الجدل حول النحاس في ضانا
الشريط الإخباري :
غادة الشيخ
عمان – تباينت آراء مغردين وخبراء حول النقاش المحتدم حاليا بشأن "نحاس” محمية ضانا بين الحكومة والجمعية الملكية لحماية الطبيعة، خصوصا بشأن توجهات حكومية لاقتطاع مساحات واسعة من المحمية لغايات استخراج النحاس هناك.
وجاء هذا التباين عبر برنامج "مساحة نقاش” الذي يبث على حساب "الغد” على تويتر، وكان موضوع حلقته أول من أمس: "أيهما أهم: استخراج النحاس أم الحفاظ على بيئة ضانا؟”.
ومن المغردين من فضلوا استخراج النحاس لاعتقادهم أنه سيدر عوائد مفيدة تنعكس على الحالة الاقتصادية والمعيشية في الأردن، وربما يساهم ذلك في تشغيل أيد عاملة أردنية تعاني من البطالة.
في المقابل، توافقت آراء مشاركين في البرنامج مع مداخلات خبراء رأوا أن الحفاظ على البيئة لا يعتبر "ترفا” بل هو جزء أساسي من مقومات الحفاظ على الثروات الحيوية والتنموية، وبالتالي فإن اقتطاع أراض من محمية ضانا ستكون له تبعات سيئة ليس على الصعيد البيئي فقط، بل أيضاً على الصعيد الصحي.
فبحسب رأي المغردة رنا الأوستاري فإن "ضانا بمثابة قطعة من الجنة على الأرض، وإذا أصرت الحكومة على قرارها فيستوجب ذلك أن تقوم باستخراج النحاس بطريقة مدروسة لا تستهدف أراضي ضانا بشكل موسع، بل تساعد على تشغيل أيد عاملة هناك”.
بدوره، تساءل المغرد عبد المعز: "ما مدخول محمية ضانا، وما قيمة الحفاظ على الطبيعة مقابل الفوائد التي ستتبع استخراج النحاس معيشياً وتشغيلياً؟”.
واقترح المغرد كميل، أن يستشير الأردن الدول التي تتمتع بثروات طبيعية وتحافظ عليها، قبل إجراء أي خطوة في استخراج النحاس، مبيناً أن تلك الدول تقطع شجرة وتزرع مكانها عشر شجرات.
وتساءل المغرد أبو سلمى: "شو بدي بشجرة وأنا ما معي آكل خبز؟”، معتبراً أن الدولة الأردنية تضاعفت معاناتها الاقتصادية بعد جائحة كورونا، وبدلاً من أن تستمر الحكومة في استهداف جيوب المواطنين فلا ضير من أن تستخرج النحاس من ضانا.
وشاطره الرأي المغرد حمزة الحراحشة الذي قال في مداخلته: "نحن بحاجة ماسة إلى مثل هكذا مشاريع تعطينا بصيصاً من الأمل”، متسائلا: "هل يعقل بعد وجود فرصة لتعدين النحاس أن نضع حججا واهية اسمها بيئة؟”.
فيما قال المغرد مؤيد الزيادات: "أنا مناصر للطبيعة لكن في ذات الوقت مطلوب من الحكومة أن تأخذ إذنا لدراسة جدوى اقتصادية من قبل محمية ضانا، وفي حال حصلت جدوى اقتصادية يكمن السؤال حول الضوضاء التي سيحدثها استخراج النحاس وكيف سيتم التعامل معها؟”.
وفي مداخلتها قدمت الزميلة المختصة بشؤون البيئة فرح عطيات معطيات علمية وحقوقية تتوافق مع الأصوات الرافضة لاقتطاع أراض من محمية ضانا لغايات استخراج النحاس، مبينة أنه منذ العام 1961 إلى العام 1999 كانت تأتي بعثات خارجية للبحث في آلية جدوى استخراج النحاس في مناطق ضانا الأربع لكنها لم تعد.
وتضيف عطيات: "وفي العام 2016 عادت الفكرة لتلوح من جديد ثم توقفت، ثم عادت في العام 2018 لكن الشركة التي نقبت عن النحاس وقتها لم تؤكد بشكل فعلي وقطعي حجم الاحتياطي من النحاس”.
وعن الجدوى الاقتصادية، كشفت الزميلة عطيات أن "المساحة المستهدفة تبلغ 52 مليون طن، وسيستخرج منها مليون طن فقط، وبناء على السعر المعتمد فإن تكلفة الاستخراج 4400 دولار أي ما يقارب 4 مليارات بعد عشرين عاماً”، متسائلة: "هل قيمة المليار بعد عشرين عاماً ستبقى على ما هي عليه؟ حتى أسعار النحاس هي مثل سعر أي معدن معرض للهبوط والارتفاع في البورصة العالمية”.
ورداً منها على الأصوات التي تؤيد استخراج النحاس مقابل الحفاظ على بيئة ضانا بحجة أنها ستعم بالفائدة الاقتصادية ومحاربة البطالة، أكدت عطيات أن الحكومة لم تضع أي ضمانات لقاء ذلك.
كما أعربت عن استغرابها من إصرار الحكومة على كتمان اسم وهوية الشركة التي ستقوم بالتنقيب في ضانا، كما استغربت عدم طرح الحكومة عطاء يمنح مجالا لباقي الشركات.
وعن موقف منظمة "اليونسكو” التي اعتبرت ضانا محمية طبيعية، أشارت عطيات إلى أن الأردن وقع وصادق على اتفاقية التنوع الحيوي التي تمنع استخراج المعادن من المحميات، وفي حال قررت الحكومة إجراء تعديل على ذلك فيجب عليها أن تبلغ الجهة المعنية.
كما ينص نظام المحميات الطبيعية على أنه "يحق لوزارة البيئة التعديل على حدود المحمية لكن شريطة أن يكون هناك تنسيب من الجهة المختصة، وهي الجمعية الملكية لحماية الطبيعة، التي لم يتم إبلاغها باقتطاع أراض من ضانا، بل باستكشاف النحاس فقط، ثم فوجئت لاحقاً بكتاب تكليف من رئيس الوزراء لإجراء اقتطاع”.
وعن توقعاتها حيال الجهة التي ستنتصر في هذا النزاع: النحاس أم ضانا، ختمت الزميلة عطيات بقولها إنه "وبناء على خبرات كثيرة سابقة فإن الحكومة عندما تريد شيئاً تنفذه، لكن أتمنى أن تنتصر البيئة هذه المرة”.
بدورها، قدمت الخبيرة في شؤون البيئة والمناخ صفاء الجيوسي مداخلة في مساحة النقاش، معتبرة أن "من الطبيعي بسبب حالة الفقر الحالية التي يمر بها الأردن أن ينظر المواطن إلى استخراج النحاس في ضانا كمشاريع استثمارية واقتصادية، لكن ما الضمانات بأن المواطن سيستفيد من مشروع استخراج النحاس، في ظل تجارب سابقة أثبتت العكس، كما حصل في مشروع اليورانيوم، وغابات برقش وغيرهما”.
ودعت الجيوسي الحكومة إلى إجراء استبيان شعبي حول مشروع استخراج النحاس، معبرة عن استغرابها من عدم كشف الحكومة حتى الآن عن الدراسات التي تتحدث عنها في تبريراتها لاقتطاع أراض من محمية ضانا.
واستبعدت أن تكون هناك نظرة مجتمعية هامشية حيال أهمية البيئة، مؤكدة أن استهداف البيئة ينعكس ضررا على الإنسان ومجتمعه، ويلحق أذى يمس الصحة والاقتصاد أيضاً، بدليل عزوف الكثير من المزارعين عن مواصلة مهنتهم، بسبب الحر الشديد الذي خلفه اقتطاع الأشجار في مناطق عديدة.
وختمت بقولها: "نحن دولة فيها سيادة قانون، ولا يصلح أن نستثني محمية ضانا من قانون البيئة الأردني الذي ينص على أنه لا يجوز استخراج المعادن من المحميات”.
الغد