الصراع حول كشمير.. استثمار "إسرائيلي" في إنفاذ صفقة القرن

{clean_title}
الشريط الإخباري :  
كثيرًا ما لعبت الهند وباكستان عبر تاريخهما ونفوذهما دورًا بارزًا في مسار الأحداث الدولية، بالرغم من انشغالهما في صراع شائك وطويل الأمد، ومع ذلك يسجل لكليهما دورًا دوليًا لا يمكن تجاهله وغض النظر عن أهميته في تغيير مسار عدد من القضايا وعلى وجه التحديد القضية الفلسطينية.
ولربما يطرح سؤال هنا، ما هي الأدوار التي يمكن أن تكون جوهرية في عمق القضية الفلسطينية وصفقة القرن على وجه الخصوص؛ لدول تعاني من أزمات وصراعات لا منتهية؟ وما هي الأهمية الكامنة من وراء تعزيز أمد الصراع حول كشمير وغيرها من الملفات؟
وهنا لابد من إدراك الأهمية التي تحظى بها كل من الهند وباكستان كقوى دولية، فــ "الهند" من الدول الصاعدة بسبب اقتصادها الصاعد والمتماسك وتعد ذات حضور في تكتل بريكس، علاوة على أن اقتصادها يحظى بالمرتبة الرابعة عالميًا، إضافة لذلك لا يمكن تجاهل قوتها العسكرية المتمثلة بامتلاكها للسلاح والرؤوس النووية، وهذا ما ينطبق أيضًا على باكستان عسكريًا بعيدًا عن الاقتصاد، إذ تمتلك القوة العسكرية التي تؤهلها لأدوار دولية هامة ومركزية.
وعلى صعيد آخر بعيد عن الإمكانات المتاحة لكليهما؛ لا بد من الإقرار بالدور الذي لعبته الانتخابات الأخيرة في الهند، من تغيير ببعض قواعد اللعبة الدولية فــ بصعود (ناريندا مودي) رئيسًا للوزراء ممثلاً لحزب الشعب الهندي، أختلت معادلة التعاطي مع القضية الفلسطينية، فهذا الحزب من المعروف عنه صداقته مع "إسرائيل" وولاءه لها، مما يعني قيامه تباعًا بإقصاء المسلمين واليساريين وقوى المجتمع المدني الأخرى من المدافعين والمتعاطفين مع القضية الفلسطينية وقضايا الأمة العربية الأخرى، في ظل غياب الموقف العربي والإسلامي وأدوات الضغط على الهند في اتخاذ موقف الحياد من قضايانا؛ وهذا ما يؤشر ويدلل على أن الكفة ستميل نحو الموقف "الإسرائيلي" ودعمه في المحافل الدولية وغيرها، على حساب القضية الفلسطينية، والصراع "العربي – الإسرائيلي".
وقد اعتمدت "إسرائيل" على هذه العداوة مرارًا واستثمرتها في تعظيم العداء حول كشمير وغيرها من المدن المتنازع عليها، في هذا الوقت الحرج من تاريخ الأمة العربية والإسلامية، فذراع "إسرائيل" لم يعد طوقًا خانقًا على دول الطوق العربي والإسلامي ومن دار في فلكها بعلاقات سياسية ودبلوماسية فحسب، بل أصبح يمتد على الدول المحايدة والعالم ككل، فـــ موجة عارمة من التطبيع مع الكيان الصهيوني ظهرت علنًا في الكثير من القضايا، وكذلك التباحث معها سرًا وعلنًا من دون قيد أو شرط.
ويعد التوجه الصهيوني للهند بالتصعيد مع باكستان هو بمثابة العصا في أي طريق داعم لعدالة القضية والمطالب الفلسطينية، ومساندًا لكل ما من شأنه تحقيق "الحلم الإسرائيلي" بفرض صفقة القرن أمرًا واقعًا على الأرض.
وعلى مر العقود الزمنية الماضية نلاحظ أن الولايات المتحدة الأمريكية والكيان الصهيوني عندما يريدان تنفيذ مشروع ما في المنطقة خاصة فيما يمس القضية الفلسطينية فإنهما يثيران النزاع بين الهند وباكستان.
فالنزاع العسكري الذي اندلع بينهما منذ استقلال شبه الجزيرة الهندية عن الحكم البريطاني في (1947) وتقسيمها إلى دولتين، كان له أثر سافر وثقل إضافي في معاناة الشعب الفلسطيني، ففي العام ذاته وافقت الجمعية العامة للأمم المتحدة على قرار تقسيم فلسطين إلى دولتين يهودية وعربية (فلسطينية) كنسخة مكررة من قرار التقسيم سالف الذكر، وتدويل منطقة القدس (أي جعلها منطقة دولية لا تنتمي لدولة معينة ووضعها تحت حكم دولي)، فضلاً عن حرب (1948م) ونتائجها الكارثية على فلسطين والمنطقة.
وإذا ما أردنا الحديث عن رسائل النزاع الهندي الباكستاني في وقتنا الحاضر فأمريكا والكيان الصهيوني يريدان توريط الهند وباكستان في حرب تقليدية طاحنة للتخلص من خطر باكستان المتمثل بعقيدتها الاسلامية وقوتها العددية كجيش مسلح، إذ يعتبرها المراقبون العمق الاستراتيجي للدول الإسلامية.
فضلاً عن الحرب التي ستفضي في حال اندلاعها إلى إضعاف اقتصاد الهند الذي ينمو بشكل متسارع والتسبب في حروب أهلية طاحنة تدمر الشعبين وتنهك قواهما والتخلص من أية محاولة نماء لقوى يمكن أن يسجل لها دور في الوقوف بوجه التمدد "الإسرائيلي"، ومن ناحية أخرى فإن "إسرائيل" تتطلع إلى تدمير القنبلة النووية الباكستانية والتخلص منها؛ حيث تملك قرابة (140) رأسًا نوويًا لكي لا تشكل ذات يوم خطرًا وجوديًا على الكيان "الإسرائيلي"، أما بالنسبة لوجود النووي في الهند فإنه لا يشكل خطرًا عليها باعتبارها دولة صديقة وحليفة وفية.
كشمير وغيرها من ملفات الصراع أثرت بشكل أو بآخر في عمق ومسار القضية الفلسطينية، فهي تعد (الجوكر) الرابح في جيب "إسرائيل" تلوح به ـ لمواجهة على أي قرار يُراد تنفيذه لصالح القضية الفلسطينية ـ ضمن صمت عالمي، أو في ظل أصوات مجردة تفتقر للأثر الدولي أو التأثير القانوني.
 
ـ مقال خاص بموقع (   الهيئة نت    ) بقلم: د. أريج علي جبر.
     

 
© جميع الحقوق محفوظة لوكالة الشريط الإخبارية 2024
تصميم و تطوير
Update cookies preferences