هوس النحافة وأدوية “التخسيس”

{clean_title}
الشريط الإخباري :  
إسراء رعد الشيخلي

عمان- لم تتردد العشرينية نور من شرح معاناتها وتجربتها القاسية التي مرت بها خلال رحلتها في عالم النحافة، وكادت تتسبب بدمار صحتها. وكما تقول، فإن تعرضها الدائم للتنمر في المدرسة بسبب وزنها الزائد جعلها تبحث عن جميع السبل لإنقاص وزنها بأسرع وقت ممكن، وقبل أن تدخل إلى الجامعة.
اعتقدت نور أنها ستكتسب جسدا مثاليا بحسب ما شاهدت في إعلان لمنتج تنحيف على السوشال ميديا وبوقت سريع، وبعد أن أحضرته وبدأت بتناوله مباشرة من دون أي استشارة طبية، شعرت بدوخة شديدة، خفقان في القلب، وصعوبة التنفس، وعلى إثره أدخلت الى المستشفى على الفور. تقول "الحمد لله تماثلت للشفاء بعد معاناة طويلة، ومنذ فترة قررت أن أذهب لطبيب مختص واختصاصية تغذية، وذلك ساعدني على إنزال وزني بالتدريج بشكل طبيعي وصحي”.
نور واحدة من بين عشرات الفتيات اللواتي واجهن مشاكل بسبب أوزانهن الزائدة، ورغبة بتقليد مشاهير السوشال ميديا، والحصول على أجمل مظهر، ورشاقة تزيد من الثقة بالنفس، وبالتالي يلجأن إلى أدوية التنحيف غير المعتمدة طبيا، متجاهلات الكوارث الصحية التي قد تحل عليهن.
وحول الاستخدام الخاطئ للأدوية والأضرار الناتجة عنها، يحذر اختصاصي الغدد الصماء والسكري الدكتور رشاد نصر، من استخدام المريض أي دواء من دون استشارة الطبيب أو وصفة طبية، حيث لكل دواء آثاره الجانبية وموانع استعماله، ومن الأخطاء الشائعة أن يأخذ الناس بنصيحة صديق ما أو جار أو اللجوء للإنترنت، بالتالي قد تكون النتائج كارثية على المريض.
وينصح د. نصر باستشارة الطبيب واتخاذ الأسلوب العلمي في تنزيل الوزن، مبينا لـ”الغد” أن "المنحفات” التي يتم الترويج لها على السوشال ميديا، في كثير منها "دجل” يباع عند عطارين عدة وبأماكن مختلفة.
وينوه إلى أن هكذا نوع من "المنحفات” غير مرخصة من قبل مؤسسة الغذاء والدواء وعواقبها وخيمة، لذلك "إذا أردنا شيئا مفيدا ينبغي أن نذهب إلى مصدر معترف به”، وينبغي التعامل مع السمنة بصورة علمية تحافظ على حياة المريض وتحقق النتائج المرغوبة.
وتشرح سحر (28 عاما) معاناتها مع السمنة بعد ولادتها طفلين، قائلة "تغير جسدي وازداد وزني فأصبح زوجي يوجه لي عبارات جارحة ومؤلمة ويقارني بالممثلات الرشيقات، ووصلنا إلى مرحلة الانفصال لولا تدخل بعض المحيطين”، لافتة إلى أنها جربت الكثير من الحميات القاسية وأكثر من نوع من أدوية للتنحيف وسجلت بناد رياضي، مع ذلك بقيت عقدة السمنة لديها، رغم أنها خسرت الكثير من وزنها.
سمعت من إحدى الصديقات عن أدوية خاصة لمرضى السكري وكيف تساعد على خسارة الوزن بشكل أسرع ولجأت لها لكن النتيجة التي لم تكن تتوقعها، فأصبحت تعاني الغثيان والاستفراغ المستمرين، ولا تستطيع تناول الطعام، فضلا عن الشعور بطعم الصدأ في فمها، وعدم مقدرتها على ممارسة حياتها بشكل عادي، لذا قامت باستشارة طبيب وتطلب ذلك علاجا طويلا بعد المعاناة والتجربة القاسية التي ألمت بها.
سحر لم تتوقع أن تحصل معها كل هذه المضاعفات، إذ حذرها الطبيب من خطورة هذا الأمر على صحتها على المديين القريب والبعيد، وليس عليها أن تستمع لتجارب غيرها بتنزيل الوزن التي لا تتناسب مع كل جسد.
وتشير الصيدلانية ياسمين الشيخلي إلى أن الكثير من الناس، خصوصا الفتيات، أصبح لديهن هوس النحافة، بالأخص طالبات الجامعات بسبب ما يرين على السوشال ميديا من قبل المشاهير من الفتيات ممن يدعين المثالية، حيث يقمن بإعلانات مدفوعة الثمن لمنتج تنحيف معين مع وصف التجربة والنتائج التي حصلن عليها، بالتالي يتهافت الناس لشراء الأدوية من دون وعي وإدراك أن هنالك حالات لا يناسبها الدواء أو المنتج وقد يأتي بالمفعول العكسي على صحتهم.
وتلفت إلى أن هنالك من يلجأ لأدوية توصف لمرضى السمنة لا تتناسب مع جميع الحالات، ويجب أن تكون تحت إشراف طبيب مختص، بالأخص مرضى الغدة الدرقية، لما له من تأثير سلبي في المريض.
وتبين الشيخلي لـ”الغد” أن هنالك دواء يستخدم كمساعد للسكري ويسهم بتنزيل الوزن وسد الشهية، لكنه ليس جيدا على المدى البعيد، ويؤدي الى الشعور بالغثيان، مشاكل بالمعدة، وقد يصل الضرر إلى تعطيل وظائف الكلى.
وتضيف الشيخلي "وظيفتنا كصيادلة أن ننصح المريض بتجنب الاستخدام الخاطئ لبعض الأدوية وتنبيهه لموانع الاستخدام والاستفسار إن كان يعاني الأمراض كالضغط والغدة وأمراض القلب”، والأهم هو اللجوء إلى اختصاصيي التغذية واتباع نظام غذائي ونظام الصيام المتقطع وممارسة الرياضة.
وتبين الصيدلانية رجاء حرحش أن معظم الناس يطلبون أدوية لسد الشهية، وهنالك فئة تطلب أدوية لحرق الدهون، ورغم ذلك النتيجة تختلف من شخص لآخر حسب القابلية، لكن من المهم سؤال المريض إن كان يعاني مرضا معينا كالضغط والقلب وأمراض الغدة.
وتوضح حرحش أن هنالك من يلجأ إلى عمليات قص المعدة والتدخل الجراحي، ما يسبب أحيانا نتائج سلبية مثل نقص الفيتامينات، نقص المعادن، تساقط الشعر، العصبية والتوتر.
وحول "المنحفات” غير المرخصة من قبل مؤسسة الغذاء والدواء التي يتم بيعها عبر منصات السوشال ميديا، تبين حرحش أن المسؤولية تقع بالدرجة الأولى على عاتق الشخص نفسه لأنه مدرك أن هذا الدواء غير مرخص وغير موجود في الصيدليات.
وتضيف حرحش "كصيدلانية لا أشجع على تناول هكذا أدوية لأنه في حال تركها ستعود الكيلوجرامات التي فقدتها وخلال فترة قصيرة”، مبينة أهمية اتباع نمط حياة صحي، مع شرب كميات وافرة من المياه والالتزام بنظام غذائي وممارسة الرياضة.
"الله كتبلي عمر جديد”.. هذا ما قاله محمد (24 عاما) واصفا ما مر به من خطورة أثرت في حياته، إذ عانى السمنة المفرطة وبدأت تؤثر في حياته من حيث صعوبة المشي وتأدية المهام اليومية، وصعوبة بالتنفس، ناهيك عن اهتزاز ثقته بنفسه بين أصدقائه، كونه لا يستطيع الالتزام بنظام غذائي، فاختصر الطريق ولجأ إلى التدخل الجراحي عبر إجراء عملية قص المعدة وحدثت بعد ذلك مضاعفات أثناء العملية كانت ستودي بحياته.
منذ 3 سنوات وإلى الآن، ومعاناته مستمرة لا يستطيع أن يأكل بصورة طبيعية بالرغم من أن طعامه محدود، ولجأ إلى تناول فيتامينات ومكملات غذائية لسد احتياجات الجسم.
داليا (33 عاما) لها تجربة أخرى، إذ قامت بشراء دواء للتنحيف من الصيدلية لتحصل على قوام متناسق بشكل أكبر مع أنها لا تعاني السمنة الزائدة، وذلك بنصيحة أحدهم بدواء معين، بعد تناول الدواء أصبحت تعاني فرط النشاط والحركة، واضطراب النوم، وتسارع نبضات القلب، بالرغم من نزول وزنها 5 كيلوغرامات خلال أسبوع، إلا أن تأثيره كان سلبيا في صحتها الجسدية والنفسية.
اختصاصية التغذية وسن الشافعي، تفيد أن هنالك مكملات غذائية تتسبب بحرق الدهون، وتعمل على امتصاص الانزيم الذي يمتص الدهون في الوجبة وليس الدهون التي في الجسم، إضافة الى الأعشاب التي تعمل على حرق الدهون المتراكمة في الجسم وسد الشهية، وبالتأكيد يجب أن تكون مرخصة من قبل الغذاء والدواء، خلاف ذلك من الممكن أن يؤدي إلى الموت المفاجئ.
ومن هذه المكملات الغذائية ما يحتوي على مواد طبيعية مثل الشاي الأخضر الذي بدوره يزيد عمليات الأيض، القهوة الخضراء تعمل على حرق الدهون في الجسم، أيضا هنالك ما يحتوي على مجموعة من الأعشاب التي تساعد على حرق الدهون.
ووفق ما تقوله الشافعي لـ”الغد”، من المهم معرفة إن كان المريض يعاني أمراض القلب لاحتواء بعض المكملات على مادة الكافيين التي بدورها تسهم في تسارع نبض القلب، إضافة إلى أن هنالك مكملات تحتوي على خل التفاح، بالتالي يجب معرفة إن كان المريض يعاني مشاكل بالمعدة لأن الخل يتسبب بقرحة المعدة.
وتبين أن هذه المكملات ينبغي أن يصحبها نظام صحي وممارسة الرياضة للحصول على الفائدة والنتيجة المطلوبة.
© جميع الحقوق محفوظة لوكالة الشريط الإخبارية 2024
تصميم و تطوير
Update cookies preferences