشطتها الاحتجاجية، وكنا نأمل ان تكون اوضاع المعلمين احد محركات مشروع النهضة الذي اعلنته الحكومة، وما تزال هناك فرصة بالعودة للحوار وعلى المعلمين فهم اللحظة السياسية والمجتمعية وذلك بتحييد الطلبة والعملية التعليمية عن المطالب النقابية والاحتجاجات، فاليوم الاول شهد انقساما مجتمعيا بين تأييد مطالب المعلمين وبين تحميل النقابة مسؤولية تعطيل العملية التعليمية وحرمان الطلبة من حقهم في التعليم، لا ندري في اليوم الثاني والثالث ما الذي سيحدث لكن المتوقع ان تتسع قاعدة الفريق الثاني وتصبح النقابة وحيدة في الساحة، نحن بأمس الحاجة الى ميثاق شرف مجتمعي يقر فيه الجميع بمبدأ تحييد الطلبة والعملية التعليمية عن اي مطالب وتصعيد.
بدأ حراك المعلمين بمطالب نقابية ومهنية ومعيشية قبل عشر سنوات وحقق الكثير من الانجازات، ففي مثل هذا اليوم قبل عقد كان مطلب وجود نقابة للمعلمين ينظر اليه داخل مؤسسات الدولة على أنه ضرب من الخيال، كانت المدرسة السياسية الرافضة منذ عقود لوجود تمثيل نقابي للمعلمين تخشى ما يحدث اليوم اي ان تمسك النقابة الدولة والمجتمع من يدها الموجوعة بالضغط من خلال الطلبة واستخدام هذه الفئة الهشة من الصغار في تحقيق مطالبها، الى جانب احتمالات كبيرة أن تكون النقابة ساحة مفتوحة لتيارات فكرية وسياسية تعمل على تسييس التعليم وهو الأمر الذي طالما اعتبر خطا احمر في الادبيات السياسية الأردنية التقليدية والحديثة، لم يحدث الأمر الثاني وهذا انجاز للنقابة ولكن الهاجس الاول ما زال قائم.
ﻳﺤﺘﺎﺝ ﺍﻟﻌﻤﻞ ﺍﻟﻨﻘﺎﺑﻲ ﺇﻟﻰ ﻣﺴﺎﺭ ﻃﻮﻳﻞ ﻣﻦ ﺑناءﺀ ﺍﻟﺜﻘﺔ، ﺃﻭﻻ، ﻣﻊ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ، ﻻ ﺃﻥ ﺗﻜﻮﻥ ﺃﻭﻟﻰ ﺟﻮﻻﺕ ﺃﻭ ﻣﻌﺎﺭﻙ ﺍﻟﻌﻤﻞ ﺍﻟﻨﻘﺎﺑﻲ ﻳﺪﻓﻊ ﺛﻤﻨﻬﺎ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ. ﻓﻤﻠﻒ ﺍﻟﻤﻌﻠﻤﻴﻦ ﺍﻟﻤﻌﻠﻖ ﺍﻟﻴﻮﻡ، ﻳﺸﻜﻞ ﻓﺮﺻﺔ ﺣﻘﻴﻘﻴﺔ ﺃﻣﺎﻡ ﺍﻟﻨﻘﺎﺑﺎﺕ ﻟﻠﻌﻮﺩﺓ ﻛﻘﻮﺓ ﻣﺆﺛﺮﺓ ﻓﻲ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﺍﻟﻌﺎﻣﺔ، ﺇﺫﺍ ﻣﺎ ﺍﺳﺘطاعت ﺍﻟﻨﻘﺎﺑﺔ ﺍﻟﻨﺎﺷﺌﺔ ﺇﺩﺍﺭﺗﻪ ﻣﻦ ﺩﻭﻥ ﺃﻱ ﺃﺛﻤﺎﻥ يدﻓﻌﻬﺎ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ. ﺣﺮﻳﺔ التنظيم ﺍﻟﻨﻘﺎﺑﻲ ﺗﻌد، ﻣﻦ ﺩﻭﻥ شك، ﺣﻘﺎ ﺃﺳﺎﺳﻴﺎ ﻣﻦ ﺣﻘﻮﻕ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ، ﻭﺗﺮتبط ﺑﻤﻌظم ﺍﻟﻤﻌﺎﻳﻴﺮ الدﻭﻟﻴﺔ ﻟﺘﻨظيم ﺍﻟﻌﻤﻞ. ﻓﺎﻟﻤﺰيد ﻣﻦ ﺍﻟﺤﺮﻳﺔ ﻭﺍﻟﻤﺰيد ﻣﻦ ﺍﻟﺘﻨظيم ﻟﻠﻌﻤﻞ ﺍﻟﻨﻘﺎﺑﻲ، ﺳﻴﺸﻜﻼﻥ ﺇﺿﺎﻓﺔ نوﻋﻴﺔ ﻟﻠﺘحديث ﻭﺍﻟﺘﻨﻤﻴﺔ ﻭﺍﻹﺻﻼ ح.
كما دافعنا على مدى سنوات عن حق المعلمين في أن يكون لهم تمثيلهم النقابي، ودافعنا عن حق النقابات بشكل عام في أن تكون لها مواقفها السياسية والاجتماعية، فإن علينا في الإعلام أن ندافع عن حق المجتمع من خلال الدفاع عن حقوق الفئة العريضة منه، وهم الطلبة. فليس من المعقول أن تبقى العملية التعليمية عرضة للتجاذبات السياسية، وحتى المطلبية والمهنية. وقد حان الوقت لنقابة المعلمين أن تحيّد العملية التعليمية عن هذه التجاذبات. فقد دفع الطلبة ثمن الإضرابات التي تسببت في اضطراب العملية التعليمية على مدى سنوات هذا العقد. وعلينا أن نلاحظ ارتباط بعض مظاهر تراجع التعليم، حسب بعض التقارير العالمية، بسنوات الإضرابات.
ثقافة الإضرابات والاعتصامات جديدة على المجتمع. ومن المفترض أن تعتاد الدولة والمجتمع على هذا السلوك، باعتباره أداة ديمقراطية للتعبير عن الرأي والمطالب، ومن المفترض أن تطور مؤسسات الدولة عموماً مواقف إجرائية ديمقراطية للتعامل مع هذا السلوك. فبدل أن نتذمر من هذه الأنماط من السلوك الجماهيري، حان الوقت أن نطور الثقافة المحلية حول حدود الإضرابات، ومتى نلجأ للاعتصامات؛ علينا أن نثقف الناس بأن هذه أدوات ديمقراطية للتأثير المتبادل، رأس مالها الحقيقي هو المجتمع، ومن يخسر المجتمع يخسر قضيته. وهذا ما نخشاه على النقابة وعلى المعلمين: أن يخسروا المجتمع، وبالتالي يخسروا قضيتهم العادلة.