شكراً أيّار
الشريط الإخباري :
عامر طهبوب_قضايا واراء
رياضةالمنتخب الوطني الرديف يتأهل إلى نهائي غرب آسيا
حوادثاصابتان بتصادم حافلة صغيرة ومركبة في السلط
دروب"قصر النظر" يهدد نصف سكان العالم بحلول 2050.. لهذا السبب
دروبكنز صحي لا غنى عنه.. تعرف على فوائد زيت الزيتون
دروبتحدي البروتين "الخطير" يكتسح "تيك توك".. وخبراء الصحة يحذرون
دروب6 وسائل للتغلب على جفاف البشرة
دروبأضرار السكر الأبيض.. وهذه أبرز بدائله
دروببينها القهوة والحليب .. لماذا لا يجوز خلط بعض الأطعمة؟
عربي ودوليغزة: مزارعون وتجار يحتجون على قيود الاحتلال أمام تصدير منتجاتهم الزراعية
دروبالروبوتات قادمة.. كيف سيغير الذكاء الاصطناعي كل شيء في حياتنا؟
محليات"ارسيف ": الأردن أولاً على قائمة الـ 10 مؤلِّفين الأكثر تأثيراً عربياً
عربي ودوليالصين: إجلاء 120 ألف شخص في مقاطعة شانشي بسبب الفيضانات
رياضةأحمد عبدالله: بطولة عمّان الدولية لفروسية قفز الحواجز تروج للسياحة
البحث في المحتوى
عامر طهبوب
شكراً أيّار
عامر طهبوب
الاثنين 11 تشرين الأول / أكتوبر 2021.
عدد المقالات: 28
wr771@addustour.com.jo
FacebookTwitter
ربما يكون شهر أيار- مايو، أكثر أشهر السنة طهارة ونأياً عن فعل الغدر. لا تفسير لي لنأيه عن اغتيال أرواح البشر. لم يتورط في القتل كما تورط تموز الذي خطف حياة الملك الراحل عبد الله الأول، والملك فيصل الثاني، ورياض الصلح، وحتى قياصرة روسيا؛ بطرس الثالث، ونيقولا الثاني، وحتى رئيس الولايات المتحدة الأميركية جيمس غارفيلد.
ظل أيار بعيداً عن الاغتيال، وبعيداً عن الجبن. لم يفعل ما فعله آذار الذي راح ضحيته الملك فيصل بن عبد العزيز، وكمال جنبلاط، وأحمد ياسين، ولا ما ارتكب كانون الثاني من آثام؛ مقتل الخليفة علي بن أبي طالب رضي الله عنه، ومع فارق الزمن؛ «أبو حسن سلامة»، والمهاتما غاندي، ويحيى عيّاش، وغيرهم كثير.
لم يفعل بنا أيار ما فعله تشرين الثاني الذي خطف الخليفة العادل عمر بن الخطاب رضي الله عنه، ومع فارق الزمن وصفي التل، ومصطفى العقاد الذي رحل في انفجار آثم في عمان في الحادي عشر من أيامه، ولم تشفع له «الرسالة»، ولم تشفع له أفلامه، وراح ضحيته في الولايات المتحدة الأميركية الرئيس جون كنيدي.
كل أشهر السنة اعتدى عليها القتلة والمجرمون، وأفسدوا طهارتها، وصفاء أيامها. نيسان لم يسلم أيضاً من قتلة الإنسان، ففقدنا فيه خليل الوزير، وكمال عدوان، وأبو يوسف النجار، وكمال ناصر، وعبد العزيز الرنتيسي، وفقد فيه الشعب الأميركي إبراهام لينكولن وهو يشاهد مسرحية على مسرح «فورد» بإطلاق الرصاص عليه من أحد الممثلين على خشبة المسرح هو «جون ويلكس بوث» الذي كان مناصراً لنظام عبودية ألغاه لينكولن في الحادي والعشرين من يناير عام 1863، كما راح ضحيته داعية حقوق الإنسان مارثن لوثر كينغ.
كيف سلِم أيار من القتلة، وتم توريط حزيران، اكتمل احتلال أرض فلسطين في شهره، وخُطف رشيد كرامي، وخطف يوسف السباعي، وفرج فودة، وعاطف بسيسو، ومحمد بوضياف. لم يسلم أيلول؛ راح ضحية أيامه ناهض حتر، ومحمد الدرة، ومن قبلهما الكونت برنادوت، ولم يستطع شباط أن يبتعد عن مأساة اغتيال أرواح البشر، وكيف يبتعد وهو الشهر الخبّاط، شديد الهبوب، كبيس، حبيس، لم يلتفت إلى عيد الأم الذي يحتضنه في الثلث الأخير من أثلاثه، فخطف رفيق الحريري، وحسين مروة، وشكري بلعيد، وأحمد ماهر باشا، وبطرس غالي، كما خطف رئيس وزراء السويد الأسبق أولوف بالمه الذي عرف بتأييده للقضية الفلسطينية وحق الشعوب في الحرية والتحرر، وهو يسير في شارع «سفيفاغن» مع زوجته «ليزابيث» من سينما «غراند» في اتجاه منزله، وهو يرفض أن يرافقه حرس شخصي.
وأما تشرين الأول فقد شهد اغتيال تشي جيفارا الذي ظل رمزاً للثورة ضد الظلم والنضال من أجل الحرية في كل بقاع الأرض، وخطف معه فتحي الشقاقي، وعدنان الغول، كما خطف أنور السادات. وبصرف النظر فيما إذا كنا نختلف أو نتفق مع أي من الشخصيات، فإن الاغتيال عمل جبان بكل مفاهيم الدنيا وأخلاق الأرض.
هل نسيت أيٍ من الأشهر الأخرى التي شاء القدر، أو تخطيط القاتل، أن يكون الزمان زمانه، نعم نسيت آب، فقد فيه الأردن الشهيد هزاع المجالي بتفجير رئاسة الوزراء، وفقدت فيه فلسطين الشهيد ناجي العلي بكاتم صوت بعد أن نشر كاريكاتيراً يقول فيه عصفور واقف على «السبطانة»: لا لكاتم الصوت.
لن يتوقف الاغتيال بدعوة من على منبر، ولا بموعظة في كنيسة، ولا مناشدة في صحيفة، لأن الشر كالخير باق، والصراع بين الحق والباطل مستمر. هناك رجال يعرفون أن حياتهم في خطر، ولا يبيعون ضمائرهم ولا يغيرون مواقفهم، ويدفعون أثمانها، كما دفع الملك عبد الله الأول ثمن الوحدة، وكما دفع وصفي، ثمن الحفاظ على الشرف وكلمة الحق، وكان يشعر أنه قد يدفع هذا الثمن عندما قال «قد تصيبك رصاصات، وقد تصيبك كلمات». وكما دفع إبراهام لينكولن حياته مقابل تحرير العبيد، وكما دفع ناهض ثمن الكلمة، دفع «»ميشع ملك مؤاب حياته بطعنة يهودي ثمن التمسك بالأرض، وكما أخناتون، وتوت عنخ أمون، وكل من فقد حياته بفعل من أفعال الجنون.
أما أيار فهو شهر هلال خصيب، وهو حبيب، وشهر زهرة الزعرور، وزنبقة الوادي، وحجر الزمرّد، وشهر الغرس «توكوكو» في فنلندا، و»ساتسوكي»؛ شهر أًشهَر أسماء الإناث في اليابان، و»فياكي ترافين» شهر العشب الطويل في سلوفينيا، فقد استطاع أن ينأى بنفسه قدر ما قدرّ له الله أن ينجو من الدم، وظل شهراً حنوناً يمارس الفعل الحنون، وظلت «مايا» اليونانية تحرسه من الأشرار.
كيف يقبل أيار أن يشهد عنفاً وأحزاناً وقد كان أهل القدم يحتفلون في أول أيامه بإقامة المهرجانات والاحتفالات في الهواء الطلق، وتسير في أوروبا مواكب تزينها الأزهار، وفي روما تُنصب الساريات في المروج الخضراء وعلى ذرى الأرياف ، وفيما ينطلق الشباب لجمع الأزهار من السهوب، تلبس فتيات أحسن ما لديهن من ثياب، ويرقصن حول الساريات، يحدو كل منهن الأمل أن يتم انتخابها «ملكة مايو». يرقصن تحت الساريات، ولا يخشين العاديات، ينتظرن عبق أزهار، لا فعل أشرار.
أيار، مايو، ماي، جمادى الأولى؛ مهما كان اسمك، فإني أحبك.
والله من وراء القصد.