ماذا يفعل رئيس الوزراء السابق د. عمر الرزاز هذه الأيام ..؟؟
الشريط الإخباري :
خاص- حسن صفيره
على غير نمط سيناريوهات رحيل الحكومات، قابل الشارع رحيل حكومة د.عمر الرزاز تشرين أول 2020 بحالةٍ من الفتور، تزامنا مع الراهن على ارض الواقع وقتذاك، وقد رحلت حكومته تحت هيمنة مناخ وبائي، تعالق وبشدة مع اداء الفريق الحكومي على مدار نحو عامين.
اتسم تاريخ حكومة الرزاز بسوء الطالع، وقد عاصرت حكومته التي تشكلت صيف 2018 من حزيران، "بشائر" كوفيد" التي نخرت بالجسد العالمي، مطلع 2020 مع واقع كان تحت تجاذبات الجائحة، التي فرضت نفسها على الخارطة السياسية والاقتصادية على الاردن شأنها شأن كل دول العالم في الثاني من آذار للعام ذاته
سوء الطالع، الذي أنتج ستة تعديلات وزارية على حكومته، برقم غير مسبوق في تاريخ الحكومات الأردنية، كان من اللافت انه خفض منسوب ثقة الشارع بشخص الرئيس لا فريقه الحكومي، مع تراكمات ما خلفه الملف الوبائي من اخفاقات أيضا حٌملت لشخص الرزاز، أسهم في ذلك حجم التفاؤل الذي لقيه الرزاز أبان تكليفه للحكومة، وهو الرئيس الذي نجح في وقت سابق، أبان تسلمه حقيبة التربية والتعليم في حكومة د.هاني الملقي، حين استقطب الشارع الاردني كوزير منفتح متعقل متواضع كان على تماس مباشر مع الشارع وأولياء أمور لتعداد لا يستهان به من الطلبة الاردنيين.
ما يهمنا في هذا السياق، ونحن نخوض في سيرة الرجل العملية والعلمية لخريج هارفرد، وتلك الأخيرة ومن عجائب الأمور في الصالونات السياسية، سُجلت ضده، لا سيما وأن العديد من وزراء حكومته كانوا ايضا من خريجي الجامعة الأمريكية ذائعة الصيت، ما حدا بمنتقديه الى الربط بين التوزير ومعقل هارفارد، كأداة أو مطية للوصول الى سدة الحكومة كما دأبت على تسريبه، جموع المنتقدين الى الشارع.
الأزمة الأولى التي عايشها الرزاز مع تشكيل حكومته، الرفض الشعبي لماهية الفريق الحكومي، والذي ضم 15 وزيراً من الحكومة السابقة، زاد في ردة فعل الشارع ان الوزراء الخمسة عشر هم من اعضاء حكومة رحلت بكامل سخط الشارع لها، فكانت عودتهم مع فريق الرزاز الحكومي أقرب لتحدي الشارع كما فسرها العامة.
الرزاز، الذي حمل لواء النهضة، كعنوان عريض لمهام حكومته، اخترق بدراية وحنكة ما لم يجرؤ عليه احد من سابقيه، ففي خضم تعقيدات العمل مع فريقه الحكومي ومؤسسات الدولة وعلى رأسها الجيش في مركز ادارة الأزمات، كان الرجل حريصا على وضع رئاسة الوزراء بكل شاردة وواردة، ففي الأزمات تتعاظم الآنا لدى البعض من قيادات الصف الأول، الامر الذي كان يقف ازاءه الرزاز بحذر ، فالمرحلة الوبائية لا تحتمل فرد البطولات والاستئثار بعدسات كاميرات الاعلام، فالعمل احق واجدى امام جائحة استدعت تفعيل قانون الدفاع، وربما كان قرار تفعيل قانون الدفاع الرهان الأكبر الذي وضعه القصر في عنق صاحب سدة الرابع.
مع مباشرة الدولة عبر مركز الأزمات لمجابهة الجائحة، ظهر مستوى الذكاء الفذ الذي يتمتع به الرزاز، وقد أفرد المساحة الشاسعة للجيش في التخطيط والتنفيذ لآوامر الدفاع، فاسحا الرزاز ملف الاعلام الرسمي بيد الجيش الى جانب الناطق الرسمي للحكومة، ولم تزل تلك اللحظات التاريخية والتي لن ينساها الاردنيون، فيما الرزاز يقرأ الخطوط العريضة للتقرير اليومي لمعركة كوفيد 19، ليتقدم الجيش عبر مدير مركز الازمات انذاك الجنرال مازن الفراية ليتسلم "ميكرفون" الدولة للحديث عن تفاصيل المعركة الوبائية.
الرزاز الذي نشط خلال تسلمه رئاسة الحكومة في خلق مساحة خاصة لرئاسة الوزراء كمعقل للولاية العامة، جهد في ابراز ترجمة مفهوم الولاية العامة إلى عمل وقرار مؤسساتي في معقل الرابع- حسب المتاح بالطبع- فالرجل ودون أن يدري أذهل آداؤه القوى الكلاسيكية في مركز القرار، زاد في ذلك الرضى الملكي على قرارات وتوجهات وحركات الرئيس الرزاز، ولعل مأخذ التعديلات الستة كانت ايضا تدور في فلك التوافق مع الرؤية الملكية، هي محاولات ست لا تعديلات ستة، فالرجل كان ينشد الخلاص من مأزق الدولة المزدوج الصحي والاقتصادي ، فما كان من حيلة وبد الا خدمة الجانب الصحي على الاقتصادي،
.
في معرض الحديث عن مدونة انجاز الرزاز، تبرز جرأته في الاقتراب من تابوهات المحظور في القرار الأردني، سواء لجهة تعزيز الامتيازات للمحاربين القدامى، والحديث هنا عن مقترح تقديم اعفاءات جمركية للعسكريين والمتقاعدين، واغلاق الملف في حينه بوصفه ملف سيادي مرتبط بالمكارم الملكية، لكننا سنتحدث وربما باستفاضة اكبر في مقالات اخرى، عن اهم ما جاء به الرزاز ازاء وظائف القيادات العليا، وضرورة خضوعها للمعايير القانونية والدستورية وتشكيل لجان فعلية، وتوثيق المقابلات صوت وصورة لتكون مرجعية أولى بالشفافية.
الرزاز الذي دأب على تحمل المسؤولية في قراراته كرئيس وزراء، بسبب وقوفه على أرضٍ صلبة ممثلة بالدعم الملكي، ترجم رغبات وتطلعات الملك الى حيز الفعل، أبرزها الجدية في مكافحة الفساد وسيادة القانون وتطبيقه على الجميع، حيث لا احد فوق القانون، لتدخل عملية متابعة الدوائر الرقابية ضمن مهام الرزاز بصفته الشخصية والاعتبارية، وهو ما بدا واضحا خلال زياراته المتكررة إلى هيئة النزاهة ومكافحة الفساد، وتشديده بأن تكون جميع إجراءاتها في محاربة الفساد تستند إلى التوجيهات الملكية، بأن لا حصانة لفاسد ودون تهاون مع أي كان، وأن الجميع تحت مظلة القانون، الى جانب حرص الحكومة على نهج الشفافية والمكاشفة، وتوخي الدقة والعدالة في جميع إجراءات محاربة الفساد.
وقد اخذ الرزاز على نفسه بصفتيه الشخصية والاعتبارية السير قدما في نهج تعزيز النزاهة ومكافحة الفساد في المجالين التشريعي والإجرائي، لتحصين ديوان المحاسبة والهيئة، وتحصين وتمتين دورها في استرداد المال العام بالنسبة للقطاع العام، وأيضا في القطاع الخاص فيما يتعلق بالتهرب الضريبي.
قبل رحيل حكومته، وجه الرزاز رسالة عبر "الواتس اب" لأعضاء فريقه يحثهم على استكمال اعمالهم، في خطوة رجل نبيل، فالنبل المجبول بالاخلاق الارستقراطية ليست بغريبة عن رجل ظل يحتفظ بمدونة شرف انتسابه كأبن لاحد كبار القيادات الحزبية العربية في منتصف القرن الماضي المفكر البعثي د.احمد منيف الرزاز" في وجدانه العميق الثري ، وقد كسبه الاردن اكاديميا ومفكرا ورئيس وزراء وقبلا مواطن سمته اردنية خالصة ستظل تحفر في تاريخ رجالات الوطن الاردني.
الان وزغم ابتعاد الرزاز عن سدة الرابع إلا انه مازال متابع من الطراز الرفيع للسياسات والاقتصاديات والاجتماعيات سواء في الداخل او ما يحيط بنا في الخارج ويتابع كل صغيرة وكبيرة ومثله مثل مواقفه التي لم تتبدل او تتغير حيث يعتبر الولاء للعرش والملك يختلف عن الوضوء فهو لا يتجدد بل يتعاظم ويكبر فيه مثلما هو يكبر معه كما ان الجالس والمتحدث له يشعر بمدى صدق هذا الرجل وعمق تحليلاته ودرايته السياسية وبعده الاقتصادي رالاجتماعي الذي التي يتمتع بها بالفطرة او بالاكتساب .
نعم وليس تحيزا فالرزاز اثبت بوجه قاطع ومن خلال اداءه انه ابن الاردن وابن عمان والسلط ومعان والزرقاء والرمثا والكرك والطفيلة وكانت غيرته وما زالت وستبقى تتحرك اتجاه الوطن والعرش والعلم ومخطيء من يعتقد بانه وبأبتعاده عن رئاسة الوزراء قد انسلخ عن وطنيته التي يفتديها بدمه وقلبه وعقله سواء كان في الرابع او في اللويبدة .