السنيد يخرج عن صمته ويكتب : تباشير مرحلة حزبية قادمة لتأهيل الاجيال المتعاقبة سياسياً ..
الشريط الإخباري :
كتب علي السنيد:
تصنع الاحزاب التي تقام على اسس ديموقراطية الفارق في حياة شعوبها، وتقود نهضة دولها، ومجالات التطور فيها، والتجارب العملية ماثلة امامنا في العالم الديموقراطي الذي تدار فيه الحياة السياسية برمتها من خلال الاحزاب، وبرامجها ازاء مختلف قطاعات الحياة، وتتنافس لاستقطاب اصوات الناخبين، وتعكسها في عمل المؤسسات الدستورية.
والاحزاب هي الاداة المثلى لتأهيل الاجيال المتعاقبة سياسيا، وخرطها في الحياة العامة، وابراز قدرات السياسيين الحقيقية، وتحويل المطالب الشعبية الى برامج قابلة للحكم.
وتكون الاحزاب هي المحطة التي تسبق تشكيل المؤسسات الدستورية حيث تعد السياسيين لهذه المواقع وتمثل الجسر الواصل بين الشعب ومؤسساته التي يعاد تشكيلها مع كل انتخابات تجريها الدول.
وبذلك يصل المؤهلون الى مواقع المسؤولية على اساس كفاءتهم وجدارتهم ، وتصبح المؤسسات العامة تمثل ارادة الشعب، وتعبر عن طموحاته وتطلعاته الوطنية.
وتنظم الاحزاب حركة الجماهير، والية تعبيرها عن ارادتها ، وكيفية تعبير الناس عن حرياتهم بضوابط دستورية، وتتحول هذه الكيانات الوطنية الى الضامن الاكبر للمواطنة، وللاندماج الوطني، ومنع انزلاق الناس الى هوياتهم الفرعية، وتنامي الجهوية، والمناطقية في احشاء المجتمع.
والاحزاب تفرز في سياق نشاطها العام برامج تتعلق بالصحة والتعليم والنقل والزراعة وكافة شؤون ومتطلبات الحياة العامة، وتصبح المعبرة وطنيا عن مطالب الجماهير. وتسقط قدرة احد على ادعاء تمثيل الناس، ما لم يتحصل على تفويض شعبي من خلال اصوات الناخبين، وبذلك تظهر الاغلبية والاقلية وفق حجم ومستوى التمثيل الشعبي.
ويستمد الحزب قوته من القاعدة التصويتية له، والتي بدورها تعمل على تجديد الدورة السياسية في المجتمع. وهذا يحفز الشعب لاستخراج افضل خياراته وخرطها في حركة الاحزاب كي تعبر عن طموحاته السياسية.
والاحزاب تعبر عن حالة سياسية دستورية لا تتناقض مع اهداف وقيم الدولة الحديثة بل تعززها وهي التي تؤسس بموجب احكام الدستور وينظمها القانون وتسعى بالوسائل المشروعة للتعبير عن تطلعات الناخبين من خلال استقطاب اصواتهم لصالح برنامج تطرحها للحكم، ولدعم المبادئ والافكار التي تطلقها في الحياة العامة.
وهي تنمو في المجتمع مع اجياله وشبابه، وتبدأ مبكرا في الكشف عن المواهب، والقدرات التي ترفد الدولة بقيادات المستقبل.
والاحزاب في البرلمان تشكل الكتل البرلمانية على اساس برامجي وفكري وبذلك تدار عملية الحكم على قاعدة الاغلبية والاقلية البرلمانية، وتتحول الاغلبية البرلمانية الى اغلبية برامجية وليس اغلبية تصويتية.
وهذا يفضي الى عملية سياسية ممثلة للشعب ومسؤولة عن السياسات، وخاضعة للرقابة. وبذلك تكون العملية السياسية آمنة ومتواصلة وفق ميول وتطلعات الناخبين، ومزاجهم السياسي.
ومع مرور الزمن تترسخ قواعد وموروثات سياسية في الدول ، ولا يعود خرق القانون شكلا من اشكال الاحتجاج ، وانما تتطور وسائل التعبير السلمي من خلال الاحزاب التي تمثل ارادة الناس.
ومن المهم ان تتغير الصورة النمطية للاحزاب في بلادنا ، والتي عليها ان تراعي التطور والحداثة، وان تحاكي متطلبات المستقبل.
والاحزاب التي شاخت بسبب توقف الاجيال عن رفدها لعقود خلت على خلفية العلاقة المشوبة بالحذر بينها وبين مؤسسات الدولة اصبحت اليوم امام تحدي كبير لانجاح المرحلة القادمة في الاردن، والتي تبشر بانتقالة مهمة الى العمل الحزبي.
والشباب هم عماد الاحزاب، ومادتها الاولى، واكبر المطالب والتطلعات هي لدى جيل الشباب، وهم يبحثون عن فرصهم في الحياة ، وعن العدالة والمساواة، ويطالبون الدولة بمنحهم الامل ، وتوفير متطلبات الحياة الكريمة لهم.
ولا شك ان صوتهم هو الاعلى، وما خروج الاجيال الشابة الى الشارع ، ومظاهر الاحتجاج التي تبدت في السنوات الاخيرة الا دليل على قلقهم على المستقبل.
نريد ان نذهب الى حياة حزبية حرة وفاعلة، وان تفتح الاجواء الوطنية لهذه الاحزاب لحصر المطالب الشعبية وتحويلها الى برامج تحاكي مختلف شؤون الحياة.
وعلى الاحزاب ان تنفتح مجددا على المجتمع الاردني رجالا ونساء ، وان تفسح المجال مشرعا للاجيال الشابة لتشكيل الحالة الحزبية القادمة.
والكل مدعو لالتقاط المبادرة التاريخية التي شرعت فيها الدولة الاردنية، وانجاح التوجه في تحويل الاحزاب الى دائرة الفعل السياسي ، وصولا الى التوقف عن الفرز على اساس فردي. حيث المستقبل للمؤطر وليس للفرد.
يستطيع النشطاء ان ينخرطوا في العمل الحزبي القائم او ايجاد قاعدة عمل حزبي جديد في الاردن ، واثراء التعددية، وتحويل المطالب الشعبية الى الية للحل، ولوقف التدهور في المشاعر الوطنية، وتنقية المجتمع من اية شوائب قد تكون طالت نسيجه الاجتماعي في المرحلة السابقة.