جمعية النقاد تنظم ندوة “العقل النقدي العربي – قراءة جينيالوجية”
الشريط الإخباري :
ضمن سلسلة نشاطاتها النقدية الدورية، أقامت جمعية النقاد الأردنيين أول من أمس في المكتبة الوطنية ندوة متخصصة بعنوان "العقل النقدي العربي – قراءة جينيالوجية”، قدمها الناقد الدكتور عاصم بني عامر، وأدارها الدكتور رائد عكاشة، تناول فيها أثر البيئة الصحراوية وخاصة علاقة العرب بالإبل على المفاهيم النقدية الأساسية لديهم.
وقال مقدم الندوة الدكتور رائد عكاشة المستشار الأكاديمي للمعهد العالمي للفكر الإسلامي، إن المشاريع الفكرية التي تعاملت مع العقل العربي عديدة، مشيرا إلى مشروع محمد عابد الجابري، تبعتها مشاريع أخرى اشتغلت على العقلية النقدية عند العرب كدراسة الدكتور عاصم بني عامر، وهي دراسات تستفيد من المعطى الفكري والفلسفي عند الغرب ضمن خصوصية تكفل الاستقلالية لا التبعية.
ووزع د.عاصم دراسته على أربعة محاور وتمهيد حدد في المحور الأول مصطلحات الدراسة، من مثل العقل والعقل العربي وجينيالوجيا. والمحور الثاني اشتغل على لفظة "البعير” في حياة العرب، والمحور الثالث عالج فيه حضور البعير في النقد الأدبي، والمحور الرابع تتبع فيه مظاهر هذا الحضور وتبعاته.
وفي موضوع العقل اصطلاحا أشار بني عامر إلى أنه مفهوم يدل عليه التمييز الذي أقامه (لالاند) بين العقل المكون (الفاعل)، والعقل المكون (السائد)، ومكنتهم من الحفر على الأرومة والجذور، فكشفت النسب والأصول والمرجعيات، وساءلت المفاهيم والقيم التي طغت عليها الأفكار والأوهام والأيديولوجيات والطوباويات المتعاقبة التي طمست معالمها الأولى.
ويؤكد بني عامر أن من أول تلك الوسائل على الإطلاق وأهمها البعير، والبعير أو الإبل هو ابن الصحراء الذي شاكلها لونا وطبيعة حياة، من هنا تلازم الثالوث الأبدي (العرب والصحراء والإبل)، فقد قرر المؤرخون وعلماء الأجناس أن الإبل ذات السنام الواحد عاشت في جنوب الجزيرة العربية في (حضرموت) قبل ثلاثة آلاف عام قبل الميلاد.
وعرج بني عامر في ورقته إلى فكرة حضور البعير في الأحكام النقدية الانطباعيّة من خلال تراكيب وعبارات وتشبيهات بعيرية استخدمها النقاد بوعي أو دون وعي، فمنذ المستهل كانت صرخة طرفة بن العبد النقدية الأولى صرخة بعيرية قاتلة بامتياز.
أما عن حضور البعير في المقاييس النقدية المنهجية، فتجلت في طائفة من المصطلحات. أما عن مظاهر حضور الإبل في النقد فأشار بني عامر إلى أنها تركزت في مصطلحات من قبيل التبعية النقدية، إذ ظهرت التبعية في الخطاب النقدي العربي في منحنياته ومفاصله، وقد تجلت من خلال عدد من الآليات النقدية التي هيمنت على العقلية النقدية العربية: كالمفاضلة والطبقات والمشابهة والمقايسة، والغلظة التي تمثلت في الشتائم والتبكيت والحقد الذي تجسد في عناوين المصنفات النقدية ومضامينها والشبق الذي تمثل في الانفعال العاطفي والدفق الفزعوي.
وقد أثارت طروحات الدكتور بني عامر العديد من التساؤلات والنقاشات الجادة التي تعاملت بجدية مع ما قدمه المحاضر.