الناخب التونسي قال: الأَمْرُ.. لِي
الشريط الإخباري :
محمد خروب
ما یزال ُ مصطلح ِ «الزلزال» یتردّد في الفضاء الإعلامي العربي والإقلیمي, وبخاصة لجھة السقوط ّ المدوي لمنظومة الحكم التي برزت بعد ثورة جانفي (كانون الثاني) 2011 ،على النحو الذي ّ شكل َ صدمة لتلك القوى الحزبیّة والسیاسیّة بأطیافھا المختلفة, والتي ظنّت أن الأمور ستجري لصالحھا كما جرت .طوال السنوات الثماني التي انقضت على سقوط نظام بن علي وصف ما حدث بأنھ «انقلاب» دیمقراطي.. أقرب إلى الدقّة في التوصیف, منھ إلى تسونامي أعقبَھ زلزال, تمثّل في تقدّم شخصیتین لم تكونا جزءاً قد یكون َ مؤثراً في المشھد التونسي, بكل ما رافقھ من جدل وتنافس وانقلاب في التحالفات والاصطفافات, وصولاً إلى استقطاب حاد كاد یأخذ البلاد إلى مربع العنف والاحتراب والانزلاق إلى ّ ھوة الفوضى, التي رافقت اندلاع ریاح الربیع العربي, التي انطلقت من تونس نفسھا. لكن ِ الحكمة وبُ ْعد النظر وقدرة معظم الأطراف على تدویر الزوایا, واجتراح الحلول الوسط وتقدیم منطق الحوار والتوافق على منطق العنف والغلَبة, أسھمت في تجنیب البلاد المآسي ِ المتدحرجة . ِ والمتواصلة التي عصفَت بدول عربیة عدیدة اسھمت قوى عربیّة رسمیّة وغیر رسمیّ ِ ة في تأجیجھا والنفخ في كیر فتنتھا ..ما علینا بصرف النظر ّ عمن ِ من أحد ُ الم َّرش ْحین ْ اللذین تقدّما الصفوف وحازا فرصة ثمینة للانتقال إلى الدورة الثانیة, سیدخل قصر قرطاج رئیساً جدیداً للبلاد، ّ فإن ما حدث في السادس عشر من أیلول 2019 ُ ،سیؤ ّسس لمرحلة جدیدة نحسب أنھا ستكون أقرب إلى قطیعة مع المرحلة السابقة, التي تلت ثورة جانفي 2011 ،بعد أن وصلَت «قوى» تلك المرحلة السیاسیّة والحزبیّة بل والنقابیّة، إلى حائط مسدود تمثّل في عزوف الناخب التونسي عن دعم خطابھا, بحثاً عن خطاب ووجوه جدیدة. أو ربما تأكید فشل تلك القوى في تقدیم نموذج أو برنامج أو خطط, ّ تبث الآمال في صفوف الشباب التونسي وتُقنِعھ أن ما جرى طوال السنوات الثماني الماضیة, لم یكن صراعاً على كعكة ُ الحكم وامتیازاتھ وفرصة اغتنمتھا تلك القوى, لتحسین مواقعھا والدفع بقادتھا وكوادرھا لإحكام قبضتھم على ما .استطاعوا الوصول إلیھ من مواقع ومناصب, سواء في البرلمان أم في أجھزة الدولة ومؤسساتھا جدیر الانتباه إلى حقیقة أنھ ورغم الھزیمة ُ الم ّدویة التي لحقت بأحزاب وشخصیات «تاریخیة» مثل ّ مرشح حركة النھضة, التي ظنّت أنھا ما تزال تحظى بالشعبیة التي كانت علیھا في السنوات الأولى التي تلت الثورة، ّ فإن أحداً من المرشحین الـ«26) «انسحب اثنان منھم) لم یطعن في نزاھة وشفافیة الانتخابات، ّسجل أي حالات عنف تُ َذكر, وھذا یحسب للتونسیین الذین ما یزالون حتى اللحظة, یُ ِدھشون العالم بسلوكھم الحضاري وقدرتھم على ضبط أنفسھم ولم تُ والانتصار لمبدأ ِ الحوار وحق الإختلاف, دون احتكار للوطنیّة أو الحقیقة, أو الزعم بأن تنظیمھ أو زعیمھ ھو الذي قاد الثورة, وبالتالي ھو صاحب الحق في ْمُر ِ ..لي ُ إدارة البلاد وتقریر مستقبل شعبھا. وھو ما تجلّى في صنادیق الإقتراع بقول الناخب التونسي: الأمر لي .