فوقية بينيت ولابيد...ودونية البعض الفلسطيني!
الشريط الإخباري :
كتب حسن عصفور/ بطريقة استعراضية مستفزة جدا للوطنية الفلسطينية، أقدمت وزير الصحة في حكومة رام الله، الى لقاء عدد من مسؤولي حكومة دولة الاحتلال في القدس الغربية "لقاء المالحة"، في موقف لا يجب أن يمر مرورا خبريا، كون الأمر يمس جوهريا مكانة القدس وواقعها، ليس من حيث المساس بثابت وطني فلسطيني فقط، عدم الاعتراف بمكانتها، الى حين الاتفاق الكامل لإقامة دولة فلسطين، بل أنها شرعنت فتح الباب لأن تصبح اللقاءات في الغربية مسألة طبيعية، وتسقط كل ذرائع رفض اعتبارها عاصمة للكيان.
تلك خطيئة سياسية كبرى، تكشف أن "السلطة الرسمية" لم تعد تقيم وزنا لبقايا "ثوابت الموقف الوطني"، حتى في موقفها "التفاوضي" مع العدو القومي، وتسقط كل ما لديها دون أي مقابل سياسي، وتعيد الأمر الى معادلة تحسين مستوى المعيشة بدلا من تحسين حال الكيانية الفلسطينية.
والفضيحة لم تبق عند كسر محرم وطني ـ "لقاء المالحة" في القدس الغربية، والذي سيسجله التاريخ بـ فضيحة سياسية" يوم 28 يوليو 2021، بل ما أعلنه مكتب رئيس حكومة دولة الكيان بينيت ووزير خارجيتهم لابيد بعد اللقاء، انهما ليس ضد اللقاء، ولكنهما لن يتصلا بأركان السلطة الفلسطينية، ومنهم الرئيس محمود عباس، وكل ما حدث لا يمثل لقاءا سياسيا.
ليت مكتب الرئيس عباس يعيد قراءة تصريح مكتب بينيت وكذا لابيد، بعد "الهدية السياسية"، التي قدمتها السلطة لحكومة الكيان، تصريح ما يجب أن يمر كونه يحمل "إهانة سياسية" لرأس الرسمية الفلسطينية، وليس لوزير أو مسؤول بها.
تصريحات رئيس حكومة الكيان ووزير خارجيته، تكشف أنهم لازالوا لا يرون في السلطة "مقابلا سياسيا"، (لا نقول شريكا لأنه لن يكون)، ويتم التعامل معها في إطار وظيفي – استخدامي مقابل خدمات مالية واقتصادية، خالية من أي بعد سياسي.
كيف يمكن أن يقبل الرئيس عباس بإهانته السياسية تلك، وهو الذي يثار من أي كلمة نقد من بني جلدته، كيف له أن يسمح بفتح كل قنوات الاتصال، ومنها ما كسر محظورا وطنيا، ورئيس حكومة الكيان لا يرى فيه "مقابلا"، يستحق أن يهاتفه، او يتصل به.
كان يمكن ألا يثير تجاهل بينيت – لابيد للرئيس عباس، وعدم الاتصال به، أي رد فعل لو أنهم حافظوا على موقفهم "سرا"، ولكن أن يتم اعلان ذلك وبعد "الهدية السياسية" النادرة، فذلك قمة الاستخفاف السياسي، المشير الى كيفية التعامل مع السلطة الرسمية، وطريقة التفكير المقبلة.
جوهر الموقف الرسمي الإسرائيلي، هو أن السلطة القائمة ليست سوى كيان وظيفي دون أي ملامح سياسية، وأن الاتصالات ضمن "نطاق تحسين مستوى المعيشة"، ليس قناعة أيضا من قبل حكومة دولة الكيان، ويأتي بطلب من الإدارة الأمريكية، وقبل زيارة بينيت الى واشنطن، وكأنها "جائزة ترضية" تقدم الى إدارة بايدن، يتوقف مسارها على نتائج تلك الزيارة.
يبدو أن الأمن الإسرائيلي، وكذا الإدارة الأمريكية نجحت تماما، بأن تربك السلطة الرسمية، بأن حماس على أبواب خطف سلطة الضفة، كما خطفت سلطة غزة، بعد حرب مايو الأخيرة، وما حققته من شعبية مقابل انهيار شعبية السلطة رئيسا وحكومة وفصيل، وتلك ستكون أحد مظاهر كارثة تدمير بقايا البقايا من الكيانية، لأن الضفة الغربية ليست قطاع غزة، وبالتالي لن يصبح واقعها السياسي كما حدث عام 2006 – 2007، والذي تم برعاية أمريكية – إسرائيلية.
الارتباك السياسي للسلطة الرسمية، لن يقدم لها طوق نجاة، بل العكس تماما، فكل خطوة مرتعشة منها تسرع حصارها وبما يكشف "عورتها السياسية" أكثر فأكثر، رغم انها تملك من "أوراق القوة – الضغط" الكثير، وبدلا من أن تكون هي الضاغط على دولة الكيان، وكل طرف يعمل على ابتزازها، تقع في مصيدة تم رسمها بعناية، كي تبقى في إطار الحفاظ على الممكن منها، ولا تنتقل لكسر جدار تطويقها.
الدونية السياسية التي تتعامل معها الرسمية الفلسطينية مقابل فوقية حكومة الكيان، لن تكون خشبة الخلاص والإنقاذ لها، بل ستكون حجرا في رقبتها لتغرق أكثر فأكثر...
مراجعة المسار ضرورة قبل أن يصبح الأمر خارج الممكن، ومن باب المسؤولية يجب الاعتذار للشعب الفلسطيني عن "خطيئة لقاء المالحة" في القدس الغربية، واقالة من شارك في اللقاء، لو كان هناك بعضا من "بقايا خير وطني"...دونه الدونية تصبح سمة العهد القائم ومنها الى خط النهاية الوطنية!
ملاحظة: منذ نهاية حرب مايو، تكثفت حرب الاشاعات المتبادلة بين سلطتي البلاء الوطني...يرددان من ينتج لهما في مصانع العدو دون تفكير اعتقادا أنها سلاح نصر لهذا على ذاك...ولكن الحقيقة أنها نصر لعدو لا غيره!
تنويه خاص: لو حقا ذهب وفد من "حكومة حماس" الى الشقيقة مصر لبحث عملية الإعمار، يكون ذلك نقلة نوعية في التعامل مع سلطة حماس...حسبتها السياسية معقدة جدا...لكنها بداية ربح لحماس!