الرئيس الخصاونة وملف الإعلام والوزير دودين
الشريط الإخباري :
زهير العزه
كتبت اكثر من مرة عن أحوال أهل الاعلام الجدد الذين يسبق لسانهم عقلهم ، ما يؤدي الى التهور في إطلاق الاحكام أو حتى ارتكاب المغالطات ، وهذا بعكس قاعدة الاعلام التي تقول " العقل قبل اللسان" وهو ما يؤدي الى إصابة كبد الحقيقة وجوهرها البعيد عن كل الرتوش أو التشويش .
ويبدو أن حال الوزير دودين لا يختلف عن حال وأحوال الإعلاميين الجدد ، فالوزير ما أن يخرج بتصريح إعلامي حتى تكتشف ان لسانه قد سبق عقله ، وإنفلتت منه أحكام أو تصريحات تجانب الحقيقة ، ما ينعكس فورا على الحكومة وعلى شخص رئيس الحكومة .
الوزير دودين كوزير "للاعلام" تخيل في مرحلة ما سابقة انه يستطيع القَبض على الاعلام بعدما إستطاع من أكل التفاحة " المنصب " أن يهبط بالوزير الى مستوى الدكتاتورية في التعامل مع الاعلام ، خاصة أنهما اكتشفا معا أن الإعلام هو مَصدر الإغواء السياسيّ ، فقد هزَّ هذا الاعلام البلدَ وأمنه ، وهدّد استقرارَ الاقتصاد ونَشَرَ الشائعات ضِدَّ الحكومة مِن فوقِها الى " تحتِها " ، وإنَّ هذا الإعلام كما اكتشف "الوزير والمدير" يُراودُ وزراء الحكومة عن أَنفسِهم ويَفُضُّ شفافيتَهم ويُعرقلُ خطَّ سيرِهم الإصلاحيّ ، ولأنَّ معاليه ومن أكل التفاحة "الهابط" من مكان ما في براشوت "جو أرض" على الاعلام والاعلاميين إكتشفا الغُرَف الإعلاميةَ المُغلقةَ لذلك قررا البدء في حملةَ التطهيرِ والتّطويقِ الوزاريةِ وبالاستعانة بمُتعهّدي الدعم والاسناد من دخلاء الاعلام للانقضاضِ على المؤامرةِ الإعلامية ووأدِها في أرضِها ، وكادت الحكومة أن تدخل في صراع مع الاعلام ، ومع مؤسسات دولية معنية بحرية الاعلام ، لولا حكمة رئيس الحكومة الدكتور بشر الخصاونة ، الذي دفع بإتجاه سحب المشروع "الورطة " الذي عرف بمشروع فرض الترخيص على البثّ عبر الانترنت.
اليوم كالأمس تصريحات الوزير دودين الاخيرة اثارت الجدل وانعكست مباشرة على الحكومة ، خاصة ما تعلق بانكاره وجود بيع لمؤسسات وطنية أو لوجود فساد في بعض هذه البيوعات ،أو فساد في تأجير أراض مملوكة لخزينة الدولة ، فمحاولة إنكار الواقع من قبل الوزير لن يغير حقيقة ما تم من تفريط بأموال الوطن وثرواته، فتصريحاته هي محاولة تضليل للرأي العام الذي إطلع على كل شيء بالرغم من عدم وجود محاسبة لمن فرط بهذه الثروات والمقدرات الوطنية.
إن المشكلة مع الوزير دودين ومع المدير أنهما لا يملكان أية خبرات صحفية أو إعلامية ، وهما أيضا لا يملكان خبرة سياسية محترفة إن على صعيد العمل الحزبي أو على صعيد العمل السياسي الشعبي، وبالتالي فهما يقعان من حين الى أخر في حفرة أو في نفق ويغرقان الحكومة في مواجهة مع الرأي العام ومع وسائل الاعلام على وجه الخصوص .
واضح اليوم أن المحاولات الرسمية للحد من المشاكل في قطاع الإعلام لم تنجح حتى الآن بتغيير أي شيء، فلم تستطع منصة حقك تعرف الحكومية أن توقف سيل الإشاعات، ولم تسهّل منصة بخدمتكم انسياب المعلومة للصحفيين، ولم يخلق تلفزيون المملكة الجديد الحالة التطويرية المتوقعة ولم يفلح التلفزيون الاردني من تطوير ذاته بوجود مثل هذه الادارى المكلبة بواقع اداري لا يمكن معه إحداث أي تطور ، لذلك كان لابد من المحاولة مجدداً من زاوية أخرى بحسب قناعة القائمين على الاعلام وذلك بتكميم افواه الاعلام الخاص ، لكن لم تجر رياح التطوير كما يجب، ولذلك أعتقد جازما أن تغيير الوزير وتعيين أهل الخبرة العملية هو الحل ، كما أعتقد أن دعم المؤسسات الاعلامية ، وعلى وجه الخصوص الورقية والالكترونية التي يقودها أهل المهنة ، وتعيين القيادات الاعلامية من أهل المهنة ايضا ،هو الذي سيؤدي الى تجسير الفجوة بين الاعلاميين من جهة وبين الحكومة من جهة ثانية ،اذ لايمكن أن يستقيم حال الاعلام الرسمي أو ترطيب العلاقة مع الاعلام الخاص في ظل وجود هذا "الطقم" من القيمين على الاعلام ، الذي يبشرنا إن بقي هؤلاء في مواقعهم بطول الازمة أو المحنة ، ولذلك أدعو الرئيس بشر الخصاونة مرة أخرى للتخلص من كل الوزراء الذين يفجرون قنابل رأي عام بوجه حكومته اذا ما كانت نواياه صادقة بإتجاه إصلاح ما دمرته حكومات سابقة .