موسوعة تاريخ الطب في الأردن وفلسطين

{clean_title}
الشريط الإخباري :  
جميل النمري
فوجئت بمعلومات طريفة أن أول مستشفى في شرق الاردن تأسس على يد طبيب محلي اسمه سمعان خوري في بلدة الحصن عام 1919 وأسماه المستشفى العجلوني لكن المستشفى توقف عن العمل عندما غادر صاحبه ليلتحق بالملك فيصل الأول في العراق. هذه المعلومة مع الصورة وردت في المجلد الأول من موسوعة تاريخ الطب في الأردن وفلسطين.

فقبل أيام كان الدكتور كامل العجلوني قد شرفني بإهدائي عمله الأخير هذا.. ثلاثة مجلدات عن «تاريخ الطب في الأردن وفلسطين في القرنين التاسع عشر والعشرين».

الدكتور كامل العجلوني وزير الصحة الأسبق ورئيس المركز الوطني للسكري وقائمة طويلة من المناصب والمسؤوليات الأكاديمية والطبية الحالية والسابقة تملأ بضع صفحات مع الألقاب العلمية والشهادات والابحاث والانجازات التي تجعل عينيك تنفتحان على اتساعهما، له صفة أخرى إستحقها بإمتياز أنه «مؤلف» وليس في مجال الطب فقط، ولطالما ادهشني كلما تلقيت منه اهداء لكتاب جديد كيف يملك الوقت والمساحة الذهنية للإنشغال والكتابة في كل هذه المجالات. لكن دهشتي مع عمله الأخير فاقت كل حد.

هذا العمل الموسوعي الجليل كما يصفه د. محمد عدنان البخيت في المقدمة يغطي الفترة التاريخية من ظهور أول مؤسسات صحية في منتصف القرن التاسع عشر وحتى يومنا هذا من المستشفيات والعيادات الى الصيدليات والمختبرات ثم الجامعات وظهور القطاع الصحي الحكومي والخاص وتطور الخدمات الصحية وتوسعها مع توثيق هائل لكل ما امكن الوصول له من وثائق وصور أماكن واشخاص بما في ذلك أفواج الخريجين وكل ذلك يشكل مرجعية ارشيفية ثمينة. وتستحق الموسوعة أن تكون في مكتبة كل جامعة وكل مؤسسة ومركز ابحاث.

يبدأ المجلد الأول بتقديم من د. العجلوني عن سيرة العمل الذي استغرق 10 سنوات وتنويه وشكر لقامات وطنية ومؤرخين كبار مثل د. محمد عدنان البخيت ود. علي محافظة والعلامة في الكمياء د. موسى الناظر ود. محمد عصفور الذين كتبوا مقدمات الموسوعة. وكذلك غيرهم ممن ساعدوا في توجيه المؤلف وتوفير المراجع مثل د. هند ابو الشعر وهي من أهمّ مؤرخي الأردن في العصر الحديث ود. فؤاد الصايغ ود.سليم عبابنة صاحب كتاب «تاريخ الطب الحديث في الأردن» وكذلك أبناء وأحفاد رواد الطب الذين وفروا وثائق وصور ومعلومات وعشرات الشخصيات الأخرى وخصوصا من شغلوا مواقع مسؤولة في المجال الصحي.

باشرت تصفح المجلد الأول متخوفا من الملل في قراءة مادّة ارشيفية واذا بي اقطع 60 صفحة دون توقف مع المقدمة الممتعة عن الواقع الاجتماعي الصحي وأحوال البلاد في أواخر الحقبة العثمانية وهي كانت مزرية جدا حيث افتقرت المنطقة (الأردن وفلسطين) الى اي مرفق صحي على الاطلاق ولم تكن السلطة العثمانية تعتبر نفسها مسؤولة عن بناء اي مرافق او تقديم اي خدمات وكانت أمراض السل والملاريا والتيفوئيد ومختلف الأوبئة تفتك بالناس ولم تكن القدس تختلف عن بقية المناطق حتى شهدت طوال النصف الثاني من القرن التاسع عشر نهضة صحية واجتماعية وتعليمية، ومع نهاية القرن كان في القدس وحدها أكثر من ثلاثين مستشفى وعشرات الأطباء الأجانب والمحليين.

النهضة بدأت على يد المؤسسات الدينية والخيرية الغربية، وتتوقف التوطئة التاريخية عند دور الرحالة والبعثات التبشيرية الأوروبية والأمريكية وتنافسها على مسيحيي الأردن وفلسطين وجلهم من الكنيسة الشرقية (الروم الارثوذكس) ومع ان الكاتب يشير الى دور النشاط التبشيري كأداة للإستعمار الذي سيرث الأمبراطورية العثمانية لاحقا فالحال أنه قام بدور حاسم في خروج البلاد من الحالة المزرية بإدخال الرعاية الصحية والطب والتعليم وبدء التقدم الصحي والاجتماعي والتعليمي وظهور اطباء ومؤسسات صحية محلية.
© جميع الحقوق محفوظة لوكالة الشريط الإخبارية 2024
تصميم و تطوير
Update cookies preferences