صلوا من أجلنا ... الحكومة والأميركيون خذلونا
الشريط الإخباري :
حمادة فراعنة
بدلاً من تقديم الإسلام عنواناً للفرح والانتصار، ونموذجاً للحرية والكرامة، على قواعد: شاورهم في الأمر، لا إكراه في الدين، الدين معاملة، ادفع بالتي هي أحسن أي أن تختار الأنسب والأفضل لجعله مأوى نفسيا وقيميا للمتعبين، وخاصة لمواجهة أوجاع العصر الذي نعيشه.
وبدلاً من أن يكون الإسلام حاضنة للتفاهم والشراكة بين بني البشر، احترام التعددية الدينية والقومية والمذهبية والاجتهاد، يتم فرض المعايير الحزبية السياسية العقائدية في كل مكان تنتصر فيه حركة سياسية ذات مرجعية وأصول إسلامية، هكذا في إيران، في السودان، في غزة، ولدى القاعدة وداعش ومن قبلهما طالبان، وفي أي مكان أو بقعة كبيرة أو صغيرة تستولى فيها وعليها حركة سياسية بمرجعية دينية إسلامية متزمتة.
لا شك أن المؤمنين على مختلف مشاربهم ومذاهبهم وقومياتهم يفرحون ويتباهون، في نجاح حركة إسلامية تصل إلى السلطة، باعتبارها نموذجاً ستعمل من أجل العدالة والمساواة وتوفير مستلزمات ما هو كريم للإنسان مادياً ومعنوياً، ولكن معطيات الواقع دالة على عكس ذلك!! يقف العالم مشدوداً على أعصابه ينتظر الخطوة أو الخطوات التالية بعد سقوط كابول يوم الأحد 15 أب 2021، باعتباره زلزالاً سياسياً، حدثاً مروعاً: استكمال سيطرة طالبان على خارطة أفغانستان، في لحظة لم يكن يتوقع أحد هذا الانهيار السريع لجيش أفغانستان المكون من ثلاثمائة الف مقاتل، المدرب على يد الأميركيين وأسلحتهم، ينهار على يد مقاتلي طالبان البالغ 75 الفاً، ولكنه دلالة على الفرق الجوهري بين الطرفين: العقيدة القتالية القائمة على الإيمان بأهداف العمل والقتال، حيث يملك مقاتلو طالبان عقيدة حافزة، يفتقدها جنود الجيش الذي تربى على فكرة الوجود الأميركي، وتوهموا أن ذلك سيبقى إلى الأبد، ولذلك مجرد أن زالت رافعتهم الأميركية ومظلة حمايتهم بانسحاب الأميركيين، هبطت معنوياتهم، وهُزموا أمام اندفاع ساكني الكهوف المُصرين على الاستيلاء على السلطة وعودة إسلام طالبان للحكم.
عملت طالبان لهذا اليوم، بعد مفاوضات طويلة مع الأميركيين في عهد ترامب، وتوصلوا معه إلى اتفاق الدوحة يوم 29/2/2020، وخلاصته الانسحاب الأميركي من أفغانستان وقيام نظام شراكة بين الأطراف الأفغانية، ولكن نتائج هزيمة الحكومة وفرار الرئيس وأتباعه، لا يوحي أن ثمة شراكة يمكن أن تتحقق، ومع ذلك واضح من رسائل طالبان المعلنة أنها تغيرت عن طالبان 2001، وهذا حقيقي لسببين: أولهما أنها تريد أن تحكم لا أن تقع فريسة الاحتلال مرة أخرى أو الحرب الأهلية كما أعلنها ابن شاه مسعود ومن معه، وثانيهما أنها ستعمل على إدارة الحكم وفق الاتفاق الذي وقعته مع الأميركيين في الدوحة، لعلها تحظى بالشرعية، لا أن تقع فريسة الحصار والعقوبات، حيث يتضمن اتفاق الدوحة إزالة قيادات طالبان وتنظيمها من قائمة المطاردين أو ممن تفرض عليهم عقوبات سياسية أو مالية أو قانونية.
أهل أفغانستان لسان حالهم يقول: الحكومة والأميركيون خذلونا... صلوا من أجلنا؟!.