رايق المجالي يكتب : قراءة في عنوان الإصلاح الإداري..
الشريط الإخباري :
من المعروف أن للإدارة تعريفات كثيرة وكذلك فللإصلاح الإداري تعريفات متعددة لكنني أجد أن هناك تعريف للإصلاح الإداري يمكن أن يلخص المفهوم ويوضحه ويجمع عليه الجميع وهو (ايجاد الأداة أو الأدوات القوية والفاعلة لأي حكومة أو أي منظومة إدارية تسعى لتطوير عملياتها وسياساتها لتحقيق أهدافا إستراتيجية عليا ولتحقيق مصالح عامة عليا على ان تساعد هذه الأدوات في التخلص من السياسات والسلوكيات القديمة المعطلة لأي تطور وتقدم)
* -الإصلاح الإداري: يقتضي أن يرتبط ويبدأ بإصلاح الإستراتيجيات أو الخطط الإستراتيجية وهذا يحتم أن يبدأ الإصلاح من رأس الهرم الإداري بأن تتوفر لدى مرجعية الإدارة العليا (القيادات الإدارية )(رأس الهرم ) -أي إدارة – الكفاية الإدارية والكفاية القيادية لأن أي جهاز أو منظومة إدارة توجه بوصلتها من خلال القيادة الإدارية فهي التي تشرف على وضع السياسات وتشارك بها وهي التي تشرف مباشرة على وضع الخطط الإستراتيجية , ( هذا ما يعبر عنه إنشائيا ولغويا " إيلاء الأمور لأهلها " .
*- الإصلاح الإداري : ممارسة مستمرة ومطلوبة طوال الوقت وليس مجرد ردة فعل في زمن لمواجهة ظرف معين وهذا يعني وجوب وجود:
أ- أدوات قياس ثابتة تقوم بعمل دوري بفحص النتائج المتمخضة عن أي سياسة أو خطة أو قرار.
ب- بالأدوات السابقة لقياس النتائج وعلى ضوء النتائج وجود المرجعية والإطار القانوني لمراجعة وتنقيح التشريعات لمعرفة العيوب والحسنات لأن اداة الإدارة الرئيسية هي التشريع (قانون ,نظام ,تعليمات ,لوائح او قرارات ) وهذه كلها توضع لتأدية وظائف ولتحقيق الأهداف والخطط وهي ما يعرف (بالمؤسسية ) التي تعني وجود أدوات الضبط والتطوير دائما وعكس ذلك يعني تغير كل شيء بتغير الأشخاص في الوظيفة أو مواقع القيادة فتذهب الخطط والتوجهات والقرارات أدراج الرياح وإلى حيث تتراكم عليها الأتربة والغبار.
والأهم قطعا ودائما هو ( تحقق النتائج والأهداف وأن يكون ذلك ملموسا وواقعا يعيشه المواطن ويعيشه مجتمع الدولة ) والمواطن والمجتمع هما أول وأهم أداة قياس لنجاح الإدارة .
(علاقة الإصلاح بالسياسة أو بالإصلاح السياسي )
*-الإرتباط هنا عضوي والعلاقة طردية فتراجع الحياة السياسية يؤدي لتراجع الإدارة لغياب أهم أنواع الرقابة على الإدارة فعدم وجود (مجلس نواب ) قوي وكفؤ مؤسسة وأعضاء يعني غياب الرقابة من جهة وغياب التشريعات الإدارية السليمة أو ضعفها من جهة أخرى .
*-عودة على بدء عن التعريفات فهناك من يعرف الإصلاح الإداري بأنه " جهد سياسي وإداري وإقتصادي وثقافي يهدف لإحداث تغيرات أساسية إيجابية في السلوك وفي النظم والعلاقات والأساليب والأدوات لتحقيق التنمية وإيجاد الإمكانيات للأجهزة والمنظومات الإدارية لتحقيق الكفاءة في الأداء وتحقيق الإنجازات "
وهذا التعريف برأيي هو الأشمل والجامع لمعنى الإصلاح الحقيقي لأنه يربط كل انواع الجهود وفي كل مجال معا ويوجهها نحو الهدف الأسمى وهو (تحقيق التنمية ) وأيضا يجيب هذا التعريف على السؤال المهم :" ما الذي يدفعنا ويدعونا للحديث عن الإصلاح الإداري والمطالبة به غير أننا ننشد تحقيق (التنمية ) سياسيا , إقتصاديا , ثقافيا , إجتماعيا ..؟؟؟"
إذا : فالحديث عن إصلاح إداري كمجرد ردة فعل لظروف في زمن معين لا يجدي لأن ذلك قد جرب لدينا مرارا وتكرارا وعلى سبيل المثال لا الحصر (مثال : منذ 2014 وبداية ما سمي بالحراك وبالربيع العربي خرجت مبادرات تجميلية على أنها خطوات إصلاح إداري مثل تعديل نظام الخدمة المدنية وتطبيقه على الهيئات المستقلة بذريعة تطبيق العدالة في سلم الرواتب كانت النتيجة 1- لم يتغير شيء على سلم الرواتب على جميع الموظفين المعينين قبل صدور هذا التعديل وفقط اوجدوا تسمية (بدل تسكين ) ليحتفظ من يتقاضى راتبا برقم معين بهذا الرقم فهو حق مكتسب لا يمكن المساس به .
2-جمد طموح الموظفين لزيادة الرواتب مع الوقت والجهد وكذلك قزمت رواتب المعينين الجدد وجمدت لتبقى مهما خدم وتميز لا تزيد عن حد لا يتجاوز خط الفقر الرسمي المعلن من الحكومة .
3-فرغت المؤسسات والهيئات من الطاقات والخبرات وتراجع أداء المؤسسات حد الإنهيار لتتحول بعض المؤسسات إلى مجرد عبء على الدولة والخزينة ماليا وإداريا .
4- ملحوظة : قيل أن تعديل نظام الخدمة المدنية وهيكلة رواتب القطاع العام في حينه سيكلف الخزينة العامة فقط (83) مليون دينار ولكن الدراسات والأرقام لاحقا أثبتت أن هذا الإصلاح يكلف الخزينة العامة سنويا ما يقارب (360 ) مليون دينار أردني (فقط لا غير ) ولو قلنا أن التكلفة هذه (وهذا الهدر ) قد توقفت بعد 5 سنوات فقط منذ 2014 ولم تستمر للآن فهذا يعني (ضرب 360 مليون برقم 5 ) ولكم إستخدام الآلة الحاسبة لإخراج الناتج .
في النهاية أود الإشارة إلى ماتم في الماضي القريب من خطط وقرارات للإصلاح والتي جرىت تحت شعار (الإصلاح الإداري )من قبل أكثر من حكومة حيث كانت حركات ومبادرات الإصلاح الإداري جميعها بنفس الأدوات وبنفس النهج وبنفس السياسات وبنفس نوع القيادات وبعكس قواعد الإصلاح الإداري التي أوردت منها اليسير في مداخلتي هذه فكانت النتائج كما نعيشها الآن واقعا ملموسا يهدد كل ما بني في عمر هذه الدولة وأصبح هذا الواقع يشوه كل جميل في هذا الوطن .
رايق المجالي ..ابو عناد